لماذا لا يلعب نوري شاهين؟ أين أفضل لاعب في البوندسليغا الموسم الماضي؟ أين نجم تركيا الأول وبارقة الأمل التي استبشرت بها جماهير الريال خيراً فور وصوله إلى مدريد؟ لقد انقطعت أخباره ونسيت تلك الجماهير اسمه، لم تعد تراه في المستطيل الأخضر أو حتى خارجه، ويظل السبب غامضاً حتى الآن. مورينيو وحده من يعرف سر اللغز، ولكن لا يفصح عنه، سأم الصحافيون من ملاحقته لاكتشاف السر الحقيقي وراء دفن جوهرة الأناضول دون جدوى، في كل مؤتمر صحافي يكررون نفس السؤال؟ لكن الإجابة دوماً ما تكون غامضة، ليست من عادة المدرب البرتغالي أن يتهرّب من الأسئلة أو يعطي إجابات تائهة وغير مباشرة، لكنه فعل ذلك مع شاهين. مرت 87 يوماً دون أن يخطو شاهين على العشب الأخضر بقميص الأبيض الملكي، فآخر مشاركاته كانت يوم الـ20 من ديسمبر أمام بونفيرادينا، وهي المباراة التي سجل فيها هدفاً وصنع آخر، ومن حينها وهو في طي النسيان. شاهين هو الأقل مشاركة بين لاعبي الريال هذا الموسم، فلم تتهيأ له الفرصة للعب سوى في 364 دقيقة بمعدل 9.6% من إجمالي المباريات التي لعبها الفريق المدريدي في الشهور الخمس الأخيرة، فقد أصبح خارج حسابات مورينيو سواء للإصابة أو لأسباب فنية، والدافع الثاني هو الأقرب للمنطق. رد فعل غريب وزاد من غموض موقف شاهين رد فعل مدربه في آخر مرة سُئل فيها عن موعد مشاركته في اللعب، وإن كان بإمكانه الظهور مجدداً أمام الجماهير ولو لبضع دقائق، فعلق السبيشل وان: “ما يمكن أن نمنحه لشاهين الآن هو الدعم والتحفيز. لكن دقائق للعب؟ ليس جديراً بذلك حالياً”، وذلك عقب مباراة سسكا موسكو الأخيرة في دوري الأبطال. كانت الإطلالة الأولى لشاهين أمام جماهير الريال في السادس من نوفمبر 2011، ومن حينها لعب الفريق 26 مباراة، لكن نجم بروسيا دورتموند السابق وأفضل لاعبي الدوري الألماني في الموسم الماضي لعب في خمس مباريات فقط، بواقع 24 دقيقة أمام أوساسونا، و90 دقيقة أمام دينامو زغرب الكرواتي و90 أخرى أمام أياكس أمستردام الهولندي في دوري الأبطال، و70 دقيقة أمام بونفيرادينا في كأس الملك بمباراة الذهاب و90 دقيقة في العودة. ظل نوري شاهين أسيراً لمقاعد البدلاء في 8 مباريات، واستبعده مورينيو تماماً من قوائمه في تسع مباريات، ولم يشارك في تدريبات الفريق في أربع مناسبات، من بينها ثلاث مرات بقرار فني من المدرب، ومرة واحدة بسبب التهاب المعدة. ورغم ذلك فإن شاهين يتم استدعاؤه مع منتخب بلاده في معظم المباريات الدولية في الفترة الماضية، حيث شارك في 85 دقيقة أمام سلوفاكيا أواخر الشهر الماضي. وقال مورينيو في وقت سابق إن شاهين يفتقد للثقة، لكنه لم يمنحه تلك الثقة، وبمقدار ما تعشق جماهير الريال مدربها الاستثنائي، فإنها تستعجب موقفه المعادي للاعب يملك موهبة واعدة وفي مقتبل العمر (23 عاماً) رغم أنه انضم للنادي العريق بناء على توصية شخصية منه بعد متابعة أدائه المبهر مع دورتموند حين كان ركيزة أساسية في تتويج الفريق بلقب البوندسليغا. جاء مصاباً وظل مبعداً نعم جاء شاهين إلى الريال مصاباً، واستغرق وقتاً طويلاً في التعافي، لكنه لم ينل الفرصة، في تكرار لسيناريو بدرو ليون وسرخيو كاناليس اللذين طردهما مورينيو من جنة الريال دون أن يستكشف موهبتهما ويعرضهما على الجماهير. وها قد امتلأت الدنيا ضجيجاً حول عودة شاهين خائب الرجاء إلى دورتموند وربما إلى بروسيا مونشنجلادباخ بعد أن انطفأت جذوة تألقه، وهو الذي كانت تتهافت عليه كبرى أندية العالم قبل بضعة أشهر وتعرض عليه الملايين، لكنه فضل العمل تحت إمرة مورينيو، ولكن خذله مورينيو بدفنه في التراب. كان مورينيو كثير الشكوى من عدم وجود بديل للمخضرم تشابي ألونسو، وعدم ثبات مستوى سامي خضيرة ولاسانا ديارا، لكن “الديكتاتور” صبر كثيراً على استيبان غرانيرو، وفي المقابل لم يلتفت للعصا السحرية التي يملكها والمتمثلة في شاهين، فأجبر الجميع على نسيانه ورؤيته على مغادرة النادي من أبوابه الخلفية دون وداع يليق به.