^ منذ بدء أحداث 14 فبراير 2011 وأنا أتابع وأرصد تحركات المعارضة بعين المراقب المحايد محاولاً تجنب حضور فعاليات الدوار أو مستشفى السلمانية التي كانت تعقد بكثافة، ومحاولاً حضور المجالس التى تناثرت في مختلف المناطق وتتحدث في الشأن السياسي المحلي والإقليمي، والذي أُطلق عليه الربيع العربي أو الفوضى الخلاقة أو تساقط ورق الخريف، كنت حينها أقدم الاعتذار تلو الاعتذار للدعوات التي كانت تصلني حتى لا أصنف في تصنيفات المعارض أو الموالي بحكم استقلاليتي المعهودة، ومع إطلاق الصرخة المدوية بإعلان الجمهورية الإسلامية التابعة لولاية الفقيه انتقلت من الحياد إلى المدافع عن الوطن بكل تلاوينه وشرعية نظامه وأحقيته القانونية في حكم البلاد دون منازع. عندها بدأت أزور بعض المجالس وخصوصاً مجلسي الأستاذ سامي الشاعر والشيخ صلاح الجودر بالمحرق، وذلك لتنوع أيدلوجية ومذاهب وأديان وأفكار الحضور، فأستمع للآراء المتباينة والمتفقة حول الأوضاع السياسية والاجتماعية للمملكة التي كانت تئن من عبث العابثين والضرب بمقدراتها ومحاولة قلب نظامها الشرعي المعترف به دولياً وإقليمياً، وبيعها كسلعة لولاية الفقيه، وكانت لنا بعض المداخلات والتساؤلات أثناء تلك الندوات تتمحور كلها حول أسئلة بريئة يتداولها الإنسان العادي؛ ألا وهي ماذا جرى للبحرين وماذا يجري؟ هل رذاذ الربيع العربي وصلنا؟ يا ترى ماذا يريدون منا؟ لماذا هذا التخريب المتعمد من بعض المغرر بهم لمنجزات الوطن؟ لماذا يطالب الغوغائيون بإسقاط النظام؟ لماذا يقولون لنا ارحلوا؟ ما شأنهم بشخص رئيس الوزراء وتشويه إنجازاته المعروفة للقاصي والداني؟ لماذا عداؤهم الشرس منصب على العائلة المالكة الكريمة؟ لماذا يهتفون بالإسقاط عند كل تجمع؟ لماذا الاعتداء على بيوت الناس الأبرياء؟ لماذا يدعون بالسلمية وهم يستخدمون العدائية الممنهجة؟ لماذا الاعتداء على صروح التعليم والصحة؟ أليست هذه مخصصة للإنسان الذي يطالبون بحقوقه؟ هذه بعض الأسئلة التي كانت تطرح في المجالس والبيوت والأسواق والمنتديات المحايدة، ولم نجد لها إلا جواباً واحداً يتسق مع كل تلك الأسئلة ألا وهو؛ هم يريدون أن تكون مملكة البحرين ولاية رقم 14 خاضعة لولاية الفقيه، وأن يكون مذهب الدولة شيعياً وحاكمها معمماً بالعمامة السوداء، ورئيس وزرائها معمماً بالعمامة البيضاء، وعلمها الوطني مرسوماً باللونين الأصفر والأخضر وحوله 12 نجمة تحت هلال كبير ومفصول عن دول مجلس التعاون الخليجي فصلاً كما يفصل الطفل السيامي من توأمه الشرعي المولود من رحم واحد لأب تاريخي واحد وثقافي واحد ولغة واحدة وأم واحدة وبحبل سري واحد ممتد على مدى التاريخ العربي الإسلامي. وبمناسبة البوح ببعض مكنون الصدور هو ما رأيته وسمعته في المحفل الدولي الأممي من قبل المعارضة التي جاءت (بنفنوف وثوب وروب) المدافع عن حقوق الإنسان، والزعم بانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت وتحدث في البحرين، متناسية ماذا فعلت في الداخل والخارج، وشعب البحرين الأبي الذي انتفض كالمارد مستنكراً كل الأفعال الصبيانية التي كانت تمارس في الدوار ومستشفى السلمانية والقرى. إن الحروق والجروح المادية التي أصابت البحرين بسبب قنابل المولوتوف وتفجير السلندرات لم تكن موجهة ضد عناصر الشرطة وأفراد الأمن العام؛ بقدر ما هي رسالة لإرهاب شعب البحرين بكل مكوناته وتلاوينه من أجل إزعاجهم في أمنهم، وتنغيص أمانهم في سبيل طردهم وتهجيرهم، لتبقى البحرين لقمة سائغة لإيران وتوابعها في المنطقة، وهذا ما سنتصدى له مدافعين عن الوطن كأفراد قبل النظام، بحكم أن الوطن للجميع وليس للنظام منفرداً أن يدافع عنه. ماذا يزعج المعارضة في مشروع الاتحاد الخليجي؟ أليست هي من تقول في الاتحاد قوة؟ وهل إذا اتحدنا مع إيران سنصبح تلك القوة؟ لماذا طالبت إيران بالتدخل والضغط على بعض الدول لعدم الدخول في هذا المشروع الوحدوي؟ أليس الاتحاد مع دولة لها ثقلها العالمي من حيث الاقتصاد السياسي يعود على الشعب بفائدة جمة، وانتشالها من العوز والفقر الذي تصوره المعارضة؟ ألا تطالب المعارضة ببحبوحة العيش الرغيد لطائفتها؟ أليست هي من تشكو التأخير في طلبات الإسكان؟ أليست من تقول إن المملكة العربية السعودية هي العمق الاستراتيجي للبحرين؟ وهي القوة الإقليمية العسكرية الحامية لمنجزات الوطن؟ فلماذا ارتعبت من دخول قوات درع الجزيرة للبحرين واعتبرته احتلالاً؟ أليس في دخولها مشروعية بموجب اتفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون؟ وكلنا نعلم والمعارضة أعلم منا أن عنصراً من هذه القوات الباسلة لم يُشاهد في الشوارع الرئيسة أو المجمعات التجارية بلباسه العسكري أو المدني، ولم يتدخل في تطهير الدوار أو السلمانية، ولم يطلق طلقة واحدة على أيّ من المتجمهرين، إنما كانوا في مهمة سامية رفيعة للدفاع عن الوطن ومكتسباته من التدخل الخارجي الذي اشتممنا روائحه النتنة على بعد أمتار قليلة من حدودنا الإقليمية، حيث اكتفت هذه القوات بحراسة المنشآت النفطية والكهربائية وحدودنا البحرية، فلماذا لم تنزعج المعارضة عندما تدخلت هذه القوات الخليجية لتحرير الكويت؟ ولماذا تؤيد تدخل حزب الله والحرس الثوري وفيلق القدس وفيلق بدر في سوريا؟ وماذا تسمي احتلال الجزر الإماراتية من قبل إيران؛ هل تسميها سياحة إيرانية في منتجعات جزر أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى؟ وماذا عن الشعب العربي الأحوازي المضطهد والمنتهكة حقوقه المشروعة على مرأى من العالم؟ أليس لديهم بيانات سرية بهذا التأييد لأفعال إيران الدنيئة تم إرسالها إلى إيران ومنها إلى بعض السفارات الأجنبية والعربية؟ تماماً كما تم إرسال بيانات مشوهة عن البحرين في أغلفة بيض الدجاج الخدج ذات الرائحة النتنة تقول فيها (شعب البحرين يناديكم.. وشعب البحرين يستعطفكم.. وشعب البحرين يعيش تحت نظام.. وشعب البحرين منتهكة حقوقه.. وشعب البحرين يصرخ..)، فلماذا هذه الازدواجية غير المتناغمة مع التوجه الراديكالي الطائفي العلماني البعثي التقدمي الصدري الفارسي الشمولي، وتتحدثون باسم الشعب البحريني؟ السؤال هو؛ من أنتم لتتحدثوا باسم شعب البحرين؟ من أوكلكم لتتحدثوا باسم الشعب؟ ولماذا تكررون هذه المطالب باسم الشعب في المحافل الدولية ونحن موجودون هناك، ونحن فئة من الشعب جاءت كمنظمة حقوقية مكونة من السني والشيعي والبهائي والمسيحي، والذي يمثل النسيج الاجتماعي للبحرين، حضرنا للاستعراض الدوري الشامل لتقرير مملكة البحرين، وقلنا لهم وبصوت لا تنقصه الصراحة والشفافية؛ نحن فئة من الشعب لم نأت إلى هنا لنمثل أو نتكلم عن الحكومة وندافع عنها، بقدر ما أتينا لنقول نحن أيضاً لنا مطالب معيشية، نطالب بها ضمن الدستور الذي رسم لنا طريقاً لنسلكه ومن خلال مجلس منتخب يمثل كافة أبناء الشعب، فضلاً عن أن باب سمو رئيس الوزراء مفتوح على مصراعيه يستقبل كافة المواطنين دون استثناء إضافة إلى المقيمين يستمع منهم ويذلل الصعاب التي تواجههم ويحقق مطالبهم في دقائق، إضافة أنه يتابع تنفيذ توصياته بنفسه دون الاعتماد على السكرتارية، وهذا دليل على اهتمامه بشؤون المواطن، كما إننا لم نجد انتهاكات لحقوق الإنسان كما تصورها المعارضة في الفعاليات التي يقيمونها، فلدينا كل الآليات الدستورية والقانونية التي تحد من تسلط الحكومة ولا تجعلها تمارس الانتهاكات التي يزعمون بها، لأن جلالة الملك فتح مكتباً في ديوانه للمظاليم يتلقى الشكاوى ويعمل على حلها، ونحن نعيش ونتعايش مع نظام يحترم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية والثقافية والاجتماعية وكافة بروتوكولات مبادئ باريس، والدليل على ذلك قبولنا بكل طواعية توصيات تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق (تقرير بسيوني)، التي دعا إليها جلالة الملك، وعملت الحكومة علي تنفيذها من خلال لجنة رفيعة المستوى برئاسة رئيس مجلس الشورى ومن كافة قطاعات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وساهموا في تذليل كافة الصعاب لتنفيذها والعمل بها، وقمنا بالتعديلات الدستورية التي توافق عليها اجتماع الحوار الوطني، وكانت المعارضة هي من طالبت بهذه التعديلات رغم انسحابها، فكان لها ما أرادت، لكن لأنها لم تتوقع الاستجابة السريعة بالتعديلات زعمت أن هذه التعديلات غير ما دعت إليه! حقيقة نحن أمام مجموعة تدعى المعارضة من أجل المعارضة، ولكل ما هو منصب لصالح الوطن والمواطن، وعندما تعلم أن الحكومة بصدد الشروع في إصدار قرار يصب لصالح المواطن تتصدى له في محاولة منها للتقليل من فائدته حتى لا يسقط قناعها وتهوي أرضاً أمام مؤيديها الذين لم يروا منها إلا جعجعة دون طحن، وهكذا حتى باتت تترصد لكل مرسوم بقانون أو مرسوم ملكي لتطعن فيه بطريقتها الخاصة، وتقلل من شأنه، بل وإن شئنا الدقة ترسله إلى مطبخهم (الطائف سياسي) ليرد عليه بلغة لا نفهمها ولم نتعلمها في قواميس السياسة ولا في مفردات القانون، ليصاغ باسم الوفاق وينشر في صحافة وإعلام الوق وقاق متجاوزاً حتى حدود النفاق.