كتب ـ حسين التتان: الوطن أغلى أم الحزب؟ هل تصون الأحزاب مصائر الأوطان أم الأوطان تصون مصائر الأحزاب؟هل الوطن يخدم الحزب أم الحزب هو الذي يخدم الوطن؟ وهل وجدت الأوطان من أجل الأحزاب أم العكس؟ هذه أسئلة تتطلب إجابات واضحة بعد أنْ بدأت بعض الأحزاب والجمعيات، تحقيقاً لمصالحها الضيقة، تضر بوحدة الأوطان.حيث أصبح حب الزعامة والظهور وراء محاولة نشر الخلافات والفتن. ففي الوقت الذي تحتاج البحرين، مثلاً إلى أنْ تتوحد، وتتوحد معها أطيافها وأحزابها وجمعياتها وكتلها السياسية كافة، نجد أنه كلما كثرت التوجهات السياسية والحزبية، وزادت الائتلافات والتجمعات بين فصائل القوى السياسية زاد التفرّق والتنافر بيننا. والتنافس والتصارع على كرسي أو على زعامة التيارات السياسية، خاصة بعد الاندماج والائتلاف، يعطي مؤشراً خطراً على أنَّ البحرين ليست أولاً، وأنَّ مصلحة الوطن تأتي بعد مصالحنا الشخصية. بعض السياسيين متهمون اليوم بالصراع على منصب التيار أو الجمعية السياسة التي ينتمي إليها، وعلى السياسي المتهم أنْ يثبت العكس لكي تزول عنه التهمة، فالكثير من المؤشرات تشير إلى دخول بعض قيادات الجمعيات السياسية في صراعات من أجل زعامة هنا أو كرسي هناك. حب الظهور لكن السؤال هنا: هل سينقاد البحرينيون كما انقاد العراقيون خلف قياداتهم الحزبية، حتى ضاع الوطن؟ وما رأي المواطن بهذه الصراعات الناشبة اليوم لدى بعض السياسيين حول الزعامة وحب الظهور لسواد عيون الرئاسة لا لسواد عيون الوطن؟ وأخيراً ما الحل للخروج من مصلحة الحزب إلى مصلحة الوطن؟. المواطنون يؤكدون الصراع قبل أنْ نتوجه إلى أيِّ طرف من الأطراف السياسية لمعرفة ما يدور في كواليس الجمعيات السياسية من صراع، نزلنا إلى الشارع نستقرئ رأيه فيما يحصل، وهل ما نقوله محض افتراء أم أنه الواقع الذي لا يمكننا نكرانه؟ حين التقينا المواطن الحاج جاسم العسيري من منطقة البديع، رأيناه يصر على أنَّ جميع الأحزاب السياسية مصيرها الزوال، وأنَّ الذي يبقى هو وحدة الشعب الذي يقول كلمة الوحدة. يقول العسيري: أنا على يقين أنَّ هذه الأمور السياسية والصراع على المناصب، هي الفوضى بعينها، لأن ما يجب أن يشغل بال السياسي أنْ يكون البحرينيون قلباً واحداً، وأنْ يكون هذا القلب نظيفاً معافى مفعماً بحب الله والوطن. أما أن يأتي 5 أشخاص ليعلنوا تشكيل تيار سياسي، فهذه كارثة، لأننا بذلك سنحصل على جمعيات سياسية أكثر من حصولنا على مواطنين. ذكرني العسيري بالنكتة العراقية التي شاعت بعد احتلال العراق، وهي أن العراقيين فوجئوا بكثرة التيارات السياسية التي أخذت تعمل في العراق فقال قائلهم: لقد جلبتم لنا هذه التيارات السياسية كلها وسلبتمونا التيار الكهربائي، فلو أخذتم جميع هذه التيارات وأعدتم إلينا التيار الكهربائي سنكون بألف ألف خير. يرى العسيري أننا يجب أنْ نضع مصلحة البحرين العليا فوق جميع المصالح الشخصية والسياسية، فهو لا يؤمن بالتيارات السياسية التي تلهث خلف مصالحها، وأنه كفر في الوقت نفسه بالأحزاب السياسية كافة، لأنه يرى أنَّ الأمة العربية والإسلامية من المشرق إلى المغرب كلها أمة واحدة، ولكي ننتصر في معركتنا السياسية الحاصلة اليوم، علينا أن نتكاتف كلنا، أما ما نراه من تصارع واختلاف وتجاذب على سلطة حزب أو جمعية سياسية، فإنها نتيجة طبيعية لعدم صفاء النوايا، لأنَّ “كل حزب بما لديهم فرحون”، وأنَّ البحرين ليست هي الأولى في سلَّم أولوياتهم، فهم يكذبون!!. خرجنا من البديع متجهين إلى جدحفص، لنلتقي المواطن السيد جواد أسعد ولنستمع إلى رأيه في هذا الموضوع. يقول أسعد: لا يمكن أن أعمم في قولي أنَّ جميع الشخصيات السياسية والوطنية لها مطامع شخصية، أو أنها تركض خلف الزعامة، لكن لا أشك في أنَّ هناك بعض هؤلاء القوم يهدفون في عملهم السياسي إلى الوصول إلى كرسي الوجاهة. ويصف أسعد هذه الظاهرة بأنها سلبية، ويضيف: لا يمكن لأيِّ تجمّع سياسي أنْ ينجح، من دون الوقوف على صيغة توافقية واحدة تصبُّ في مصلحة الشعب، مؤكداً أنه يجب على هؤلاء الساسة تجنب صراع الكراسي ووضع البحرين نصب أعينهم. ويقول: صحيح أنَّ التجمّعات والائتلافات السياسية أمر محمود، لكن في الوقت عينه لا يمكن القبول بأن تنحرف البوصلة السياسية للرجل السياسي نحو مصالحه الشخصية فقط. وفي المحرق التقينا المواطن نسيم عبدالرحمن أمين رئيس مجلس شباب البيت العود، ليحدثنا بصراحة عن الصراعات القائمة في زمن التكتلات السياسية الحاضرة، ويقول بصراحة الإنسان البحريني: اليوم نجد أنَّ كل واحد من زعماء التيارات السياسية يريد تزعم الركب، وبات الصراع بعد ائتلاف الجمعيات السياسية واضحاً بين التجمّع والمنبر والصحوة والأصالة وغيرهم الكثير، وبهذا فإنَّ ما يدور خلف الكواليس من صراعات شخصية ليس أمراً يدعو إلى الوحدة، بل هو التفكك بعينه، وربما لو ساروا في هذا الاتجاه فإنهم لا شك أن يتصادموا في النهاية. ويضيف: إنَّ الشعب استوعب من خلال مقاطعة بعضهم لتجمّع الفاتح الأخير، أن هناك رسالة يريد الـ (بعض) إيصالها، مفادها أننا يجب أن لا نهمَّش، وأنكم أنكرتم وجودنا. يعتقد أمين أن زحف الشارع نحو الفاتح بعفوية وروح وطنية، ليس لأجل هذه الجمعيات كلها، وإنما لأجل البحرين، وأنَّ البحرينيين اليوم لا يريدون زعامات، بل يريدون من كل من يقف على منصة الفاتح أن يكون خادماً للبحرين وشعبها، لا أن ينصب نفسه زعيماً أو قائداً. ويقول: في البحرين لا قيادة سوى قيادتنا الرشيدة، المتمثلة بجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد فقط، ونحن سنسير حتى النهاية خلف قيادتنا الحكيمة، هذه القيادة الحقيقية التي ستحمينا كلنا، سنة وشيعة من كل الأخطار، هذه نصيحتي القلبية لكل شعب البحرين العزيز. ويضيف أمين: منذ أيام الأزمة هناك أشخاص يؤمنون بالبحرين فقط، وعملوا لأجلها، واليوم لا أحد يذكرهم، وهم أيضاً لا يريدون زعامة ولا أي شيء من أمور الدنيا، ومنهم من اختفى تماماً في تلك الفترة، واليوم نجدهم ينصبون أنفسهم قادة للشعب!! الوطن فوق المناصب حرصنا على أنْ ننقل هذه الآراء الصريحة جداً التي أبداها مواطنون، إلى الجمعيات السياسية، فمن لا يسمع إلا ما يريده لن يصل إلى حلّ لأبسط المشكلات، وهذه الآراء على صراحتها قد تكون جزءاً من أيِّ حل لمشكلة يشعر بها الوعي الشعبي في البحرين وتثير لديه الهواجس. طرقنا باب إحدى الجمعيات الدينية وهي جمعية التربية الإسلامية، التي ينبثق منها جناحها السياسي (الأصالة)، فالتقينا مدير الخدمات الاجتماعية والمشروعات بالجمعية الشيخ عادل بوصيبع، ليحدثنا بإسهاب عن رأيه في مسألة الصراع على المناصب السياسية وعن مدى أهمية الإخلاص للوطن، وقال: إنَّ الذي يراقب مجريات الأحداث الدولية والإقليمية والمحلية، سيلاحظ حتماً انتشار ظاهرة التعصب للانتماءات الثانوية وتناميها، سواء كانت هذه الانتماءات طائفية أم عرقية أم حزبية، وهذا التعصب غالباً، إن لم نقل دائماً، يكون مذموماً، لاسيما إذا كنا نعيش في مجتمع متعدد الطوائف والأحزاب والأعراق، ولا ضير في هذه الولاءات والانتماءات ولا حرج طالما أننا ملتزمون بحقوق الوطن والمواطنين الآخرين، الذين يشاركوننا في الوطن ولا يشاركوننا الانتماء نفسه، فكلنا ننتمي إلى طوائف ومذاهب وأعراق ومدارس فكرية، وهذه سنة الله في خلقه. أما عن موقف الإسلام من حبّ الوطن كما ذكر هذا الأمر بوصيبع: صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودِّعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه، وقال يخاطبها: “ما أطيبكِ من بلد، وأَحبُّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ”، مما يدل صراحةً على أن تعاليم ديننا الحنيف تحثُّ الإنسان على حبِّ الوطن بعد الانتماء لهذا الدين، ومن هنا فإنَّ للبحرين التي نعيش على أرضها وننعم بخيراتها حقوقاً وواجبات كثيرة علينا، تتمثّل في الإسهام ببنائها والدفاع عنها والعناية بممتلكاتها والحرص على إبراز الوجه الحضاري لها، والرقي بها بالعلم والعمل والدفاع عنها بالروح والنفس. ويضيف: لكن السؤال المحوري هنا، ما موقفنا إذا تعارضت انتماءاتُنا واتجاهاتنا الفكرية مع مصلحة الوطن وأمنه وازدهاره؟ الكثير منّا سيجيب ببساطة إنَّ مصلحة الوطن خط أحمر، ولا انتماء ولا مصلحة مقدَّمة على مصلحته والانتماء إليه، لكن هل هذه الإجابة موجودة عملياً على أرض الواقع؟ ولمعرفة صدقية هذه الإجابة وواقعيتها فلنراجع مع أنفسنا ما يأتي: هل عارضنا يوماً ما: طرحاً أو نهجاً تبنته طائفتنا أو حزبنا يخالف توجهات الوطن ومصلحته؟ هل وظفنا طاقاتنا ومناصبنا في خدمة قضايا الوطن؟ هل جعلنا انتماءنا للطائفة أو المذهب تبعاً لانتمائنا لهذه الأرض التي أعطتنا الكثير، ولم نعطها إلا النزر اليسير؟ أظن أنَّ الإجابة عن هذه التساؤلات تحدد موقعنا تماماً إذا كنّا صريحين ومنصفين مع أنفسنا. ولا بأس من مراجعة النفس وتصحيح المسار إذا اكتشفنا خللاً في إحدى هذه التساؤلات، فالتوقف عن ارتكاب الأخطاء خير من التمادي فيها والتنظير لصحتها. ويتساءل بوصيبع حول من تسلّموا أرفع المناصب وأفضل الوظائف: هل هذه المناصب والدرجات تكليف أم تشريف؟ وهل أعطيت لهم لتكون مطية لتحقيق مكاسب شخصية ومنافع ضيقة لهم ولمن خلفهم من جهات وأحزاب، أم هي أمانة في أعناقهم واجب عليهم تأديتها وخدمة أبناء الوطن من خلالها على أكمل وجه؟ أما فيما يتعلق بالمناصب السياسية ومصلحة البحرين فيقول بوصيبع: إنَّ البحرين أمانة لدى الجميع حكاماً ومحكومين، وسواء كانوا من أصحاب المناصب والأحزاب السياسية من معارضة أم موالاة، فالوطن للجميع والجميع سواسية فيه، وعلى الجميع أنْ يقدم مصلحة الوطن فوق المصالح والانتماءات كلها.. فإنْ كان الوطن كانت المناصب والأحزاب والمعارضة وغيرها، وإن ذهب ذهبت تلك المسميات كلها. ويختم بوصيبع حديثه ناصحاً جميع السياسيين في البحرين بالقول: هذه نصيحة مشفق على وطنه وأمته لكل من ولَّاه الله على شيء من أمر هذا البلد، ولكل من ينتمي إلى حزب أو منهج فكري أو طائفة أو مذهب، إنَّ حبَّ الوطن وخدمته وتقديمه على ما دونه، هو ممارسة يومية نمارسها في الميادين كلها وفي البيت وفي المدرسة وفي مكان العمل، ونربي عليها أبناءنا ونوجِّه إليها من يسمع قولنا، فلنكن دعاة بناء وحضارة ونماء، لا معاول هدم وتناحر وجفاء، ولنطرح خلافاتنا جانباً ولنتعاون ونتكاتف، بل ولنتنافس في خدمة البحرين والنهوض بها إلى مصاف الدول المتقدمة حضارياً واقتصادياً واجتماعياً، ولتكن لنا العبرة في تلك الدول التي تناحرت طوائفها وتنازعت أحزابها ولم تجن من هذه الخلافات إلا التخلّف والدمار، وما العراق ولبنان واليمن عنا ببعيد. إن الرسالة التي أريد أنْ تصل إلى كل قارئ فطن وكل مواطن غيور أنَّ الوطن اليوم يعيش في تحديات فلابد من تحديد الأولويات.. وأنَّ مصلحة التعايش في الوطن الواحد هي من نعم الله، لاسيما إذا وُجِهَت تلك المصلحة لخدمة الوطن ووُظِفَت تلك المصلحة لخدمة المواطن، فالتعايش مطلوب، والإيثارمطلوب لمصلحة الوطن وليس الأثرة، لأنَّ العمل للمصالح الكلية لا للمكاسب الجزئية علامة على صدق الإنسان في المحن، بل علامة على صدق وطنيته وعمق انتمائه للمبادئ. قانون الجمعيات يحمينا من جانبه يرى عضو مجلس النواب ممثل كتلة المنبر الإسلامي محمد العمادي: أنَّ الحل يكمن في وجود تشريعات تضبط عملية الائتلافات السياسية بين الأطياف كلها في البحرين. يقول العمادي: نحن نؤمن أنَّ العمل السياسي يجب أنْ يكون نابعاً من الإحساس بالمسؤولية الوطنية، كما أنه يجب أن يكون منظماً وليس عملاً عشوائياً مرتجلاً، وعلى هذا الأساس تمَّ إنشاء الجمعيات السياسية التي تقوم على أساس القانون، وهي بالطبع ذات هيكلية خاصة، ولها قيادات سياسية منتخبة وفق القانون، وحين نأتي للحديث عن مستوى التحالف السياسي بين تلك التيارات جميعها، فإنه من الضروري الحديث عن وجود عمل منظَّم ومشرَّع يحكم تلك الائتلافات، وبالتالي لن تكون هناك نزاعات وصراعات -كما ذكرتم- حول تلك المناصب. ويعتقد العمادي أنَّ هناك نوعين من السياسيين: نوع لا يهتم إلا بجمعيته وبالأشخاص الذين ينتمون لها، وهؤلاء يجب أنْ يُبعدوا عن العمل السياسي، لأنهم وضعوا مصالحهم الشخصية فوق مصالح الوطن، ونوع آخر يعتقد في نفسه أنه الأكفأ من غيره، لكن في كلتا الحالتين يجب أنْ تكون هناك آليات واضحة لقيادة التجمعات يتفق عليها الأطراف جميعاً. ينصح العمادي القيادات السياسية للجمعيات والتجمعات قائلاً: أنصح الجميع وفي مقدمتهم القيادات الحزبية في الائتلافات السياسية أنْ يكونوا على قدر المسؤولية، وأنْ يعدلوا ويضعوا مصلحة الوطن فوق مصالحهم، أما من لا يجد في نفسه الكفاءة لذلك فعليه أنْ ينسحب من فوره، ونحن نقول لهؤلاء جميعاً إنكم مسؤولون في الدنيا والآخرة، فهذا الوطن أمانة في أعناقكم جميعاً، ولا يجوز لكم في هذه المرحلة أنْ تُظهروا خلافاتكم الشخصية على حساب الشعب والوطن. ميثاق شرف القيادي الشاب في تجمّع صحوة الفاتح خالد موسى يؤكد أهمية عدم الطعن والتشكيك في نوايا العاملين في الحقل السياسي، ويقول: إذا كانت هناك صراعات على مناصب سياسية حسب الظاهر، فإننا لا نستطيع محاكمة نوايا البشر، بل يجب في البداية أنْ نحسن النوايا تجاه الآخرين، كما ليس من المعقول اتهام الناس على وفق ظنوننا، أما مسألة التجاذبات السياسية فمن الممكن أنْ تحدث في كل تيار أو جمعية سياسية وغيرها، والمرحلة المقبلة في البحرين تحتاج منَّا أنْ نبرز روحنا الوطنية وأن نتكاتف جميعاً لأجل الوطن، كما لا ينبغي إحياء خلافاتنا بطريقة فجةٍ، بل نحتاج إلى الحكمة وحسن التصرف، وإذا كانت هناك من تحالفات، فيجب أن تتحلى بروح المواطنة، لا أن تكون مفصّلة على شكل الجمعيات والتكتلات. ويضيف موسى: توجد اليوم تحالفات سياسية، ولعلَّ آخرها ائتلاف الجمعيات السياسية، وإذا كان هناك اتفاق فلن يكون معه اختلاف، لكن لوضع النقاط على الحروف، لابد أنْ يكون هنالك ميثاق شرف بين تلك المكوِّنات السياسية، لأنَّ الميثاق سيقطع الطريق على كل فرد أو جمعية يريد أصحابها الاستئثار بأيِّ منصب سياسي، ولعلَّ أول بندين مهمين في هذا الميثاق هما: أنْ يعمل الجميع لصالح البحرين، وأنْ نحسن النوايا مع من نعمل معهم، وأنْ لا نشكك في الأطراف المتحالفة. ويرى موسى أنَّ صحوة الفاتح هو تجمع شبابي هدفه حب البحرين، وإذا كان هناك تنافس على منصب قيادي، فمن المؤكد أنه لأجل المصلحة العليا، مؤكداً أنَّ الصحوة والتجمع كل منهما يعمل للبحرين. أما إذا كانت هناك اختلافات في الآراء، فهذا لا يعني أنَّ الطرفين يتصارعان على منصب، بل الاختلافات في الشأن السياسي أمر وارد. ليست من الدين عالم الدين الشيخ علي مطر يتحدث عن خطورة التنازع على مناصب سياسية، وإغفال مصلحة المجتمع والوطن، ويقول: نحن ننطلق من قول الله سبحانه وتعالى (إنَّ هذه أمتُكم أمةً واحدة) فالأصل في هذه الأمة أنْ تكون مجتمعة ومتحدة، والشريعة الغراء حذَّرت من التنازع (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحُكُم) وقوله تعالى (واعتصموا بحبلِ اللهِ جميعاً ولا تفرقوا)، وقوله عليه الصلاة والسلام (الفرقة عذاب)، هذه التوجيهات الربانية تشير إلى أنَّ الله تعالى يعلم بأنَّ الاختلاف سيكون، ولهذا حذَّر منه قبل وقوعه. ويعتقد مطر أنَّ لدى الكثير من السياسيين اعتداداً بالنفس وعدم التنازل للغير وحرصهم على حب الظهور وحب الرئاسة، واستماتتهم في أنْ تنسب الأعمال الطيبة كلها إليهم وإلى كتلهم السياسية، وعلى الرغم من أنهم لا يعملون أي شيء لكنهم (يحبونَ أنْ يُحْمَدُوا بما لا يَفْعَلوا)، فحب الرئاسة والشهرة وحب الظهور من أهم مسببات الفرقة والتشرذم. ويشير مطر إلى خطورة هذا الأمر: قديماً قلنا ومازلنا نحذّر من التكتلات السياسية والحزبية، ربما تكون البداية لهذه التيارات السياسية طيبة، وشعاراتها وطنية ووحدوية، لكن مع مرور الوقت والعمل، سرعان ما نجد اختلال النوايا عند بعضهم، ولهذا تنحرف النفس عن الحق وتتجه لحب الذات، فوجدنا الكثير من السياسيين ممن لا يعجبه عمل أصحابه في جمعيته، ينشق عنهم ويشكل تياراً آخر... صحيح أنَّ الحياة السياسية في البحرين وليدة، لكن نجد في المقابل أنَّ هناك عشرات الجمعيات السياسية، فبعضها جمعيات لها حضورها الكبير، لكن مع الأسف هناك من جمعيات (نكرة)، ليس لأصحابها من هدف سوى الأطماع الدنيوية، وفي وقت الأزمات تشتد تصريحاتها بالأمر والنهي!! إنَّ حب الرئاسة والسعي وراء الحزبية والفئوية، وتقديم ذلك كله على مصلحة الوطن واستقراره وحبه، هي رأس المشكلات، وإذا لم تنتبه القيادات التابعة للتيارات السياسية في البحرين إلى أهمية هذا الأمر، فإنَّ العدو سيدخل من الباب الخلفي للوطن وهم في غيهم سائرون... هذا ما اتفق عليه الجميع، أما ما سواه فليس سوى القانون منظماً لصراعاتنا السياسية والحزبية، وإلا سنكون نموذجاً آخر للعراق ولبنان، فإما أن نعرقن أو نلبنن. (أكثر الأشياء في بلدتنا الأحزاب والفقر وحالات الطلاق... عندنا عشرة أحزاب ونص الحزب في كل زقاق... كلها يسعى إلى نبذ الشقاق) ^ أحمد مطر