عواصم - (وكالات): تصاعدت حدة الضغوط الدبلوماسية على النظام في سوريا بشكل غير مسبوق إثر مجزرة الحولة التي أودت بحياة أكثر من 100 شخص، حيث توالى طرد الدبلوماسيين السوريين المعتمدين في الخارج، وجددت الدول الغربية محاولاتها لثني روسيا عن مواقفها الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، في حين عقد مجلس الأمن جلسة خاصة لمتابعة تطورات الوضع في سوريا. وتقرر أن يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة جلسة خاصة غداً لمناقشة مجزرة الحولة، في حين يستقبل في اليوم نفسه الرئيس الفرنسي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على أن يسعى الرئيس الفرنسي إلى تغيير موقف موسكو الداعم حتى الآن لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفي نيويورك عقد مجلس الأمن أمس جلسة على مستوى السفراء مخصصة لبحث الوضع في سوريا استمع خلالها الى جان ماري غيهينو مساعد الموفد الدولي والعربي إلى سوريا كوفي عنان الذي تكلم عبر دائرة فيديو مغلقة من جنيف، وإلى مدير عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة ايرفيه لادسو. وقدم الاثنان صورة «مفجعة» للمذابح التي حصلت في الحولة الأسبوع الماضي وفي السجر قرب دير الزور شرق سوريا حسب ما نقل أحد الدبلوماسيين. وشدد غيهينو على ضرورة إطلاق «عملية سياسية فعلية لكسر حلقة العنف في سوريا». وحسب رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا الجنرال النروجي روبرت مود فان 108 أشخاص بينهم 49 طفلاً قتلوا الجمعة والسبت الماضيين في الحولة نتيجة قصف مدفعي او قتل مباشر عن قرب. كما عثر المراقبون على جثث 13 شخصاً في منطقة السجر شرق دير الزور. وقال الجنرال مود أن الجثث «كانت مقيدة الأيدي وراء الظهر وبعضها قتل برصاصة في الرأس عن مسافة قريبة». على الصعيد الدبلوماسي تواصل مسلسل طرد الدبلوماسيين السوريين. وقال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية إن الحكومة اليابانية طلبت من السفير محمد غسان الحبش مغادرة البلاد «في أسرع وقت ممكن». كما طلبت تركيا من الدبلوماسيين السوريين مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، بحسب بيان للخارجية التركية. ويأتي ذلك غداة قيام كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وسويسرا وأستراليا وكندا بطرد أعلى الدبلوماسيين السوريين لديها بهدف زيادة الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد. والخطوات المنسقة لهذه الدول تأتي عقب تزايد الغضب الدولي اثر المجزرة في بلدة الحولة وسط سوريا. ودانت جنوب أفريقيا المجزرة «الرهيبة» وقدمت دعمها لمهمة كوفي عنان. وردت الخارجية السورية على طرد سفرائها في بيان مقتضب بطرد القائمة بالأعمال في السفارة الهولندية في دمشق وأمهلتها 3 أيام للمغادرة. واعتبر وزير الخارجية الهولندي اوري روزنتال الخطوة «بأنها ليست مفاجئة». وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أن طرد سفراء سوريا في أوروبا والولايات المتحدة لا يكفي و»لن يحرم» الرئيس السوري بشار الأسد «النوم» داعياً إلى اتخاذ «تدابير أكثر فاعلية». ودانت روسيا الطرد «غير المجدي» لسفراء سوريين في عواصم غربية. وتعقيباً على المواقف الروسية من الأوضاع في سوريا، ولا سيما موقفها الأخير إثر مجزرة الحولة الذي اعتبر أن النظر في أي إجراء في مجلس الأمن «سابق لأوانه»، رأى المجلس الوطني السوري المعارض أن هذه المواقف تشجع النظام على مواصلة «جرائمه الوحشية». وقال رئيس المجلس الوطني المستقيل برهان غليون في اتصال مع وزير خارجية ألمانيا إن «تفاهماً دولياً لتنحي الأسد فوراً هو السبيل الوحيد لإنقاذ خطة عنان والحل السياسي وإلا فإن الوضع مقبل على انفجار يهدد كل المنطقة». وفرض الملف السوري نفسه طبقا رئيسيا في عشاء الزعيمين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وعرض هولاند بوضوح الخطاب الذي ينوي توجيهه إلى ضيفه الذي يعطل منذ أشهر، كما الصين، أي عقوبة بحق السلطات السورية في مجلس الأمن الدولي. وقال دبلوماسي مقرب من الرئيس «لا يجب أن يسمح لبشار الأسد باللعب على عجز المجتمع الدولي وانقسامه ويجب أن يتحد المجتمع الدولي خلف خطى عنان» مضيفاً «ولأجل ذلك يريد هولاند التحاور مع روسيا والصين». وجددت الصين معارضتها لأي تدخل عسكري في سوريا. كما حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن من تدخل عسكري في سوريا «سيتسبب في سقوط عشرات آلاف القتلى». وأعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أن برلين لا ترى سببا ً»للحديث عن خيارات عسكرية» في سوريا. ودعا كوفي أنان الذي التقى وزير خارجية الأردن ناصر جودة في عمان إلى «تضافر الجهود والتعاون مع مختلف الجهات والدول لمواجهة هذا الوضع وإيجاد طرق لإنهاء ووقف القتل» في سوريا، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية. بالتزامن مع ذلك عبر رئيس فريق المراقبين الدوليين روبرت مود عن «استيائه الشديد» من مقتل 13 شخصاً شرق البلاد. ودعا مود في بيانه «جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس ووضع حد لدوامة العنف من أجل سوريا والشعب السوري» إثر اكتشاف 13 جثة مكبلة الأيدي يبدو على بعضها آثار إصابتها بعيار ناري في الرأس من مسافة قصيرة أمس الأول في منطقة السجر شرق دير الزور. وأعلنت الولايات المتحدة في خطوة مشتركة مع قطر فرض عقوبات ضد «بنك سوريا الدولي الإسلامي» وذلك بعد اتهامه بمساعدة النظام السوري على الالتفاف على العقوبات المالية المفروضة عليه. من ناحية أخرى، قال متحدث باسم المقاتلين السوريين العقيد قاسم سعد الدين انهم منحوا الرئيس بشار الأسد مهلة 48 ساعة للالتزام بخطة سلام دولية لإنهاء العنف وإلا واجه العواقب. واعتبر محللون أن الحديث عن تحرك دولي ضد النطام السوري لوقف حمام الدم النازف يهدف في الواقع إلى زيادة الضغوط على روسيا والصين لأن حصول هكذا تحرك هو أمر مستبعد في المدى القصير. ميدانياً، قتل العشرات بينهم 15 جندياً في سوريا التي شهدت امتداداً في رقعة الاشتباكات بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة التي تضم عسكريين منشقين عن الجيش والأمن ومقاتلين مدنيين.