^  أحد الشباب حكى قصته التي تحولت إلى عبرة عالمية، عبرة على كل منا أن يعتبر منها، لأنها تعلمنا الكثير وتكشف القلوب العمياء التي لا يرى بها الآخرون الخطوات التي يمشونها ولطبيعة الحياة التي يحيون، هذا الشاب الذي تعلم درساً هو في تصوري من أجمل دروس الحياة. قال لنا من نقل هذا الدرس: أمي كانت بعين واحدة، لقد‏كرهتها، كانت تسبب لي كثيراً من الإحراج، كانت تطبخ للطلاب‏والمعلمين كي تساند العائلة، ذات يوم بينما كنت بالمدرسة المتوسطة قدمت أمي لتلقي علي التحية،‏لقد كنت محرجاً جداً.. كيف استطاعت أن‏تفعل هذا بي‏لقد تجاهلتها.. احتقرتها.. رمقتها بنظرات حقد.. وهربت بعيداً. في اليوم التالي وجه أحد طلاب فصلي كلامه لي ساخراً:‏إيييييييي.. أمك تملك عيناً واحدة،‏أردت أن أدفن نفسي وقتها وتمنيت أن تختفي أمي للأبد، ‏فواجهتها ذلك اليوم قائلاً: إن كنت فقط تريدين أن تجعلي مني مهزلة فلم لا تموتين؟ مكثت أمي صامتة ولم تتفوه بكلمة واحدة،‏لم أفكر للحظة فيما قلته لأني كنت ‏سأنفجر من الغضب، كنت غافلاً عن مشاعرها،‏أردت الخروج من ‏ذلك المنزل، فلم يكن لدي شيء لأعمله معها، لذا أخذت أدرس بجد حقيقي حتى حصلت فرصة للسفر لسنغافورة،‏بعد ذلك تزوجت وامتلكت منزلي ‏الخاص وكان لي أطفال.. وكونت أسرتي، كنت سعيداً بحياتي الجديدة وكنت سعيداً بأطفالي، كنت في قمة الارتياح،‏وفي أحد الأيام جاءت أمي لتزورني بمنزلي، ‏هي لم ترني منذ أعوام ولم تر أحفادها ولو لمرة واحدة. عندما وقفت على باب منزلي أخذ أطفالي يضحكون منها، صرخت عليها بسبب قدومها دون موعد، ‏كيف ‏تجرأت وقدمت لمنزلي وأرعبت أطفالي؟ صرخت بها: أخرجي من هنا حالاً، جاوبت بصوت رقيق: عذراً آسفة جداً لربما تبعت العنوان الخطأ. منذ ذلك الحين اختفت أمي. في أحد الأيام وصلتني رسالة من المدرسة بخصوص لم الشمل بمنزلي بسنغافورة، لذا كذبت على زوجتي ‏وأخبرتها أني مسافر في رحلة عمل،‏بعد الانتهاء من لم الشمل توجهت لكوخي العتيق حيث نشأت، كان فضولي يرشدني لذلك الكوخ، أحد جيراني أخبرني: لقد توفيت والدتك!‏لم تذرف عيناي بقطرة دمع‏واحدة،‏كان لديها رسالة أرادت مني أن أعرفها قبل وفاتها.. ‏أبني العزيز؛ لم أبرح أفكر فيك طوال الوقت، أنا آسفة لقدومي لسنغافورة وإرعابي‏لأطفالك، لقد كنت مسرورة عندما عرفت أنك قادم بيوم لم الشمل بالمدرسة، لكني لم أكن قادرة على النهوض من السرير لرؤيتك، أنا آسفة.. فقد كنت مصدر إحراج لك في‏فترة صباك،‏سأخبرك.. عندما كنت طفلاً صغيراً تعرضت لحادث وفقدت إحدى عيناك، لكني كأم لم أستطع الوقوف وأشاهدك تنمو بعين واحدة فقط.. ‏لذا فقد ‏أعطيتك عيني.. كنت فخورة جداً بابني الذي كان يريني العالم بعيني تلك.. مع‏حبي لك.. أمك. بعد قراءة هذه الرسالة، لم أعرف كيف أستطيع أن أعلق عليها غير دمعة سقطت من العين لتصل القلب. هي أمك يا هذا.. هي أمك؛ فأنت لا شيء دونها، أنت لا معنى لك إن لم تشكرها، حتى لو كانت سيئة في نظرك، حتى لو مارست الأخطاء، فكل البشر خاطئون. يغفر لهم رب السماء ويتوب عليهم، فمن أنت لتحاسب أمك على أخطائها؟ من أنت لتكون السيف المسلط على رقبتها؟ من لا يملك الخير لأمه لا يمكن أن يقدم الخير لأحد.