اليوم هو الثالث من مايو 2012 قد يمر على العديد من المواطنين كأي يوم عادي، وقد لا يكون بالنسبة لهم كذلك، والأهم أن السواد الأعظم منهم لن يتذكروا هذا اليوم مستقبلاً، بل يتوقع أن تتذكره الأجيال المقبلة. لماذا؟ من المقرر أن يتم اليوم التصديق على التعديلات الدستورية من قبل جلالة الملك، وهي التعديلات التي كان العديد من القوى السياسية ومكونات المجتمع تطالب بها منذ 10 سنوات، وتم التوافق عليها في حوار التوافق الوطني خلال الصيف الماضي، وطرحت على ممثلي الشعب في السلطة التشريعية الذي أقرها بعد نقاش. وحتى أعضاء مجلس الشورى الذين كان يتوقع منهم أن يرفضوا جانباً واسعاً من هذه التعديلات وافقوا عليها، رغم معرفتهم جيداً بأنها ستنهي العديد من الصلاحيات التي منحت دستورياً لعضو مجلس الشورى المعيّن. لنكن أكثر صراحة، فالتعديلات الدستورية لن تحل الأزمة في البحرين مع وجود أطراف سياسية مازالت تحمل مواقف متشددة وتتعنت في تقديم التنازلات، مقابل وجود سلطة على استعداد لمناقشة كافة وجهات النظر والتوافق معها في حد معين بعد أن اعترفت السلطة بأخطائها وأعلنت تحملها المسؤولية تجاه هذه الأخطاء، واستعدادها لتصحيحها. في حين بقيت الأطراف السياسية التي تمثلها المعارضة الراديكالية متشددة في وجهات نظرها، وليس لديها أدنى توجه للاعتراف بالأخطاء أو تحمل مسؤوليتها تجاه الأحداث التي افتعلتها منذ 16 شهراً. التعديلات الدستورية التي سيتم التصديق عليها اليوم تمثل تطوراً رئيساً داخل النظام السياسي البحريني لأنها تعزز من الإرادة الشعبية في تشكيل السلطة التنفيذية (الحكومة)، وبهذه الخطوة فإن النظام في المنامة سيكون مختلفاً بدرجة كبيرة عن طبيعة الأنظمة السياسية السائدة في بلدان مجلس التعاون الخليجي بما فيها النظام الكويتي. قد يكون اختلاف شكل الأنظمة السياسية في بلدان مجلس التعاون يمثل تحدياً لأي مساعٍ اتحادية فيما بينها، ولكنه لا يعني ألبتة عدم قدرة هذه الدول على الوصول لصيغة اتحادية تحافظ على السيادة الوطنية لكل دولة، وتكوّن منظومة للتكامل الإقليمي أكثر فاعلية من المنظومة الحالية ممثلة في مجلس التعاون الخليجي. لا نتوقع أن يكون تأثير التعديلات الدستورية سريعاً لأنها ستأخذ وقتها في الممارسة والتجربة وستكون أكثر وضوحاً في السلطة التشريعية، وتحديداً في المجلس النيابي الذي سلب مجلس الشورى معظم صلاحياته الرئيسة، وصار مجلس النواب هو الغرفة الأرفع من السلطة الغرفة الأدنى وهي الغرفة المعيّنة. في النهاية فإن الثالث من مايو 2012 يوم تاريخي قد لا يُفهم أهميته وأثره على التطور السياسي إلا بعد فترة من الزمن عندما تترسخ التجربة الجديدة بعد أن صارت التجربة السابقة (الحالية) راسخة.