في يوم الأحد بتاريخ 19 يناير 2012، وبينما كنت أمشي في الطريق، فاجأني أحد الشباب المتهورين وهو يقطع شارعاً فرعيّاً بسرعة لا تناسب الشارع، فصدمني ورقدت على إثرها في المستشفى نحو أسبوعين، أنا بخير الآن والحمد لله، وصحتي في تحسُّن، وذلك بفضل من الله سبحانه وتعالى. لقد مررت بتجربة فريدة طيلة الأيام المنقضية، أخذتني إلى البحرين التي أعرفها، والتي يعرفها الجميع، فصورة الصدمة والألم والقلق سرعان ما تلاشت أمام صورة النخوة والأخوة والشهامة والكرم. ليس خافياً على أحد أن الأزمة التي مرَّت بها مملكتنا الحبيبة اختطفت الصفاء من أجوائنا، وتراكم الغبار على علاقات المجتمع وأحاسيسهم، لكن أصالة البحرينيين وإرثهم الثقافي سرعان ما يظهران. لقد اجتمع في غرفتي بمستشفى السلمانية الطبي أهل البحرين الطيبون، بتنوعهم الجميل واختلاف مشاربهم ومذاهبهم، فكان الشيعيُّ والسنيُّ يصطحبان إلى زيارتي.. ووسط هذه الأجواء الحميميَّة والأخَّاذة تبرز الأصالة الخليفية والكرم الخليفي والأخلاق الخليفية.. سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان يتابع شخصيّاً تطورات حالتي الصحية، وسمو الوالد الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة كرَّر زياراته التي أخجلتني، فقد جاءني سموه فور تلقِّيه الخبر، وأنا في قسم الطوارئ، يرافقه نجله الشيخ محمد بن عبدالله. وسمو الشيخ علي بن خليفة كان يتابع حالتي الصحية ويبلغني تحيات والده الكريم. والشيخ خالد بن عبدالله كذلك زارني للاطمئنان عليَّ وأبدى استعداده لتقديم أي تسهيلات تستدعيها حالتي الصحية، وكذلك أخوه الشيخ إبراهيم بن عبدالله لم يقصِّر وجاءني إلى المستشفى. وهكذا انتظمت جواهر العقد البحريني الأصيل، وتنادت الأخلاق العربية والإسلامية السامية. وفي هذا المقام، أجد نفسي عاجزاً عن إيفاء كلمات الشكر والامتنان إلى الحب الذي غمرني به أحبتي.. فألف شكر وتحية وامتنان لسمو رئيس الوزراء ونجله الكريم، وألف شكر وتقدير لسمو الشيخ عبدالله بن خالد وأنجاله الكرماء، وألف شكر لأحبتي وإخوتي وزملائي الذين تجشَّموا عناء زيارتي في المستشفى، أو اتصلوا للاطمئنان عليّ. والواجب يحتِّم عليّ توجيه الشكر والتقدير إلى وزير الصحة صادق الشهابي على زيارتي ومتابعته المستمرة لحالتي، كما أشكر الدكتور القدير عبدالعزيز محمد على الرعاية التي أولاني إياها. نعم، هذه هي البحرين، مملكة الأصالة والأخلاق والكرم، وحري بنا أن نزهو بها، بحكومتها وشعبها، بحضارتها وإرثها، بتلاحم أبنائها ونخوتهم.. أسأل الله تعالى أنْ تعود لنا بحريننا الجميلة، وناسها الطيبون، وأنْ يجتمع أهلها على كلمة سواء، وأسأله أنْ يحفظ قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب الجلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، ويأخذ بأيدينا جميعاً لما فيه الخير والصلاح. حمى الله البحرين وأعزها، ولا أرى أهلها مكروهاً.

جعفر الصيرفي مدير الشؤون البشرية والإدارية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية