^ لا نستغرب إعلان الجمعيات السياسية قبولها للحوار دون شروط مسبقة، فقد جاء مواكباً لإعلان إيران تراجعها عن معارضتها لمشروع “الاتحاد الخليجي”، حيث أكد سفيرها بالكويت روح الله قهرماني مساندة بلاده لوحدة الدول العربية والإسلامية، شريطة أن تكون بموافقة الشعوب بعد استفتائها، أي أن إعلان هذه الجمعيات يدخل ضمن المشروع الإيراني - الأمريكي لإفشال الاتحاد الخليجي حين تشترط إيران موافقة الشعوب، وأن الإعلان الإيراني وموافقة الجمعيات السياسية للحوار غير المشروط ليس فقط المحاولة لإفشال الاتحاد الخليجي؛ بل أيضاً يخدم أتباع إيران في البحرين حين يكون هذا التصالح يدخل من ضمنه تمكين الجمعيات الصفوية، وتقدم الدولة بعض المكافآت لبعض شخصياتهم، ومن خلاله يمكن إعادة تأهيل الخطة الخمسينية التي تحطمت أعمدتها بفشل المؤامرة الانقلابية. كما إن خيبة الأمل الكبيرة التي أصابت الجمعيات السياسية في مجلس حقوق الإنسان، واصطفاف الدول العربية مع البحرين، وفشل الجانب الغربي بمنظماته في إدانة البحرين حين اكتشف الحضور أن أدلة المعارضة لا تخرج عن أفلام مفبركة وشهادات مزورة، وقرب ساعة سقوط بشار كلها أسباب اجتمعت ليعلن الجانب الإيراني قبوله بالاتحاد وقبول الجمعيات السياسية البحرين بالحوار مع الدولة دون شروط، أملاً أن يكون هناك استفتاء قبل إعلان الاتحاد، حين تتخبط الدولة بهذا الصلح وينتج عنه أن يكون للجمعيات المعارضة رأي في الاتحاد، وذلك على غرار حزب الله اللبناني عندما قبلت به الحكومة اللبنانية وجعلته شريكاً لها في جميع قراراتها المحلية والدولية. إن التغيير المفاجئ في الموقف الإيراني والجمعيات السياسية البحرينية المدعومة من إيران، يكشف مدى عمق اللعبة الإيرانية والأمريكية في المنطقة وخصوصاً في البحرين، حين نقرأ تواكب هذا التغيير مع تصريح مستشار الأمن الأمريكي بين رودز الذي قال فيه “إننا نسعى لاستخدام شراكتنا لتمكين القوى داخل البحرين التي تحاول العمل على قضايا صعبة جداً بطرق سلمية وفعالة في صفوف الحكومة والمعارضة، أعتقد أنه بإمكاننا أن ندعم جهود الإصلاح”، ويأتي معه إعلان المدعو الخواجة بفك الإضراب بزعمه أنه حقق هدفه المنشود، كلها أمور توضح أن أمريكا وإيران والجمعيات السياسية تسعى إلى إعادة الهدوء السياسي في البحرين وإدخال هذه الجمعيات وتمكينها، حيث يصبح بعدها لا حاجة لاتحاد خليجي لأن “الخطر” الذي قررت الدول الخليجية إعلان اتحاد من أجله قد “زال”. اليوم أصبح أمامنا موافقة إيران مشروطة باستفتاء شعبي، وإعلان الجمعيات السياسية، وقرار الخواجة بالتوقف عن الإضراب؛ كلها آليات اتفق عليها الحليفان الأمريكي والإيراني ووسطاؤهما في الخليج، وذلك حين فشلت كل جهودهم؛ بدءاً من فشل المؤامرة الانقلابية وفشل إدانة البحرين دولياً وقرب سقوط بشار الأسد، حيث أُجبرت هذه القوى على تغيير استراتجيتها باللعب بما تبقى لها من أوراق على أمل أن يكون لها مدخل جديد تتحرك من خلاله، واستراتجيتها الآن تتركز على إفشال الاتحاد الخليجي، وتمكين الجمعيات السياسية المعارضة من الحكومة، وهو ما صرح به مستشار الأمن الأمريكي. نقول لنظام الحكم الإيراني ومستشار الأمن الأمريكي وهذه الجمعيات السياسية، إن شعوب دول الخليج ليست قطيع أغنام يسوقها خامنئي ومستشار أمريكي وجمعيات سياسية صفوية، فهي شعوب عربية إسلامية حكامها أمراء وملوك وقد ملكوا الشجاعة والحكمة والقوة، وهم أصحاب القرار في تقرير مصير شعوبهم والتي اجتمعت على ضرورة إعلان الاتحاد الخليجي، ويجب على أمريكا وإيران أن تحترم إرادة هذه الشعوب وحقها بالالتفاف حول حكامها، وإن محاولة أمريكا بإيصال حكومة من المعارضة أو مشاركة المعارضة في الحكم لصالح النظام الإيراني تحت دعوى دعم جهود الإصلاح في البحرين، فهذه مؤامرة كشفت خيوطها حين حاولت أمريكا سحب أسطولها الخامس من مياه البحرين بعد أن حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والاستخبارات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية بتاريخ 20 مارس 2011 “أن هناك تحركات عسكرية بحرية كثيفة لقوات إيرانية في المياه الإقليمية الإيرانية، وحشود بوارج وزوارق حربية، فيما يحتمل أنه استعداد لغزو البحرين، وأن مئات من العناصر من الحرس الثوري الإيراني ومن جماعات حزب الله اللبناني باتوا متواجدين في البحرين”، وهذا ما كشف الدور الأمريكي الإيراني في المؤامرة الانقلابية على الحكم الخليفي