^ احتار المصريون مَن ينتخبون ممن بقى من المرشحين؛ الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية العدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، أم الفريق أحمد شفيق أحد رموز النظام السابق الذي ثار عليه الشعب المصري، وأعتقد أن فوز هذا المرشح سيثير كثيراً من المظاهرات، لأن الشعب والثوار وأهالي الشهداء سيشعرون أنهم خُدعوا بنزول هذا المرشح الذي يقف وراءه الحزب الوطني وكبار رجال الأعمال وكثير من المسيحيين الذين تم تخويفهم من حكم الإخوان المسلمين. كان من المفترض أن يتحد بعض المرشحين المدنيين مثل المستشار هشام البسطويسي وعمرو موسى وغيرهم وراء أحد من المرشحين المدنيين ذوي الشعبية الكبيرة، وكان الأكثر شعبية في الانتخابات هو حمدين صباحي؛ لأنه ذو سمعة ممتازة طوال عمره في الحزب الناصري، وذو رؤى ديمقراطية، وازدادت شعبيته كثيراً في الفترة الأخيرة دون أن يرشو الناس بالمال مثلما فعل حزب العدالة والتنمية لإنجاح مرشحه، ولا أدري كيف يدّعي هذا الحزب أنه يطبق شرع الله وهو يرشو المواطنين الفقراء بأطنان من الأرز والسكر واللحم، ويتم دفع 100 جنيه لكل مواطن يقوم بلصق صورة مرشحهم بحسب قول الشهود؛ هل هم يطبقون الدين الإسلامي بحسب أهوائهم؟ وهم يعاهدون وينقضون عهودهم لأجل مصالحهم لكي يسيطروا على السلطة التنفيذية والتشريعية في السنوات الأربع القادمة، حيث صرحوا أثناء انتخابات مجلس الشعب أنهم لن يرشحوا أحداً لانتخابات الرئاسة، لأنهم يريدون لمنصب رئيس الجمهورية شخصاً من خارج حزب الحرية والعدالة، واختلفوا مع القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح لأنه أراد ترشيح نفسه للرئاسة، واضطر أن يخرج من حزب الحرية والعدالة ليرشح نفسه مستقلاً، وفوجئ الناس بهذا الحزب الديني ينقض عهده ويقرر ترشيح المليونير خيرت الشاطر، فهل أغرتهم وجاهة السلطة التي حصلوا عليها في مجلس الشعب حيث يشكلون أغلب أعضائه، ويحتل أحدهم منصب رئيس المجلس، بعد سنوات من التنكيل بهم خلال العهود الثلاثة لرؤساء مصر السابقين أدركوا أنهم بأموالهم الطائلة يستطيعون كعادتهم إنفاقها في سبيل الحصول على أغلب أصوات الناخبين، خصوصاً أن 40% من المصريين أميّ، إلى جانب أن أكثر من 40% منهم يعيشون تحت خط الفقر ومن السهل إغراؤهم لانتخاب مرشحهم، وهذا ما قاموا به وانتصر مرشحهم الدكتور محمد مرسي لينافس الفريق أحمد شفيق، وأصبح الثوار وأهالي الشهداء والمطالبون بالدولة الديمقراطية بين المطرقة والسندان، فهم لا يريدون كلاً من هاذين المرشحين لأنهم لا يحققون أهداف الثورة المصرية في اعتقادهم. كثير من الكتاب والمحللين يتوقعون ثورة ثانية إذا فاز الفريق أحمد شفيق، الذي أدهش الجميع بملايين الأصوات التي حصل عليها، ويتساءلون من أين جاءت هذه الأصوات؟ كثيرون يعتقدون أن المجلس العسكري يقف وراء هذا المرشح حتى تظل سيطرة الجيش على الحكم. ورغم اعتراض الشعب على ترشيح الفريق أحمد شفيق من قبل على أساس أنه غير دستوري لأنه ينتمي إلى العهد السابق؛ إلا أن القضاء تجاهل هذا القانون وتم تأجيل الأخذ به ولم يتم منعه من الترشح كما حدث مع عمر سليمان، حتى يتمكن من ترشيح نفسه والحصول على منصب رئيس الجمهورية، مثلما ذكر الكاتب علاء الأسواني في كتابه “هل أخطأت الثورة المصرية”؛ حيث ذكر أن الجيش خلع مبارك لكنه أبقى على النظام السابق بكل فساده المتغلغل في جميع الوزارات وخصوصاً وزارة الداخلية التي ما عادت تحمي الناس، بل يحمي بعض ضباطها المحسوبين على النظام السابق والمستفيدين منه خسارتهم بنشر الفوضى وزيادة السرقات التي يشارك بعضهم فيها، خصوصاً سرقة السيارات الجديدة المنتشرة كثيراً في مصر في ظل انتشار الأسلحة الخفيفة والثقيلة من ليبيا بعد الثورة وفتح معبر رفح، فكيف تنهض الدولة والنظام السابق لم يتغير. الشعب المصري يريد رئيساً يثق فيه لا رئيساً يدعمه النظام السابق أو على حساب جهل المواطنين ورشوتهم بالطعام وتلبية احتياجاتهم الصغيرة مقابل ترشيح الرئيس، يريدون رئيساً وطنياً نظيفاً ذكياً يحب مصر وشعبها ويضع الخبراء حوله ليضعوا الخطط الاستراتيجية لتدخل مصر عصر العلم والتقدم والحضارة، فهل سيتمكن هذا الشعب من تحقيق حلمه بعد طول صبر وانتظار وكثير من التضحيات؟ الواضح الآن أنه من الصعب حصول ذلك إلا إذا تعاون المرشح محمد مرسي في حال فوزه مع بقية المرشحين في تشكيل حكومة وطنية مدنية ديمقراطية تمكن الشعب من تحقيق حلمه.