^   بلدان مجلس التعاون الخليجي أعلنت إغلاق بعثاتها الدبلوماسية العاملة في العاصمة السورية دمشق وسحب دبلوماسييها ودعت كافة مواطنيها إلى المغادرة الفورية من الأراضي السورية بسبب المجازر وتدهور الأوضاع الأمنية هناك نتيجة طريقة تعامل حزب البعث الحاكم. هذه الخطوة تعد تمهيداً لخطوات سياسية أكبر مقبلة عادة، ولكن هذه الخطوات يجب ألا تكون بمبادرات غربية أو من خلال مجلس الأمن أو حلف شمال الأطلسي، بل يجب أن تكون نتيجة قرار صادر عن جامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو حتى قرار منفرد يمكن أن يعطى طابعاً دينياً وحينها ستغيب فكرة الشرعية عن مثل هذا القرار السياسي. الخطوات المقبلة التي نتحدث عنها تتطلب تدخلاً عسكرياً في الأراضي السورية على غرار ما حدث في ليبيا خلال حكم الرئيس السابق معمر القذافي، ولكن هذه المرة ليس بتدخل غربي، وإنما تدخل عسكري خليجي أو عربي أو حتى إسلامي. دول الخليج، وتحديداً بلدان مجلس التعاون الخليجي ليست بحاجة إلى قرار صادر عن الأمم المتحدة حتى تقوم بالتدخل العسكري هناك، بل المسؤولية الوطنية تتطلب التدخل الفوري، ولا أعتقد أن هناك معارضة أو تحفظ شعبي على مثل هذا القرار سواءً بالنسبة لدول المجلس أو للدول العربية الأخرى باستثناء دولة معروفة مثل العراق. عام كامل مضى على الأزمة السورية وراح ضحيتها الآلاف وبعدها لا يمكن الانتظار على أمل أن الإصلاح قادم في الطريق من خلال تعديلات دستورية أو استفتاءات مزيفة، أو توجيه الاتهامات إلى عصابات أو جماعات إرهابية. الوضع لا يستدعي انتظار هذا كله، بل يتطلب تدخلاً عسكرياً سريعاً من خلال الأراضي الأردنية، أو الأراضي التركية، خصوصاً وأن الأتراك هم المتضرر الرئيس لما يحدث في دمشق بعد الشعب السوري نفسه. مثل هذا القرار بلاشك له مخاطره لأنه يمكن أن يؤدي إلى شكل من أشكال الحرب الإقليمية، ولكن إذا كانت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط تستدعي شكلاً متقدماً من الصراع لتغيير أوضاع معينة، أو تصحيحها إن صح التعبير، فإنها قد تكون ضرورة حتمية ومطلوبة. قد تكون وجهة نظري تقوم على نعرة راديكالية، ولكنني أعتقد أن مقتضيات السياسة في الشرق الأوسط تتطلب تعديلاً سريعاً لحسم مسارات صراعات متعددة مازالت غير محسومة حتى الآن.