أكد أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة د. صفوت العالم أن وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في دعم ونشر ثقافة حقوق الإنسان من خلال التوعية بحقوق الإنسان، والتعريف بها، وترسيخها في سلوكيات الأفراد والجماعات، محلياً وعالمياً. وقال د. العالم في ورشة عمل نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية حضرها عدد كبير من المشاركين من مختلف فئات المجتمع البحريني: “هناك مجموعة من الحقوق والحريات المقرونة بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية تتعلق بالإعلام، وهي حرية الرأي والتعبير، والحق في الحصول على المعلومات، والحق في الاتصال والإعلام، وحرية الصحافة، والحق في الخصوصية”. حرية الرأي والتعبير وأوضح أن حرية الرأي والتعبير تكمن أهميتها في أنها صفة أساسية لكرامة الإنسان، وأنها أفضل طريقة للوصول إلى الحقيقة لخلق حالة تسمى بسوق الأفكار الذي يتم من خلاله تبادل الأفكار ووجهات النظر بحرية، وهو ما لا يتم إلا باحترام حرية التعبير، كما لا يمكن أن يكون هناك أي حوار مفتوح ونقاش علني دون حرية أو انسياب وتدفق للمعلومات. وأضاف قائلاً: “لا يجب استغلال هذه الحرية في الافتراء والطعن أو التشهير كنشر حقائق مزعومة للإساءة لسمعة شخص آخر، وإثارة الهلع، وتوجيه كلمات الشتائم أو التجريح، فضلاً عن التحريض على الجريمة، والإخلال بالأمن الوطني والنظام العام أو الصحة العامة أو الإضرار باحترام حقوق الآخرين أو الدعوة إلى التمييز العنصري أو الكراهية وإثارة الفتنة، إضافةً للإخلال بالآداب العامة أو الإضرار بالآخرين”. الحصول على المعلومات وأكد أن من بين الحقوق الأخرى المكفولة للإعلام حق الحصول على المعلومات وهي حق الفرد في الحصول على المعلومات التي تكون بحوزة السلطات العامة في أية دولة. وقال د. العالم: “هذا الحق ذو طبيعة مزدوجة، فجزء منه يعتبر من طائفة الحقوق السلبية التي تفرض الامتناع عن اتخاذ أية إجراءات تشريعية أو إدارية للحيلولة دون التدفق الحر للأنباء والمعلومات، أو أن تحتكر المعلومات التي بحوزتها وتمنع نشرها إلا في حالة وجود سبب قوي يتعلق بالمصلحة العامة مثل الأمن الوطني”. وفي المقابل، يرى د. العالم أن المعنى الإيجابي للحق في الحصول على المعلومات ينصرف إلى التزام الدولة بنشر المعلومات الرئيسية التي تتعلق بالمصلحة العامة على أوسع نطاق، من أجل ضمان الشفافية والرقابة. الاتصال والإعلام وأشار د. العالم إلى أن مفهوم الحق في الاتصال هو حق الفرد في أن يَعلم ويُعلم عنه، وحقه في حماية خصوصيته والانتفاع بموارد المعلومات، وهي حقوق تتمتع بها أيضاً المؤسسات الإعلامية التي من حقها النشر وحرية الحركة وكتمان سر المهنة. وأضاف “يتسع هذا المفهوم ليشمل النطاق الدولي، إذ يتضمن حق الدول في ضمان التدفق الحر والمتوازن للمعلومات، وفي حماية ذاتيتها الثقافية وحق الدولة في الرد والتصريح. في حين يمكن اعتبار الحق في الإعلام جزءًا لا يتجزأ من حرية الرأي والتعبير ويخضع لضوابط تنظيمية”. حرية الصحافة وأشار أنه يمكن تناول مفهوم حرية الصحافة من ثلاث زوايا تتمثل في حرية المعرفة ونقل المعلومات والخصوصية، مشيراً إلى أن حرية المعرفة تتمثل في حق الحصول على المعلومات اللازمة حتى يستطيع الفرد تنظيم حياته والمشاركة في الحكم، وهو حق اجتماعي لعامة الجماهير. وأضاف: “كما يندرج تحت مفهوم حرية الصحافة الحق في نقل المعلومات بحرية، وتكوين رأي في أي موضوع، والمناقشة حوله، وهو حق للمجتمع تؤديه عنه وسائل الاتصال. بالإضافة لحرية البحث عن طريق الاتصال بمصادر المعلومات التي يجب معرفتها ونشرها”. لافتاً إلى أنه يترتب على حسن العلاقة بين الدولة والصحافة أمور من بينها تفهم الدولة لرسالة الصحافة وحقيقة دورها والمواصفات الواجب أن تتوافر فيها حتى تحقق النجاح في أداء مهمتها، وهو ما يقتضي من جانب الدولة احترام حرية الصحافة وتيسير مهمتها ومعاونتها في تحقيق رسالتها بوصفها قائمة بخدمة شعبية عامة تمارس على أساس من المساواة، وتكافؤ الفرص بين الجميع. وأردف: “يجب وضع الضمانات الكفيلة بعدم المساس بالحريات الصحفية، وغرس الأمان والاطمئنان في نفوس الصحافيين، بما يجعلهم أكثر قدرة على القيام بأعمالهم، علاوة على ضرورة الاحتكام إلى جهة مستقلة عند نشوب خلاف بين الصحافة والدولة كالسلطة القضائية على سبيل المثال”. بعدها انتقل العالم للحديث عن حق الخصوصية، وقال: “هو حق كل شخص في أن يختار بنفسه نوعية وكيفية مشاركته مع الآخرين، وحق كل إنسان في الاختلاء بنفسه والتميز عن غيره لسبب أو أسباب يعتقد أنها تخصه لوحده. وأنواع حق الخصوصية عديدة، من بينها الخصوصية الشخصية، الثقافية، الدينية، والمعلوماتية، والمادية، والاتصالات، والخصوصية الإقليمية”. مشيراً إلى أن حرية الإعلام تشكل ركناً من أهم أركان العملية الديمقراطية، فهي الأداة التي يمكن بواسطتها ضمان حصول أفراد المجتمع على المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات والمشاركة في العملية السياسية، بالإضافة إلى أن تطور مفاهيم حقوق الإنسان تعتبر مقدمة ضرورية لتطور صناعة الإعلام والاتصال، حيث يمكن أن تساهم حقوق الإنسان في تطوير المضمون الذي تقدمه وسائل الإعلام للمواطنين، وهذا يؤدي إلى ترشيد ثورة الاتصالات، واستخدامها لصالح البشرية.
الدكتور العالم فـــي سـطــــــور
د.صفوت العالم، مصري الجنسية، حاصل على الدكتوراه في الإعلام من جامعة القاهرة عام 1987، له أكثر من 20 مؤلفاً ودراسة علمية في مجالات الإعلام السياسي والاتصال والدعاية والعلاقات العامة. أشرف وناقش وشارك في الإشراف على ما يزيد عن 40 رسالة علمية للماجستير والدكتوراه في العديد من الأقسام العلمية المتخصصة في الإعلام في مصر والعديد من الدول العربية التي شارك فيها بتقديم محاضرات وندوات وورش عمل ودورات تدريبية. وإلى جانب عمله الأكاديمي، يشغل حالياً منصب رئيس لجنة رصد وتقييم الأداء الإعلامي في الانتخابات الرئاسية 2012 التي تشهدها مصر حالياً.