فى فيلم "عسكر فى المعسكر" ـ الذى لعب الفنان محمد هنيدى فيه دور البطولة ـ ظهرت الفنانة حنان الطويل أو "الست كوريا" فى ثوب كوميدي فجّر ضحكات الملايين الذين شاهدوا الفيلم، لكن ما يخفى عن كثير ممن شاهدوا "كوريا" أو حنان الطويل وتفاعلوا مع ما قدمته من "إفيهات" أنها كانت رجلا قبل أن يُجرى لها عملية تحويل للجنس، وفقاً لما اعلنته هى فى مجلة حواء قبل دخولها إلى عالم السينما بسنوات.
يلجأ البعض إلى عملية تحويل جنسهم من ذكور إلى إناث أو العكس عندما يكون عقلهم رافضاً جنسهم الذى هم عليه، وهو ما عانت منه "بشاير" المخرجة الجنسية، واعلنته عبر وسائل الإعلام الكويتية قائلة أن العملية التى أُجريت لها شخصياً للتحول من ذكر إلى أنثى يجيزها الشرع والقانون طالما ثبتت ضرورة إجرائها.
إختلال الهوية الجنسية يوضحه الدكتور بسرى عبد المحسن، أستاذ الطب النفسى، بأنه حالة إضطراب داخلى مستمر يكون عقل المريض رافضاً الجنس الذى هو عليه، فيكون الصدام بين جسمه الذى هو جسم أنثى مثلاً، وبين عقله الذى لا يتصور سوى أنه ذكر.
تُجرى لمن يعانون من الإختلال فى الهوية الجندرية ـ أو كما يطلق عليهم الأطباء مصطلح " الترانسجندر" - عملية جراحية معقدة يسبقها تحاليل وفحوصات صارمة لكى تُجرى للمريض فضلاً عن التهيئة النفسية للمريض قبل العملية وكذلك بعدها "لكى يتقبل المريض جنسه الجديد الذى حلم به طول حياته قبل العملية" يقول الدكتور عبد المحسن.
يختلف المتحول الجنسى "الترانسجندر" عن المولودين وهم يحملون عضوي الذكورة والأنوثة وهؤلاء يسميهم الأطباء حالات "الإنترسكس" أو حالات التداخل الجنسى أو "ثنائية الجنس" لإن المريض يمتلك حينها عضوى التناسل، أما المتحول الجنسى فهو ذكر كامل جنسياً غير أن عقله يرفض أن يعترف بهذه الذكورة أو العكس.
الجمعية العالمية المتخصصة فى صحة "الترانسجندر" أصدرت تقريراً تحث فيه الحكومات على مستوى العالم، والهيئات المختصّة أن ترفع الشروط الإجبارية القضائية أو غيرها اللازمة عند إجراء عمليات جراحية لتحويل الجنس.
تناولت فيه آخر ما وصلت إليه حرية إجراء هذه العملية فى دول عربية وعلى رأسها المملكة السعودية التى تجرى فيها مستشفى جامعة الملك عبد العزيز 60 عملية فى العام الواحد.
فى لبنان أصدر الدكتور ياسر حكم الدين، رئيس المحكمة الكبرى السنية الشرعية، بياناً بين فيه ضمنياً أن هذه العمليات التى يلجأ إليها البعض ما لم تكن لضرورة طبية ملحة فهى تندرج تحت أعمال الشيطان "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"، لكن الفقيه اللبنانى أباح عمليات التصحيح التى يجريها المخنثون الذين يمتلكون أعضاء الذكورة والأنوثة معاً مؤكداً أن الآباء الذين يتركون أبنائهم دون إزالة الأعضاء المصابة بالضمور آثمون.
هل تتزوج من شخص متحول جنسيا؟أستاذ الطب النفسى الدكتور يسرى عبد المحسن قال:" مجتمعنا العربى والإسلامى يرفض المتحولين جنسياً تماماً ويرى أنهى مجموعة من المنحرفين أو الشواذ، لكن هؤلاء هم مرضى لابد وأن نتعامل معهم بهدف علاجهم من مرضهم".
كريمة الليثى ـ 25 سنة ـ تؤكد أنها لا يمكن أن تتزوج من شاب كان فى الأصل فتاة لأن هذا الأمر "يرفضه المجتمع الشرقى الذى نعيش فيه، كما يرفضه الدين الإسلامى وهى المشكلة الأكبر فطالما كان الدين لا يقبل بإجراء مثل هذه العمليات فإن مبدأ الزواج من متحول جنسى مرفوض".
ويؤكد الدكتور عبد المحسن أن حالات "الترانسكس" تختلف فيما بينها، فلكل حالة ظروفها الخاصة التى تختلف عن ظروف الحالة الأخرى، والأكيد أنه ليس كل من أجرى عملية تحول جنسي لجأ إلى الزواج بعد إجرائه العملية الجراحية، فهو يجريها فقط لأنه فى حاجة إلى ذلك حتى يكن لديه حالة من الرضا أكثر عن جنسه الذى كان يرفضه عقله أول الأمر".
نهال حسام ـ الطالبة الجامعية ـ ترى أنها لا مانع لديها من الزواج من شاب متحول جنسياً من حيث المبدأ لأن المتحول جنسياً يصبح رجلاً عادياً، وطالما أصلح هذا الشخص وضعاً كان "غلط" فلا ينبغى أن أعترض عليه.
لكن محمد عبد الظاهر ـ 35 سنة ذو توجه سلفى ـ يرى أن تحويل الجنس "كفر" بيِّن فمن أجرى مثل هذه العملية خالف شرع الله واتّبع الشيطان الذى قال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"، فالله ـ كما يقول عبد الظاهر ـ خلق الرجل بهذه
التركيبة الهرمونية والجسدية كى يبق رجلاً وكذلك المرأة، أما أن يتحول الرجل أمرأة والمرأة رجلاً فهذا إتباع للشيطان.
نيرة أحمد ـ سيدة أُجرى لها عملية تصحيح للجنس ـ تزوجت من طبيبها الذى أجرى لها عملية التصحيح وأنفصلت عنه لاحقاً، لأنه خاف من العقاب الإجتماعى نتيجة إقترانه بفتاة كانت خنثى قبل أن يتعرف إليها.
الجمعية النفسية الأمريكية أصدرت ميثاقاً وضعت فيه شروطاً واضحة لابد أن يلتزم بها الأطباء عند إجرائهم عمليات التحويل الجنسى لحالات "الترانجسندر" ، ومن أهم هذه الشروط أن يستمر الإحساس لدى المريض بعدم إرتياحه لجنسه الحالى لمدة لا تقل عن سنتين متصلتين، وألا يكون هذا المريض واقعاً تحت تأثير مرض نفسى ما كالإنفصام فى الشخصية أو مرض وراثى كتضاعف كروموزومات الجنس أو حمل كروموزومات الذكورة بالنسبة للإناث.
عبد المحسن يوضح أن الإقدام على إجراء هذه العملية يحتاج إلى تحضير كبير وإعداد وهناك عدة عوامل لابد من مراعاتها قبيل إجراء العملية كالجوانب النفسية، وطبيعة التركيبة الوراثية للمريض، ولابد من تأهيله نفسياً وإجتماعياً تأهيلاً كاملا لكى يتقبل عقله جنسه الجديد.
ويؤكد الدكتور يسرى أن بعض الحالات ـ بعد إجراء العملية لها ـ لا تستطيع تقبل الوضع الجديد وبالتالى تشعر بالندم على إجراء عملية التحول وتدخل فى إكتئاب شديد قد ينتهى بأن يلجأ المريض إلى حل أخير وهو الإنتحار.
"حالات (الترانسجندر) يعيشون فى حالة من الإكتئاب الشديد، ويبحثون دائماً عن حل لحالة الإكتئاب هذه، إلا أنهم عندما يتوجهون إلى طبيب جراح متخصص لإجراء العملية فإن الأطباء يرفضوا إجراء العملية لهم وبالتالى تسوء حالتهم النفسية، وهو ما ينتهى بهم إلى الحل الأخير ذاته ـ الإنتحار ـ " ينهى بذلك أستاذ الطب النفسى كلامه.