القاهرة - (وكالات): حكمت محكمة جنايات القاهرة أمس بالسجن المؤبد على الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي لمسؤوليتهما عن قتل المتظاهرين إبان الانتفاضة التي أطاحت بمبارك في فبراير 2011 وبرأت نجليه جمال وعلاء و6 من قيادات وزارة الداخلية السابقين. ونقل مبارك فور إعلان النطق بالحكم، بناء على أمر من النائب العام المصري عبد المجيد محمود، إلى سجن مزرعة طره بالقاهرة حيث دخل المستشفى الموجود داخل السجن. وقال التلفزيون الرسمي المصري إن الرئيس السابق “أصيب بأزمة صحية حادة لدى وصوله إلى السجن وتمت معالجته. وذكرت تقارير أن “مبارك بكى عند وصول الطائرة إلى السجن ورفض النزول منها إلا أنه تم إقناعه بعد ذلك وامتثل للأمر”. وتظاهر الآلاف في ميدان التحرير بالقاهرة وفي مدن أخرى رافضين الأحكام التي صدرت. ولم تبد على مبارك الذي حضر جلسة النطق بالحكم على سرير طبي نقال وكان يرتدي نظارة شمسية سوداء أي رد فعل بعد إعلان معاقبته بالسجن المؤبد في حين ظهر جمال مبارك والدموع في عينيه. وفور النطق بالحكم هتف محامو أسر الضحايا “باطل .. باطل” و«الشعب يريد تطهير القضاء”، وتلت ذلك صدامات لبضع دقائق داخل قاعة المحكمة. كما وقعت اشتباكات خارج قاعة بين رجال الشرطة وبضع عشرات من أسر ضحايا الثورة. ثم حدثت صدامات بين أسر الضحايا وأنصار مبارك المتجمعين خارج مقر المحكمة إلا أن الشرطة احتوت الموقف. وقال رئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت إن سبب غضب محامي أسر الضحايا هو أن الحكم بصورته الحالية يمكن نقضه بسهولة. وأكد أن “محكمة النقض ستقرر 100% إعادة المحاكمة” مشيراً إلى أن المحكمة دانت مبارك والعادلي “على ما يبدو لأنهما لم يمنعا القتل” إلا أنها “لم تجد دليلاً على أن رجال شرطة قتلوا المتظاهرين”. وأضاف القاضي أحمد رفعت في الاستهلال الذي تلاه قبل الحكم أن المحكمة اضطرت الى استبعاد “شهود الإثبات بعد أن استمعت إلى بعض منهم حين ظهر لها أن منهم من اتهم بشهادة زور” أو “بإتلاف أدلة” القضية. وأعلن أحد أعضاء هيئة الدفاع عن مبارك قبل مغادرته قاعة المحكمة أنه سيطعن على الحكم أمام محكمة النقض. وصرح رئيس المحكمة القاضي أحمد رفعت أن المحكمة قضت بما “استقر في وجدانها وضميرها وبعد غوص في الأوراق وما حوته من تحقيقات وما أرفق بها من مستندات وما ارتاحت إليه عقيدتها”. وكان أكثر من 850 شخصاً قتلوا في الانتفاضة التي اندلعت في مصر في 25 يناير 2011 والتي استمرت 18 يوماً وأرغمت مبارك على التنحي في 11 فبراير من العام نفسه. وأكد القاضي أن التهم الموجهة إلى نجلي مبارك، علاء وجمال، سقطت بالتقادم وبالتالي “انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة لهما”. وكان محاموهما أكدوا أن واقعة استغلال نفوذ والدهما لشراء منزلين في منتجع شرم الشيخ بأقل من السعر السائد في السوق سقطت بالتقادم لمرور أكثر من 10 سنوات عليها. إلا أن جمال وعلاء مبارك، اللذين حصلا عملياً على حكم بالبراءة، سيظلان في الحبس على الأرجح إذ أحيلا إلى محاكمة جديدة بتهمة التلاعب في البورصة المصرية. وأعلن المتحدث الرسمي للنيابة العامة عادل السعيد أن تحقيقات النيابة العامة “كشفت النقاب عن أن إجمالى المبالغ التى تحصل عليها المتهمون مقدارها 2 مليار و51 مليوناً و28 ألفاً و648 جنيهاً” من خلال التلاعب في البورصة. وأشاد أحمد رفعت في مستهل حكمه بالثورة على مبارك وشدد أكثر من مرة على أن المتظاهرين خرجوا “سالمين منادين سلمية سلمية سلمية ملء أفواههم حين كانت بطونهم خاوية”. ويأتي الحكم في وقت تشهد فيه البلاد توتراً سياسياً بسبب الانتخابات الرئاسية التي قد تأتي بآخر رئيس وزراء لمبارك، أحمد شفيق إلى سدة الحكم إذ يخوض جولة الإعادة في مواجهة مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في 16 و17 يونيو المقبل. وثارت العديد من الانتقادات والاحتجاجات حال إعلان الحكم في القضية. واعتبرت منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان أن تبرئة 6 من كبار المسؤولين الأمنيين السابقين تشجع على ثقافة الإفلات من العقاب في الشرطة. وعلى الفور وصف مرشح الإخوان المسلمين د. مرسي الحكم بأنه “هزلي” وطلب إعادة المحاكمة. ودعت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها إلى التظاهر احتجاجاً. كما انتقد مرشحون سقطوا في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الأحكام واتهموا القضاة بالسعي إلى تبييض صفحة القيادة الأمنية العليا. وأكد القيادي القومي العربي الناصري حمدين صباحي دعمه للمتظاهرين كاتباً على موقعه على تويتر “لن نخون دماء الشهداء. لن نسمح بإعادة إنتاج نظام القمع والفساد والاستبداد. ثورتنا مستمرة”. وعلق المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح الذي خرج من الجولة الأولى للانتخابات على الأحكام بقوله “براءة مساعدي العادلي وأبناء مبارك هي براءة لسلطتي القمع والفساد التي ما زالت تحكم مصر، والتقصير المتعمد في تقديم الأدلة يستوجب إعادة المحاكمة”. من جهته، قال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي “النظام السابق يحاكم نفسه. مسلسل إجهاض الثورة مستمر بمشاركة القوى السياسية. يمهل ولا يهمل”. أما زعيم حزب غد الثورة أيمن نور فعلق بقوله “بعد صدور هذه الأحكام الهزيلة أعلن أني شخصياً أدعم د.محمد مرسي”. في المقابل أكد شفيق ضرورة “احترام قرارات القضاء”. وتظاهر آلاف المصريين في ميدان التحرير بالقاهرة وفي مدن أخرى منددين بالمجلس العسكري ورافضين الأحكام التي صدرت في محاكمة الرئيس السابق. وانضم إلى الحشد في ميدان التحرير حمدين صباحي، المرشح الخاسر في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وفي مدينة الإسكندرية، تظاهر 5 آلاف شخص فيما تجمع نحو 1500 شخص في مدينة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس. وفي مدينة السويس، تظاهر بضع مئات فيما سار نحو 2000 شخص في بور سعيد، مطالبين بتطهير القضاء، وفق شهود.