^ ربما كان من المفترض ألا تتأثر الأمور الخدمية في أحداث البحرين السياسية، لكن كل ذلك جرى. ليس هذا فحسب؛ بل هناك من الجهات الخدماتية من أقحم نفسه في السياسة، وبعضهم الآخر جعلها فرصة للهروب من العمل وتقديم الخدمات للمواطنين حيث الراحة الدعة. مازالت بعض مناطق البحرين تعيش نقصاً في الخدمات، بينما هنالك مجموعة من أعضاء المجالس البلدية لا يعلمون عن أي شيء يدور في دائرتهم، وهم الأشخاص الذين اختارهم الناس كي يقدموا لهم كافة أنواع الخدمات. بلدي لا يرد على استفسارات المواطنين، وآخر يغرد في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) وهذا جلّ همه، وآخر يغطّ في سبات عميق، وبعضهم الآخر ولشدة كسلهم رفع أهل دائرتهم عريضة شعبية موقعة من أهالي الدائرة يريدون خلعهم، لأن بين برامجهم الانتخابية وبين الواقع ما بعد الفوز، مسافة شاسعة جداً هي المسافة بين السماء والأرض. في محاولات جادة لتقصي شكاوى أهالي بعض الدوائر في البحرين عن نقص الخدمات فيها، حاولنا أن نرتب لقاءات صحافية مع أعضاء المجالس البلدية في تلك الدوائر، إلا أنهم وفي كل مرة يرفضون بطريقة غير مباشرة الالتقاء بنا، ويتهربون من الظهور الإعلامي، ليس كرهاً في الأضواء إنما خوفاً من التقصير البيِّن في حق المواطنين. حاولت الالتقاء ببعض البلديين للكشف عن حقيقة ما يجري في دوائرهم والوقوف على نقص الخدمات فيها، في محاولة إنسانية مجردة لتقديم الأفضل لهؤلاء المواطنين، إلا أن العقبة الكبرى التي تواجهنا في كل مرَّة تتمثل في تنصل العضو البلدي من المواجهات الإعلامية، خوفاً من كشف تقاعسه وكسله وغضب ناخبيه عليه، ولهذا يتهرب من مواجهة الواقع في كل مرّة ندعوه للقاء صحافي. يتحدث البعض (والعهدة على الراوي) أن بعض البلديين هم من النشطاء، لكن فقط في جمعياتهم ومن خلال توجهاتهم السياسية، فهناك يردحون ردحاً كل صبح ومساء لإظهار بطولاتهم السياسية، أما فيما يخص عملهم الحقيقي (العمل البلدي وتقديم الخدمات) والذي من أجله انتخبهم الناس، فهم لا يعلمون عنه أي شيء، لأن السياسة شغلتهم عن وظيفتهم الحقيقية. إن تهرب بعض أعضاء المجالس البلدية من الرد على استفسارات المواطنين والهروب من الالتقاء بالإعلاميين، يعزز النظرية الشعبية التي تؤكد أنهم غير متعاونين مع الأهالي، وعليه لا يستحقون البقاء في مناصبهم، لأنهم يستلمون مخصصاً مالياً من الدولة دون أن يكون لهم مقابل ذلك أي مردود في العطاء والخدمات. لا نعلم مدى قانونية وشرعية استلام مخصصات مالية كبيرة لموظفين يعملون في الدولة لكنهم لا يعملون على الإطلاق، ولا نعرف مدى قانونية محاسبة هؤلاء البلديين المقصرين جداً مع من انتخبهم من أهالي البحرين!!. إذا كان هنالك من مخرج حقيقي لهذه الإشكالية القانونية فليفدنا أهل القانون، لأن الناس ضجوا من غيابات بعض البلديين غير المبررة، ونحن على الضفة الأخرى كإعلاميين سئمنا هؤلاء المنتفعين، الذين صعدوا على أكتاف الناس البسطاء حين خرج الشعب تحت حر الشمس في طوابير طويلة لأجل اختيارهم بين كل المترشحين الآخرين لإعطائهم أصواتهم عبر صناديق الاقتراع. إن الاختيارات السيئة جداً لهؤلاء الأعضاء الكسالى لابد أن تعطي المجتمع درساً في (العناية الفائقة) حين اختيار من يمثلهم، وإلا سوف يصاب المجتمع نفسه بجلطة حقيقية يدخل على إثرها العناية المركزة، والسبب كل السبب يكمن في اختيارهم الفاشل وغير المدروس للعضو البلدي الفاشل.