^ هناك خبر أعلنت عنه السفارة الأمريكية في المنامة عن لقاء عقد مؤخراً بين نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي خلال زيارته الأخيرة للبحرين مع ممثلي المجتمع المدني في البلاد. اللافت في الخبر أنه يأتي ضمن سلسلة من الأخبار المكشوفة التي تسعى إليها السفارة حالياً بعد أن كانت مثل هذه اللقاءات تتم في سرية تامة سابقاً لتحقيق أغراض معينة. فالسفارة الأمريكية تدرك جيداً أن وقت إسدال الستار على بعض الفعاليات التي تقيمها وتمثل اتصالات بينها وبين المعارضة الراديكالية في البحرين انتهى بعد أن ظهرت قوى مناهضة للتعاطي الأمريكي تجاه الأوضاع في البلاد، وعدم وقوف واشنطن على مسافة واحدة من مختلف مكونات المجتمع المحلي لسبب معروف وهو قناعة الإدارة الأمريكية بأن القوى السياسية التي تدعم الإصلاح والتغيير السياسي هي قوى المعارضة الراديكالية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأيديولوجيا ولاية الفقيه طبعاً. الخبر الذي نشرته السفارة الأمريكية كشف أيضاً وجود مجموعة من الشخصيات السياسية والإعلامية التي تعتبرها واشنطن القوى الداعمة للتغيير، ولذلك أطلقت عليها (ممثلو المجتمع المدني البحريني)، وعليه فإنه لا يوجد ممثلين عن المجتمع المدني سوى هذه الشخصيات التي تحمل وجهات نظر سياسية معينة وواضحة ومعروفة سلفاً. لا توجد مشكلة عندما تستمع واشنطن لهذه الفئة باعتبارها (تمثل جزءاً من المجتمع المدني البحريني)، ولكن المشكلة الحقيقية عندما تعتقد واشنطن أن هذه الفئة بالفعل تمثل كل المجتمع المدني في البلاد. طبعاً من المؤكد أن الإدارة الأمريكية تدرك جيداً من الفئة التي تتعامل معها باستمرار وتحرص على الاستماع لوجهة نظرها دائماً عندما يزور أحد المسؤولين الأمريكيين المنامة. ولكنها تتجاهل بشكل مقصود وله أهدافه بقية مكونات المجتمع المدني البحريني. التصريحات الأمريكية منذ فبراير 2011 كانت تقف دائماً مع القوى السياسية الراديكالية وتشدد واشنطن على ضرورة الاستماع لوجهات نظرها، ولكننا لا نسمع كثيراً أن الإدارة الأمريكية قدمت مواقف دعت فيها الحكومة للاستماع إلى جميع وجهات النظر باعتبارها ذات مغزى. ولم نسمع يوماً أن قامت الإدارة الأمريكية بدعوة أنصارها من القوى السياسية الراديكالية في المنامة إلى التوقف عن العنف ومواجهة رجال الأمن واحترام مختلف الآراء ووجهات النظر السياسية بقدر دعوتها للاستماع إلى وجهة نظر أحادية فقط دون غيرها كما هو الحال اليوم فيمن تسميهم (ممثلي المجتمع المدني). ولكن يبدو أن الحوار «ذو المغزى» الذي تطالب به واشنطن باستمرار حازت فيه لفظة «ذو مغزى» على إعجاب كبير ومبالغ فيه من قبل المعارضة الراديكالية التي صارت تقحم كافة بياناتها السياسية بلفظ (ذي مغزى) دون أن تعرف المغزى الذي تقصده واشنطن.