فاطمــــــــــــــــة النــــــــــــــــزر [email protected] أخصائية علاج نفسي
ومازلت من عشاق الشاعر الراحل نزار قباني، وحين درست علم النفس ونظرياته أعجبت به أكثر. وحين قال نزار: اختاري الحب أو اللا حب فجبن ألا تختاري، كان يتكلم عن حالة نفسية أعتقد أنها تخص الجنسين رغم أنه قصرها في قصيدته على الأنثى. إن الحب واللاحب واقع أصبحنا نلاحظه كثيراً في علاقات ليست بالقليلة داخل إطار العلاقة الزوجية، فأجمل ما فيها أن يكونا في حالة الحب والتي تنعكس على حياتهما معاً وعلى أبنائهما حتى في أشد الظروف وحالات التقلب والمشكلات التي تمر بهما، وأسوأ ما تمر به العلاقة الزوجية هي حالة اللاحب حيث يعيشان حالة الطلاق العاطفي، وأعنى به الانفصال العاطفي والوجداني، فلا قواسم مشتركة بينهما في الطباع والتصرفات وحتى في تربية الأبناء. الهدوء بينهما هدنة واللقاء فيه عاصفة، يتجنب أحدهما الآخر ولكنهما لا يصلان إلى الطلاق الفعلي، ربما خوفاً من كلام الناس أو خوفاً على الأبناء أو الحاجة المادية أو المفهوم الاجتماعي للطلاق في مجتمعاتنا العربية. إن الطلاق العاطفي أو النفسي في الغالب يأخذ شكلين أساسيين، فإما أن يكون الطرفان مدركان له، ويكونان في المنزل كالأعداء المضطرين، يعيشان تحت سقف واحد واللقاء بينهما يتسم بالعنف النفسي واللفظي، وتكون في مجملها كلمات الإهانة وعدم الاحترام والتشاجر على أتفه الأسباب، أما الشكل الآخر فيكون أحدهما فقط مدركاً لهذا الجفاء العاطفي ويتسم الشخص المدرك هنا بالإهمال والخروج الدائم وعدم تحمل مسؤولية الأبناء. ولكن ماذا عن الأبناء هنا وما هو موقفهم من تلك العلاقة الشاذة بين والديهما؟ أعتقد هنا أن الطلاق الفعلي في هذه الحالة هو أهون الشرين سواء على الآباء وحتى على الأبناء، فما لا يدركه الآباء أن الأبناء الذين يعيشون في منزل منفصل عاطفياً أكثر تشتتاً وعرضة للتوترات والانسحاب وحالات قد تصل للانتحار، فالإساءة العاطفية واللفظية تنعكس آثارها على الأبناء وعدم الاتفاق على طريقة التربية تؤثر ولا شك في معتقدات الأبناء واتجاهاتهم. ولكي لا يفهم ما أقصده بشكل خاطئ فإني لا أشجع على الطلاق الفعلي فهو نهاية المطاف في العلاقة الزوجية ولا يخلو كذلك من بعض السلبيات على الأبناء، ولكن لبيان أن الطلاق العاطفي ليس حلاً أمثل في العلاقة الزوجية وقد يكون من الصعب علاجه إلا أنه ليس مستحيلاً، وتبدأ أول خطواته بالمصارحة والمكاشفة في المشاعر والمتطلبات والنظر إلى إيجابيات الطرف الآخر وليس إلى سلبياته وتضخيمها فقط، ولا ينتظر الطرفان نجاح المحاولة منذ أول مرة. فبناء العلاقة المتصدعة يحتاج إلى وقت ليس بالقليل فإن فشلا فعليهما مراجعة استشاري نفسي أسري يجعل خطوط حياة الزوجين تتلاقى، فإن عجزا فعندها يكون الطلاق الفعلي أنجح. لؤلؤة: اختاري الحب أو اللاحب، لكن بأقل قدر من الألم.