لا ندري حقيقة مدى إدراك الجانب الأمريكي لتركيبة “الوفاق” وتعقيداتها منذ بداية دعمكم لها، أم إنكم تكتشفون تلك التعقيدات الآن فقط؟ فتلك التعقيدات التي يعاني منها الصف الأمامي الجالس مقابلكم ستحول دون دعوتكم ومحاولتكم لعب دور الوسيط معها، وستقف حائلاً أمام أي مخرج أو حل تجدونه لها، وما لم تتعاملوا مع تلك التعقيدات بواقعية فإنكم إنما تضيِّعون وقتكم ووقتنا. فهناك تعقيدات أيديولوجية بالدرجة الأولى هي التي تحول بين قرار من تجتمعون معهم تحت مسمى (المجتمع المدني) وبين قراركم، “الوفاق” عبارة عن ائتلاف من عدة عمامات أكبرها عمامة عيسى قاسم. فهو صاحب الكلمة العليا والنهائية على بقية العمائم التي تصغر في حضرته. ويأتي موقع الأفندية بعد العمائم الصغيرة بصف طويل، فأصغر عمامة -وهي الأمين العام لجمعية الوفاق- تقول إنها خادمة لعيسى قاسم، فقيسوا على أهمية من اصطف أمامكم، واحكموا بعد ذلك على جدوى اجتماعكم إن كان ذي مغزى أم لا. إنه اجتماع بلا طائل يندرج تحت باب ما تسمونه (بلا بلا بلا)، فالقرار عند صاحب العمامة، وصاحب العمامة وكيل شرعي لخامنئي، والقرار النهائي عند صاحب التوكيل. وحين يقولون لكم سنعود للأمانة العامة فهم في واقع الحال يعودون للعمامة العامة لأخذ رأيها النهائي. هذه ليست تخرصات ولا شماعة تؤخر أو تعوق أو تعقد مساعيكم للحوار، صدقوني نحن نتمنى لكم التوفيق إنما البحرين كلها والعالم العربي والأوروبي والوفود الأمريكية، بما فيها فيلتمان الذي حضر العام الماضي، يعرف أن كل من اجتمعتم معهم لا يزيدون عن كونهم أصفاراً على الشمال. فيا عم سام بلا مجتمع مدني بلا بطيخ، أنتم أول من يعرف أن كل من حضر معكم الاجتماع إن تكلمت العمامة فكلهم يأكلون...!! من تعتقدون أن له الرأي الأول و الأخير في رفض الحوار أيام الدوار؟ من تعتقدون رفض ورقة ولي العهد في 13 مارس العام الماضي؟ من تعتقدون رفض الخروج من الدوار؟ من تعتقدون رفض وساطات كل الذين حاولوا قبلكم؟ إنه وحده صاحب القرار والبقية خدم له.. قالوها بلسانهم. ليس بينهم رجل يحمل مسؤولية الخروج من المأزق الذي أوقعهم فيه صاحب العمامة، أو يملك الجرأة لأخذ زمام المبادرة، ليس بين الذين جلستم معهم واحد صاحب قرار. ألا تعتقدون أن هناك من حاول منهم أن يخرج عن النص؛ نعم وجد ونحن نشفق عليه لأنه ترك وحده وتخلى عنه رفاقه يصارع أمواج اللطم التي اصطدم بها، هناك مجموعة أفندية بينهم مساكين حاولوا أيام الدوار ويحاولون الآن، لكن هيهات، فكلما حاول أحد منهم التنصل من صاحب العمامة ونصح الجماعة بالخروج من عباءته ألب صاحب العمامة عليه الجموع وبكى لهم على المنبر، وقال ما أنا إلا خادم لكم و.. و.. و.. و..، فينقلب الموقف لصالحه، و(لعن خير أبو) من حاول أن يجد للجماعة مخرجاً بعيداً عن عمامة السيد، فيكفر ويعزل ويقصي ويهدد فيتوب ويعود للحضن الدافئ يبوس القدم ويبدي الندم. إنها لعبة يتقنها منذ زمن ولا يستطيع أحد الخروج عن أصول اللعبة التي يحددها هو (أكثر الذين يستحقون الشفقة هم السيدات وأصحاب البدل، فهم صفر ما بعد الصفر الأول) بلا قيمة، حتى (مس ببيت) لها القدرة على الخيار أكثر منهم! أقول هذا القول مع احترامي لشخوصهم، ولكنني أتحدث عن جانب محدد وهو القرار النهائي فيما يتعلق بالأوضاع بالعنف بالحوار بالمصالحة، الجواب النهائي لا يملكونه كلهم. خلاصة القول ما لم يدن صاحب العمامة العنف بصريح العبارة فلن تجد رجلاً واحداً منهم يجرؤ على إدانة الإرهاب والتبرؤ من العنف، وأتحداهم أن يخالفوه بكلمة، الإرهاب ورقته التي يريد أن يحاور بها وبدونها لا ورقة لديه، فإن كافأتم الإرهاب في وطنكم وتحاورتم معه فسنكافئه نحن في وطننا. الإشكالية الثانية عند صاحب العمامة الذي لم يخرج من الدراز تتعلق بذلك العالم الافتراضي الذي يعيشه، ويجبر الجموع على الدخول معه في فقاعته، فصاحب العمامة يعتقد جازماً أنه لا أحد في البحرين غير جماعته وما عداهم شكليات وهوامش، ليست هناك طوائف أخرى، ليست هناك قوى سياسية أخرى، ليس هناك أصحاب مصالح آخرين، لذلك لن تجد منهم رجلاً واحداً يجرؤ على الدعوة للمصالحة أو الجلوس على طاولة الحوار مع مكونات الشعب البحريني الأخرى، ليس بينهم رجل يملك جرأة الاعتراف بالآخر إلى أن يعترف السيد بهم ويأذن لهم، فكلهم يقولون لكم سنعود (للأمانة) وهي كلمة السر التي يقصدون بها سنعود للعمامة. أأزيدكم من الشعر بيتاً.. صاحب العمامة رهن بمعتقدات أيديولوجية غاية في التعقيد يصعب عليكم فهمها ولا نحن نفهمها، معتقدات أيديولوجية لها تأثير كبير على قراراته، فهي التي تحدد له من هو مؤمن ومن هو غير مؤمن، ووفقاً لهذا التصنيف سيترتب موقع القرار وكيفيته. فليس هناك مبادئ عامة تنطبق على الجميع؛ بل البشر درجات بمن فيها أنتم، ولكل درجة قيم ومبادئ خاصة بهم، كما إن هناك نظرية خاصة (بالمخلص) هي الأخرى تنعكس سلباً أو إيجاباً على القرارات المعاصرة والخاصة بكل تفاصيلنا اليومية، بما فيها الحوار وإدانة العنف وتمرير قانون الأحوال الشخصية وتمكين المرأة وتمكين الليبراليين، وكذلك العلاقة معكم ومع أسطولكم مستقبلاً وغيرها من الأمور والترتيبات، وكل من اجتمعتم معهم لا يستطيع رجل (مشورب) فيهم أن يقول يمين إذا قال صاحب العمامة يسار. الخلاصة أنكم اجتمعتم مع جماعة هزلية (ببيت) فيما يتعلق بالقرار، مرهونة للعالم الذي يعيش في فقاعته ومصمم على المضي قدماً وفقاً لمعتقداته الدينية حتى لو أدى ذلك لانتحار جماعي، أنتم تجتمعون مع واجهة للمرجعيات الدينية الراديكالية ولا يغرنكم كل بدلاتهم ونسائهم، فهم جميعاً لا يملكون من أمرهم شيئاً، فلا تضحكون على أنفسكم أو علينا بقولكم إنكم تجتمعون مع (المجتمع المدني)... هههههه مجتمع مدني!!!
970x90
970x90