يقول الأخصائي الاجتماعي سامي محمد محجوب: توصف مرحلة المراهقة بـ «التغيرات المهمة» في حياة الإنسان، بما تتضمنه من تغييرات فسيولوجية وفكرية ونفسية. والتكيف مع هذه التغيرات يجعل المراهق أمام تحدٍ كبير يبدأ باكتشاف جديد للذات في إطار تفتح الآفاق الفكرية ونمو القدرات الشخصية. وقد يجد المراهق نفسه غريباً في المجتمع الذي يعيش فيه فيشعر بأن المجتمع يضع قيوداً عليه ويحد من تحقيق طموحه الكبير جداً. ويرى أن المجتمع لا يفهمه ولا يمكن أن يفهمه لأن فكره أكبر من أي يُفهم، وقدراته أكبر من أن تُستغل، ويشعر أنه غير مرحب به في مجتمعه. ليس لأن الخلل فيه بل الخلل في المجتمع ويحدث لديه نوع من التمرد على القوانين المجتمعية، ليبدأ البحث عن المجمتع المثالي الذي يتناسب مع أفكاره وطموحه إلا أنه لن يجد هذا المجمتع إلا في خيالاته. ويضيف: لا يمكننا بحال من الأحوال إلقاء اللوم على المراهق فيما يتعلق بتلك الأفكار، فقد يكون مجبراً عليها وتسيطر عليه، ففي الأسرة ربما يرغب المراهق في استبدال والديه بوالدين آخرين، لأن والديه غير كل الآباء في العالم، فهما غير متفهمين وغير واعيين بشعوره ويعملان ضده ويتعمدان إيذاء مشاعره ولا يوافقانه الرأي في كل شيء ويفضلان أخوته عليه، وربما يصل إلى الإحساس بأن والديه أعداء بالنسبة له، إلا أنه لا يمكنه أن يعبر عن ذلك صراحة، فيصبح ذلك الإحساس حبيساً لمكانزمات الدفاع اللاشعورية. وكل تلك الأفكار والمشاعر قد تؤثر بشكل أو بآخر على الأداء الوظيفي للمراهق في مناحي الحياة المختلفة. ويتابع: إن مؤسسة الأسرة كمؤسسة اجتماعية تربوية تعتبر الحاضن النفسي للمراهق واللاعب الرئيس في تشكيل وضبط الحالة الشعورية والفكرية والسلوكية له. فعلى الأباء تقبل تلك المشاعر وعدم الدخول في تحدٍ مع أبنائهم المراهقين. وقد يكون الجلوس معهم في جلسات صراحة يعبر من خلالها المراهق عن كل ما يكنه في نفسه من مشاعر ومن انفعالات مهم جداً في تحقيق نوع من الرضا النفسي لدى المراهق. ولابد أن تتم الجلسات في أجواء هادئة بعيداً عن المشاحنات فيها نوع من التفهم الفكري والشعوري، فكما قام الآباء باحتضان أبنائهم في مرحلة الطفولة وعملوا على إرضائهم عند بكائهم، فاليستمر ذلك في مرحلة المراهقة لأن عصبية المراهق وصراخه هو بكاء الطفولة، الذي اختلف فقط هو طريقة التعبير.
970x90
970x90