^ في مطلع العام الماضي 2011 قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما واتخذ قراراً يتم بمقتضاه وقوف الإدارة الأمريكية مع قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط بما فيها طبعاً البحرين. وهو القرار الذي تم بموجبه دعم واشنطن لقوى المعارضة الراديكالية بهدف تغيير النظام السياسي باسم الديمقراطية والإصلاح السياسي والحريات المدنية. وتأكيداً لهذا القرار أدلى نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي بين رودز بتصريح مهم في صحيفة (الشرق الأوسط) أمس الأول، قال فيه: “في البحرين نسعى لاستخدام شراكتنا لتمكين القوى داخل البحرين التي تحاول العمل على قضايا صعبة جداً بطرق سلمية وفعالة في صفوف الحكومة والمعارضة” نفهم من التصريح ما يلي: أولاً: القضايا الصعبة جداً التي تحدث عنها المسؤول الأمريكي يقصد بها تلك القضايا المتعلقة بالإصلاح والتغيير السياسي. وبالتالي فإن واشنطن لن تدعم أي قوى سياسية أخرى تقف ضد الإصلاح والتغيير السياسي إلا إذا كانت قادرة على تحقيق عناصر السلام الدائم التي وصفها الرئيس الأمريكي عندما ألقى خطابه الشهير الذي أشاد فيه بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في 20 سبتمبر 2011 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذه العناصر الأربعة: الانتخابات الحرة والنزيهة، والحكم الذي يتسم بالشفافية والمساءلة، بالإضافة إلى احترام حقوق المرأة والأقليات، وتحقيق العدالة المتساوية والمنصفة. ثانياً: المقصود باستخدام الشراكة الأدوات التي أعلن عنها الرئيس أوباما في سبتمبر من العام الماضي كأدوات للتغيير في المنطقة، ولدى القوى السياسية التي تعتزم واشنطن التحالف معها. وهذه الأدوات تشمل: زيادة التجارة والاستثمار، والشراكة مع الحكومات، والشراكة مع المجتمع المدني وتحديداً الطلاب ورواد الأعمال، بالإضافة إلى الشراكة مع الأحزاب السياسية والصحافة، ومنع منتهكي حقوق الإنسان من السفر إلى الأراضي الأمريكية. تبقى الإشكالية الأساسية المتعلقة بطبيعة نهج القوى السياسية التي تعتزم واشنطن تمكينها سياسياً، فتصريح أوباما سابقاً، والآن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي يعتمد على “الطرق السلمية والفعّالة”، وهنا يكون السؤال: ما هي درجة السلمية المقصودة؟ هل تشمل إرهاب المولوتوف والقنابل الحارقة؟ وهل تشمل تخريب الممتلكات العامة والخاصة؟ وهل تشمل أيضاً مواجهة رجال الأمن بالأسياخ الحديدية والقنابل محلية الصنع؟ هناك غموض وعدم وضوح بالنسبة للحد الفاصل بين (السلمية) وممارساتها وأدواتها مقابل الإرهاب، وهي مسألة يجب أن تكون واضحة بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنامة، لأنها فعلاً غير واضحة على مستوى النخب، فضلاً عن مستوى الرأي العام المحلي. أما مسألة مساعي واشنطن لتمكين القوى السياسية الداعمة للإصلاح سواءً كانت في (صفوف الحكومة والمعارضة)، فإنها واضحة لأن واشنطن تدرك جيداً تغلغل كوادر المعارضة الراديكالية في مختلف المؤسسات الحكومية وقدرتهم على التحكم في العديد من هذه المؤسسات، وبالتالي يمكن الاستفادة منهم في عملية التمكين السياسي المدعومة أمريكياً.