^ إن كنت في سنغافورة وحدث لك حادث سيارة في الطريق فإنك لا تنتظر رجل المرور وتعطل الحركة المرورية، ما عليك سوى أن تذهب إلى فرع المرور، وإذا بالحادث الذي حدث لك لديهم بالتصوير، فلا ينفع أن تخدع رجل المرور بأن خصمك هو من أخطأ، التصوير بالفيديو لديهم، ولا ينفع أن تتشاجر مع خصمك، فما نشاهده في الشوارع العربية والبحرينية، أبداً لن تراه هناك. هذا النظام موجود منذ سنوات مضت، بمعنى أن الفجوة العلمية والتقنية والتطويرية بيننا وبينهم بفارق كبير، فليت لدينا نظافة شوارع سنغافورة، فحتى مخالفات إلقاء الأوساخ من السيارة موثقة بالصورة والفيديو. لا أعرف هل تأخرنا في الاتجاه شرقاً على حساب الانبهار بالغرب اقتصادياً وعلمياً، والانصياع إليهم سياسياً؟ غير أن الأزمة الأخيرة يفترض فيها أنها جعلت قيادات الخليج ومجلس التعاون يوثقون العلاقات بالشرق اقتصادياً وتجارياً وعلمياً وسياسياً. فقد كانت زيارة جلالة الملك حفظه الله إلى اليابان وتايلند مؤخراً موفقة تماماً في اتجاه تنويع التحالفات السياسية والاقتصادية مع اليابان كدولة في مصاف الدولة الأُولى علمياً واقتصادياً وسياسياً. فالنهضة اليابانية كانت بالتزامن من النهضة المصرية غير أن اليابان كانت قد خرجت وقتها من حرب وهزيمة وقنابل نووية، لكن الشعب الياباني وجّه هزائم اقتصادية كبيرة متتالية للأمريكان، ولو رفع عنهم حظر التصنيع العسكري العلمي لكانت اليابان اليوم تفوق قوتها دولاً كبرى. خيار البحرين الاتجاه شرقاً يحتاج إلى استراتيجيات، وتنويع التحالفات، وهذا ما يفعله اليوم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد في زيارته إلى الجمهورية الكورية كعملاق اقتصادي وأنموذج لنهضة شعب وصناعة وثقافة وعلم، وهذا التوجه فيه من الذكاء السياسي ما فيه، لذلك نشجع أن تنوع البحرين تحالفاتها شرقاً، ونحسب أن ذلك سيعود على البحرين بالخير اقتصادياً وعلمياً وسياسياً خاصة إذا ما تم الاتفاق على أن تنقل شركات كبيرة في تلك الدول مقراتها الإقليمية إلى البحرين، أو أن تفتح لها فروعاً لمصانع كبيرة، أو أن تدرب الشباب البحريني على تقنية المعلومات والصناعة المرتبطة بهذه الصناعة التي تغزو العالم. لا أعرف هل تم الاتفاق مع هذه الدول على تطوير الصناعات البديلة في البحرين (السيارات الكهربائية أو الشمسية، الطاقة الشمسية لمحطات الطاقة، تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالبحرين) فهذا شيء جميل لو أن لدينا مصنعاً لسيارات كهربائية يقلل الاعتماد على البنزين. ويخفض سرعة السيارات في الطرقات. لا أعرف هل هناك زيارة مرتقبة لقادة البلاد إلى الصين والهند، على اعتبار أن البحرين لديها علاقات قوية بماليزيا وسنغافورة، فالصين ليست عملاقاً اقتصادياً ينازع الأمريكان على الزعامة العالمية وحسب، إنما القوة السياسية والعسكرية لجمهورية الصين جعلت العالم يخطب ودها، فلها حضور قوي بمجلس الأمن وبالقدرة على منع قرارات أممية كما هو حاصل في سوريا. الاتجاه شرقاً ليس للتجارة والصناعة، إنما حتى من أجل تطوير الزراعة المحلية، وتطوير طريقة الري، وما يمكن أن يتم زراعته لدينا دون تربة، فالصين وغيرها لديهم تجربة كبيرة في هذا الشأن. زيارات قادة البلد جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد إلى دول الشرق محل تقدير، وهي خيار استراتيجي ذكي ومطلوب (خصوصاً والبوصلة الاقتصادية تتجه نحو دول مثل الصين، والهند، واليابان، وكوريا، وتركيا، والبرازيل) هذه الدول قد تصبح في غضون سنوات بسيطة دولاً في الصف الأول اقتصادياً عطفاً على ما يمر به الغرب من أزمات اقتصادية. كل ما نتمناه هو أن نرى على أرض الواقع ما تحقق للمواطن والدولة من اتفاقات مع هذه الدول تسهم في تنويع الاقتصاد وبناء صناعات جديدة قوية، وتسهم في تنويع فرص العمل ورفع مستوى الدخل للفرد.