^ ليس بالشيء المخفي على أحد أن تكون كل البعثات التي تبتعثها وزارة التربية والتعليم لأبنائنا الطلبة، إنما تكون وفق حاجات وخطط واستراتيجيات الوزارات المختلفة، فالدولة عبر مؤسساتها الرسمية تضع كل احتياجاتها المستقبلية ومن كافة التخصصات أمام وزارة التربية والتعليم، لتقوم بتخصيص بعثات حسب احتياجات الوزارات المعنية إلى الجامعات والكليات التي تتوافر فيها تلك التخصصات. لكن وبعد أن تبتعث التربية مشكورة كل أبنائها عبر بعثات مدروسة يجد الطلبة أنفسهم بعد مرحلة التخرج من ضمن العاطلين عن العمل، بينما يجب أن يحصلوا فور تخرجهم على وظائف تناسب مخرجاتهم التعليمية وفق ما ذكرناه آنفاً، لكن كل ذلك الحلم يتبخر، وكأن خطط البعثات لم تكن سوى أشياء وهمية. أتمنى أن تكون الصورة واضحة لدى القارئ الكريم، ومن الطبيعي أنها واضحة جداً لدى المؤسسات الحكومية بكل تأكيد، وهو أنه لا يجوز لأي مبتعث أن يجلس في منزله بعد تخرجه، بل يجب أن يوظف مباشرة حسب البرنامج المعد له سلفاً من خطط البعثات، ومن هنا نصاب بالدهشة حين نجد طالباً متميزاً جداً يُبتعث إلى أرقى الجامعات ولأفضل التخصصات، فيتخرج بتفوق لافت، لكنه يظل (يشحت) وظيفة من مكان إلى آخر. إذا كان التخصص غير مرغوب فيه أو ليس مطلوباً أصلاً، وإذا لم تكن لدى المؤسسات الرسمية مقاعد لوظائف شاغرة، فلماذا تخصصون بعثات لطلبتنا المتميزين، ليجدوا أنفسهم خُدِعُوا من خلالها، فيندموا كل الندم حين قبلوا بتلك البعثات، ويا ليتهم اختاروا تخصصات أخرى تناسب سوق العمل؟. سنتحدث هنا عن مثال حي في هذا الإطار ألا وهو البعثات الطبية، حين يتخرج الطالب من الثانوية العامة ويحصل على نسبة 99% أو ما يقاربها، متمنياً تحقيق حلمه الكبير وهو أن يدرس في إحدى الجامعات الطبية، وبالفعل ينجح بجده وجهده في الحصول على رغبته الأولى، وعلى رغبة وزارة الصحة في ابتعاثه إلى جامعات طبية معتبرة تكلفهم الملايين، لكن وبعد انقضاء سبعة أعوام من التعب المضني والانقطاع عن كل الملذات الحياتية وعن المجتمع، يجد طالب الطب نفسه في نهاية المطاف عاطلاً عن العمل!!. حين تتعذر وزارة الصحة بأنها ليست في حاجة اليوم لكل هؤلاء الخريجين من طلبة الطب، فما هو عذرها في من ابتعثتهم (هي وليس غيرها) حسب خططها وحاجاتها؟ ولماذا لا تقوم بتوظيفهم حالاً؟ ما عساها أن تقول لطلبة أفنوا زهرات شبابهم في دراسة الطب ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف دون وظيفة، حالهم كحال الطالب الكسول الذي لم يكمل الثانوية العامة؟ نحن على يقين تام أن وزارة الصحة في أمس الحاجة أن توظف كل متخرج من طلبة الطب في مستشفياتها ومراكزها الصحية، سواء أكان مبتعثاً أو من الذين درسوا على نفقتهم الخاصة، لأن النقص بات واضحاً في الأعوام الأخيرة في مستشفيات الدولة ومراكزها الصحية، لكن الصحة لا تقوم بهذه المهمة، ومع ذلك فإننا نتساءل عن الطلبة المبتعثين تحديداً، لماذا لا تقوم الصحة بتوظيفهم؟.. هذا هو مربط الفرس وسؤاله؟ نتمنى أن نحصل على إجابات شافية في هذا الموضوع، وألا يقف عند أدراج الجهة المسؤولة.