يتداعى المسلمون اليوم لنصرة إخوانهم الذين هم في أشد الحاجة إليهم في سوريا وحولها وما جاورها بعدما أصابهم ما أنكرته العيون وكرهته الأنفس في مشاهد مروعة ومجازر مفزعة، وإن نصرتهم اليوم تكون بعدة وسائل وطرقة مختلفة، ومن أعلاها وهي تدخل في حدود استطاعة الجميع الجهاد معهم بالمال. إن التصدق والتبرع للتخفيف ما يمر به أولئك على سبيل المعروف والإحسان وابتغاء وجه الله ونيل مرضاته والفوز بجناته يحقق مقاصد شرعية عظيمة ففيها تقوية لأواصر المحبة بين المسلمين وتعميق للروابط التعاون والتضامن ففيها إعانة لأصحاب الحوائج في الأزمات والنوائب وإدخال المسرة في نفوسهم هذا على مستوى الأمة. أما على مستوى الفرد فالصدقة التي تخرجها طيبة بها نفسك تنفي عنك معاني الجشع والشح والبخل وتطهر المال وتزكيه وتنمية وتحقق بركته، وتؤدي حق الله فيه فترفع من درجة المسلم وتعلي قدره. يقول الله تعالى: “مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” [البقرة:245]، ويقول سبحانه وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:265]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال من صدقة)، ويقول: (من استطاع منكم أن يستتِر من النار ولو بشق تمره فليفعل) رواه مسلم، فالصدقة حجاب بينك وبين النار. قال عمر رضي الله عنه: (إن الأعمال تباهت فقالت الصدقة: أنا أفضلكن)، وقال أنس رضي الله عنه: (باكِروا بالصدقة؛ فإنّ البلاء لا يتخطّى الصدقة). وهي في صورة سوريا على الخصوص تصد جبهات أكبر وشرور أعظم تقع على المسلمين، فإن هذه الوحشية لا ترتضيها النفوس السليمة ولا تقبلها الفطر المستقيمة، ومن منطلق الأخوة الإسلامية والشعور بالمسئولية لا بد أن نتكاتف جميعاً فنشعر بما يشعرون بها ونتفاعل معهم.