^ الأسبوع الماضي انتشر كلام عن حوار متوقع بين الحكومة والوفاق ومن معها من جمعيات سياسية مرخصة وعن وسيط بين الطرفين، تلاه تصريحات هنا وهناك ملخصها أن الدخول إلى الحوار سيكون دون شروط، ثم تصريحات مضادة من الجهات التي وجدت نفسها خارج الحسبة رغم أنها في كل الأحوال طرف لا يمكن أن يكتمل الحوار من دونه. ما تم تناقله من كلام رغم كل شيء ورغم تحفظ البعض عليه واختلاف في التفاصيل بث في النفوس الأمل بأنه لايزال هناك متسعاً للعقل كي يتحرك وينقل الناس إلى حيث بوابة الخروج من هذه الأزمة التي لا تستحقها البحرين، والتي تسببت في تقسيم النفوس التي ظلت متصافية زمناً طويلاً فصاروا ميمنة وميسرة لكن دون قلب، لينبري من “المعارضة” نفسها من يصرخ عبر السوسة الإيرانية (فضائية العالم) أن من يقول بقبول حوار دون شروط ينبغي الوقوف ضده وعدم السماح له بالدخول في حوار كهذا لأنه لا بد من شروط، وأن الشروط كثيرة أهمها إعادة الأوضاع في البلاد كما كانت قبل الرابع عشر من فبراير 2011 وهو ما يغلق الباب أمام حتى فكرة الحوار ويمنع من ثم الدخول فيه. انقسام “المعارضة” هكذا يضر بها قبل أن يضر بالبلاد، فهي تبدو مفككة وتعاني من اختلافات تضعفها أو بالأحرى تزيدها ضعفاً ويظهرها بمظهر السياسي غير المحنك ويظهرها على هيئة أنها لا تمتلك رؤية سياسية، وإلا لما حصل مثل هذا “التلاسن” فيما بينها وبالتالي فهي منقسمة على نفسها. هذه الحال التي صارت فيها المعارضة فأكدت أنها على قسمين (ناعم وخشن)، وأن خلافاً واختلافاً بينهما في الرؤية كبير يبشر بسهولة ضربها وتفتيتها ولكنه في المقابل يفتح الباب على مصراعيه لاستنفار الخشنة منها وطلب المزيد من الدعم من الجهات الداعمة لها وإن على غير استحياء هذه المرة، وهذا يعني أن معركة كسر عظم مقبلة نتيجتها تسجيل البحرين في قائمة الدول التي لا تعرف الاستقرار. إن كانت “المعارضة” الناعمة والمتمثلة في الجمعيات الخمس بقيادة الوفاق جادة في توجهها نحو الحوار فإن عليها أولاً أن تحسم موقفها من أولئك الرافضين لأي حوار ممن يستترون في رفضهم تحت مظلة الشروط غير الواقعية، وعليها ثانياً أن تحسم وضعها مع الجمعيات السياسية الأخرى التي لا يكتمل الحوار المنشود من دونها، خصوصاً بعدما صارت طرفاً مشاركاً لا مراقباً كما كانت في فترات سابقة، ثم عليها ثالثاً أن تبدي حسن النوايا وتستجيب لأي طلبات تؤدي إلى الدخول في الحوار وعدم اعتبار تلك الطلبات شروطاً، حيث الاستمرار في الحلقة نفسها لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، وهذه الرسالة موجهة أيضاً إلى الأطراف الأخرى المندرجة تحت عنوان المعارضة الناعمة. أما أولئك الذين إن لم يجدوا ما يرفضونه أو يحتجون عليه رفضوا أنفسهم واحتجوا عليها فلا بد من إيقافهم عند حدهم من قبل المشتغلين في المعارضة قبل الحكومة، لأنهم يفسدون كل خطوة يمكن أن تقوم بها الأطراف المعتدلة والحكومة، خصوصاً وأنهم بعيدون عن العمل السياسي الحقيقي ويفتقدون لمثل هذه التجربة والخبرة التي يمكن أن تؤهلهم للتفاعل مع هكذا مشاريع. إن كانت المعارضة الناعمة والمتمثلة في الجمعيات السياسية جادة بالفعل في توجهها فإن عليها أن تعلن موقفها من تلك المعارضة التي ربما يفرحها أن يطلق عليها لفظة “خشن”، تماماً مثلما أن عليها أن تتوافق مع الجمعيات السياسية الأخرى التي لا يمكن تجاوزها حين الإقبال على أي حوار مع الحكومة. إن كانت النوايا صادقة فلتجلس “المعارضة” مع الحكومة دون شروط وليسجلوا أسماءهم في سجل التاريخ.