طــــــــــــارق مصـــــــــــــــــــــباح [email protected] ظُلِمَ الإنسان! فاعتبره بعض الفلاسفة «حيواناً» اجتماعياً أو سياسياً، كما اعتبره البعض الآخر حيواناً مفكراً وعاقلاً، أو حيواناً ناطقاً، وهو وصف يحتمل أمرين، إما أن الإنسان أصلاً حيوان؛ وهذا يناقض ما جاء في القرآن الكريم وسائر الكتب المقدسة الأخرى! إذ كيف يمكن بأي وجه أن يقارن هذا الكائن المكرم بكائن أقل منه؟ بل إن وصفه «حيواناً» و»اجتماعياً» فيه نظرة قاصر بيِّنة لنوع الحياة الكلية التي يحياها كل منهما، فالحيوان لا يمكنه ألبتة أن يقيم حضارة أو مجداً!! كان مسوّغ أهل المنطق في تعريفهم تسمية الإنسان «حيواناً» مأخوذة من كونه حياً، ومن هنا فقط كان للإنسان هذا التعريف بحيث لا يقصد منه أن نقيس تصرفاتنا وأفعالنا وأحكام مجتمعنا على ذلك المجتمع الحيواني، لذا فإن الإنسان مدني بالطبع، أما الحيوان في الغالب لا يألف حيواناً ليس من ضمن مجموعته، ولكن الطبيعة الاجتماعية للإنسان لها دور في تقبل أخيه الإنسان، وكان لذلك الأثر الكبير في تحقيق السلم الاجتماعي على مر العصور، ولكن كثيراً ما كان ينهار ذلك السلم الاجتماعي لاختلاف المعتقدات والعرقيات بين البشر، وحب الإنسان للشهوات والسيادة، ونزعة الهوى والنزوة في الإنسان، وأزلية الصراع بين الحق والباطل، فهذه العوامل مجتمعة أو متفرقة وغيرها كانت سبباً ومازالت لقيام الصراعات ونشوب الحروب وظلم الإنسان لأخيه الإنسان. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيما لا يألف ولا يُؤَلف، وخير الناس أنفعهم للناس)، فالمسلم إنسان ودود يحب الناس ويحب الخير لهم، هين لين، يألف ويؤلف، يجمع ولا يفرق، يحترم الناس ولا يحتقرهم، لا يحرج أحداً ولا يجرح أحداً، والله سبحانه وتعالى أقام العلاقات في المجتمع الإسلامي بين المسلمين بعضهم والبعض الآخر على أساس التواد والتحاب والتآلف، وعلى أسس التودد والتلطف. ما أمس حاجة الإنسان إلى الألفة، فبها يتعايش مع كل من حوله، من أهل وجيران وأصدقاء وزملاء، بل هي الطريق إلى انسجام هذه الأرواح، وأمر الانسجام أمر ليس بالهين، حيث اختلاف الآراء، وتنوع وجهات النظر، وقل كذلك: تلوّن النفوس وطبائعها المتغيرة، فمنهم أهل الصفاء، ومن هم الحاسدون، ولم أجد مثل الألفة تستطيع بها بعد الله تعالى أن تجمع هذه المختلفات، وتألف بينها في نسق، يبعث بالراحة والألفة.