أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، أن البحرين واجهت حملة إعلامية ظالمة لتشويه الحقائق والتحريض على العنف، وقال “لا مساس بحق أبناء الوطن في التعبير عن الرأي ولا سقف لحرياتهم سوى ضمائرهم المهنية ومسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية”. وأضاف في رسالة وجهها للصحافيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن المنابر الإعلامية ستبقى مفتوحة أمام الجميع حفظاً للتنوع الفكري والثقافي في المجتمع، لافتاً “لن نقبل أن يتعرض صحافي للإهانة أو الاعتقال أو الحبس بسبب التعبير عن الرأي”. ووجه عاهل البلاد المفدى السلطتين التشريعية والتنفيذية لإقرار قانون شامل ومتطور للإعلام البحريني، يشمل إنشاء مجلس أعلى للإعلام يعزز استقلالية المهنة ويواكب تغيرات تكنولوجيا الاتصال. وقال جلالته إن المشروع الإصلاحي يظل دوماً بحاجة لكلمة حرة وأفكار بناءة تنشد التطوير لا الهدم، وتدعو للتسامح والوحدة الوطنية ولا تُحرّض على الفرقة والكراهية. ونصّت الرسالة “يسرنا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أن نهدي الأسرة الصحافية والإعلامية في البحرين أسمى آيات التحية والتقدير على جهودهم المخلصة في تنمية روح المواطنة، وترسيخ قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعم خطط الإصلاح والتنمية الشاملة والمستدامة. ونؤكد اعتزازنا برواد الصحافة البحرينية الذين حملوا على عاتقهم بناء الإعلام البحريني الحديث على أسس من التنوع والتعددية والمصداقية، وتقديرنا لأصحاب الأقلام الحرة والموضوعية، والأصوات الوطنية الصادقة والنزيهة، والكوادر الإعلامية المبدعة التي تضع مصلحة البحرين وتقدمها وازدهارها فوق أي اعتبارات مادية أو أيديولوجية أو طائفية. إن تقدم حرية الصحافة وازدهارها يمثل مؤشراً على حيوية مشروعنا الإصلاحي واستدامة إنجازاته التنموية والحضارية، فلا مساس بحق أبناء الوطن في التعبير عن آرائهم، ولا سقف لحرياتهم وإبداعاتهم سوى ضمائرهم المهنية ومسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية، ومراعاتهم لوحدة الشعب ومصالحه العليا وفقاً للدستور والقانون. من دواعي فخرنا أن يأتي احتفال هذا العام بعنوان “الأصوات الجديدة.. إسهام حرية الإعلام في تحويل المجتمعات”، متزامناً مع اختيار المنامة عاصمة للصحافة العربية لعام 2012، ومواكباً مع تحولات إيجابية يشهدها مجتمعنا البحريني في إطار مشروعنا الإصلاحي المتواصل لأكثر من 10 سنوات على صعيد ترسيخ سيادة القانون والإصلاح السياسي والدستوري والانفتاح الإعلامي والثقافي. نؤكد انحيازنا التام والدائم إلى حقوق الصحافيين والكتّاب والإعلاميين ومؤسساتهم في أداء رسالتهم السامية دون تهديد أو مضايقة، ولم ولن نقبل في عهدنا أن يتعرض صحافي للإهانة أو الاعتقال أو الحبس بسبب ممارسة حقه القانوني والدستوري في التعبير عن الرأي، وستبقى جميع المنابر الإعلامية ـ كما كانت ـ مفتوحة أمام الجميع، تقديراً لدورها البارز في التوعية والرقابة والمساءلة، وحفاظاً على التنوع الفكري والثقافي في المجتمع، وحق النقد والاختلاف. إن الحريات الإعلامية ستدخل مرحلة أكثر تقدماً من التعددية والاستقلالية واحترام الرأي والرأي الآخر بعد إنجاز الحكومة الرشيدة لمرئيات حوار التوافق الوطني، وتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وأهمها إقرار السلطة التشريعية للتعديلات الدستورية، وتطوير القوانين والتشريعات بما يعزز حرية الرأي والتعبير، بالتوافق مع أرقى المعايير الحقوقية العالمية. ونحيي في هذا الخصوص مبادرات هيئة شؤون الإعلام نحو تطوير التشريعات الإعلامية، وتعزيز القيم الوطنية المشتركة، وتنمية الموارد البشرية، وتطوير البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والتوجه نحو إنشاء مدينة متطورة للإنتاج الإعلامي، وتشجيع الاستثمار في الحقل الإعلامي، ضمن استراتيجية طموحة لتعزيز قيم الاحترام والالتزام والجودة والإبداع في الأداء الإعلامي، وفق مبادئ قائمة على المصداقية والحرية والعدالة والتنافسية. ونوجه السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى متابعة تنفيذ هذه المشروعات التطويرية، والتنسيق في إقرار قانون شامل ومتطور للإعلام البحريني المقروء والمرئي والمسموع والإلكتروني، يشمل إنشاء المجلس الأعلى للإعلام، ويعزز مهنية واستقلالية دور الصحافة والنشر والإعلام، ويحمي حقوق الصحافيين والمجتمع، في إطار من الشفافية وحق تداول المعلومات والحرية المسؤولة، ويواكب التغيرات الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات. وفي ظل أهمية الدور الوطني والإنمائي للصحافة، نؤكد أهمية التزام كافة أعضاء الأسرة الصحافية والإعلامية بمبادئ ميثاق الشرف الصحافي، الذي دشنته جمعية الصحافيين البحرينية، والمشاركة الفاعلة في انتخابات الجمعية، من أجل تعزيز التوافق الوطني وتوحيد الجسم الصحافي والإعلامي، متمنين للجمعية ونادي مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية التوفيق في أداء مهامهم، وخدمة تطلعات الوسط الإعلامي. إن مشروعنا الإصلاحي سيظل دائماً بحاجة إلى الكلمة الحرة والصادقة، والأفكار البناءة التي تعبر عن ضمير الوطن وهويته الثقافية والحضارية، وتنشد الإصلاح والتطوير، لا الهدم والتخريب، تحرص على مصلحة الوطن وجميع أبنائه، وتدعو إلى التسامح والوحدة الوطنية، ولا تحرض على الفرقة والكراهية، وتعرض الحقائق وتلتزم بآداب وأخلاقيات العمل الإعلامي، ولا تبث الأكاذيب والمغالطات وتشوه المنجزات والإصلاحات المحققة. تلك هي الأصوات العقلانية التي تستحقها البحرين، لا الأصوات الانفعالية والتأزيمية، وكان جلياً تعرُّض البحرين لحملات إعلامية موجهة وظالمة في بعض وسائل الإعلام الأجنبية، تضمنت تشويهاً للحقائق وتحريضاً على العنف والتخريب والكراهية والعداوة بين أبناء الوطن الواحد، بما يخالف كافة التعاليم الدينية والأعراف الأخلاقية والمواثيق والعهود الدولية، نتيجة لانحيازها إلى آراء مغلوطة ومصادر بعينها تفتقد للدقة والمصداقية، وتهميش باقي آراء المجتمع البحريني. إن اليوم العالمي لحرية الصحافة مناسبة دولية تؤكد خلالها البحرين تمسكها بمبادئ “إعلان ويندهوك” نحو وسائل إعلام حرة ومستقلة وتعددية، وتجدد دعوتها إلى المؤسسات الإعلامية في جميع أنحاء العالم بالتزام الأمانة والمصداقية، والتحلي بالحيادية والموضوعية، ودعم الحوار والتعايش السلمي بين جميع الثقافات والحضارات، آملين اتخاذ المجتمع الدولي لإجراءات حاسمة بوقف أي دعوات هدامة إلى الفرقة والعداوة والكراهية، ومنع أي تحريض على العنف والإرهاب، من أجل عالم أفضل يسوده الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار. وفقنا الله جميعاً لما فيه خير وصالح البحرين، ومواصلة نهضتها التنموية وإنجازاتها الديمقراطية والحقوقية، بما يلبي طموحات جميع أبناء الوطن في مملكة دستورية عصرية ومشرقة”.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90