^   تغدو حكايات بعض المعلمات اللواتي أوكل إليهن تربية وتعليم الأجيال تظهر على السطح اللآ أخلاقي متجاوزةً حدود كل الأعراف والقوانين والقيم الدينية التي تربى عليها مجتمعنا الإسلامي، إذ إنه وخلال أقل من شهرين تتناقل الناس أخبار بعض القصص المشينة التى يندى لها الجبين ويشيب لها الولدان، والتي نشرت في الإعلام والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي كان أبطالها مربيات يفترض فيهن القدوة الحسنة والاستقامة في الأخلاق والتربية السليمة، فتلك المعلمة التي أساءت لدينها واعتدائها الصارخ على حقوق طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره، والأخرى أساءت لكل القيم الأخلاقية وأصبحت كالبهيمة تقاد تحت جنح الليل الى أماكن غير بيتها ومع عشيقها، إذ يتوجب أن يتحلى المعلم الشريف والمحافظ على سمعة المهنة المقدسة، قبل السمعة الشخصية بصفات أخلاقية لا تخالطها أية شبهات، وهنا لا بد من طرح السؤال: كيف لأولياء أمور الطلبة أن يأمنوا على فلذات أكبادهم وهم في أيادٍ غير أمينة وغير سوية؟. حقيقة نحن نحتاج إلى نفس طويل لنستوعب هذا التغيير في أخلاقيات بعض المعلمات، اللاتي يفترض بهن أن يمثلن دور الأم والأخت والمربية الفاضلة، لا أن تكون محور الشر والرذيلة في أقدس مهنة عرفها التاريخ. ونحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في آلية التوظيف؛ فليس بالشهادة الأكاديمية وحدها يتم التعيين؛ إذ يجب أن يُطلب من المتقدم إلى الوظيفة آداء اليمين بصيغة الحلف على كتاب الله بأن يحترم المهنة وأن لا يحيد عن المنهج الدراسي المعتمد من قبل الوزارة وأن يحافظ على النشء والطلبة الذين بين يديه وأن لا يتعامل معهم إلا كمربٍ فاضل ولا يسيء لهم ولا يهين كرامتهم، وأن لا يفرض عليهم دينه أو مذهبه، وأن لا يبوح بأسرار المهنة أو درجات ونتائج الطلبة، وأن يكون المدرس خارج المدرسة يمثل الاستقامة السوية بين أفراد المجتمع، على أن يكون عقد العمل مشروطاً بإعطاء جهة العمل الحق في إحالة المدرس المخالف إلى النيابة العامة وتطبيق كافة العقوبات الواردة في قانون العقوبات عليه بعد تطبيق الجزاءات الإدارية من الإنذار والتوبيخ والفصل من العمل، وأن يشتمل العقد بشرط فاسخ صريح في حالة الإخلال ببنوده وخاصة الأخلاقية والاعتداء والتحرش الجنسي، وأن لا يرافق الطلبة خارج أسوار المدرسة في الرحلات أو دروس خصوصية في المنازل، و أن لا يخل بالقسم المهني الذي أداه أمام المسؤول المختص بوزارة التربية والتعليم. فلا يختلف الطبيب والمحامي والقاضي وعضو النيابة العامة عن المدرس في المهنة الإنسانية، حيث إن للجميع قسماً خاصاً يؤدونه قبل ممارسة المهنة، وكذلك العسكريين لهم قسم خاص للذود عن الوطن والمحافظة على شرعيته وأسراره، لهذا يتوجب على المسؤولين بالوزارة إعادة النظر في آلية التوظيف سواء البحرينيين أو الأجانب، وأن تكون هناك معايير للتوظيف أولها السمعة الأخلاقية، ومن ثم تأتي المعايير المعتادة لشغل هذه الوظيفة الإنسانية، ولا مانع من قياس حالاتهم النفسية من قبل لجنة من أطباء نفسيين وشرعيين وعلماء نفس واجتماع يخضوعنهم لاختبارات نفسية دقيقة وقراءة مكنوناتهم الدفينة لاستخراج ميولهم ومدى استقامته، والبحث في سجلاتهم الطبية منذ الصغر لمعرفة ما مدى انحرافهم أو استقامتهم، وما مدى تقبلهم للآخر والخضوع تحت أوامرهم وعدم التمرد، وما مدى تحملهم للطلبة الصغار والمراهقين بكل تلاوينهم الاجتماعية، والسؤال عن توجهاتهم الأيدلوجية وانتماءاتهم الدينية والرياضية والاجتماعية والثقافية والسياسية، إذ يجب أن يخضع المتقدم لهذه الوظيفة لمعاييرالتوظيف في هذه المهنة السامية، وأن لا تترك للوساطة ولا للمحسوبية طريقاً، لأن هذه المهنة لها من القدسية والطهارة ويجب أن يخضع المشتغل فيها إلى مثل هذا التدقيق الشامل لشخصيته وبيئته حتى يكون المعلم فعلاً رسولاً. فالجريمة للمعلم أو المعلمة واحدة سوى كانت داخل أسوار المدرسة أو خارجها، فلباسها واحد وإن تغير الفستان إلى ثوب وغترة وعقال أو بدلة بالكرافته، والجاني واحد والضحية واحدة كلهم يشكلون عناصر الجريمة التى تهز أركان المجتمع، وكلهم يسيئون إلى أطهر وأقدس مهنة عرفها التاريخ عبر البشرية، لهذا نتوجه إلى معالي وزير التربية والتعليم بأن يباشر تعديل وتغيير آلية التوظيف، وأن يدخل تعديلات جذرية في عقد العمل، وأن يكون هناك قسم مهني يؤدى قبل مباشرة المدرس لمهنته سوى في المدارس الحكومية أو الخاصة أو الحضانات والروضات، وأن يشتمل العقد إلى جزاءات تخضع لقانون العقوبات وليس الاكتفاء بجزاءات قانون الخدمة المدنية، إذ لا يمكن مساواة هذه المهنة الشريفة الراقية بمهن أخرى تخضع لقانون الخدمة المدنية أو قانون العمل لا يستدعى فيها ذلك القسم المهني.