كتب - هشام الشيخ: قال الوكيل المساعد لشؤون العمل محمد الأنصاري إن:« شواغر كثيرة للعمل بتخصصات صناعية وهندسية وطبية مساندة، لا تجد إقبالاً رغم تميز أجورها، مشيرا إلى أن حوالي 40%، من الخريجين الجامعيين حاصلون على تخصصات صعبة الاستيعاب في سوق العمل في المملكة، بينها تخصصات غير مطلوبة مثل العلوم الإنسانية، أو أخرى تشبعت بسبب تزايد الإقبال على دراستها مثل :« القانون والبنوك والتمويل”، داعياً إلى الاهتمام بنشر ثقافة مجتمعية تشجع المهنة والحرفة اليدوية، إضافة إلى تشجيع الشباب على التأهل للتخصصات الصناعية والهندسية والطبية المساندة، التي تتمتع بطلب برواتب مميزة وطلب واسع في سوق العمل”. وأوضح أن” بعض التخصصات تعاني نقصاً كبيراً في توفر العاملين بها مثل : “ التمريض والخدمات الطبية المساندة، والتخصصات الهندسية والصناعية، مؤكداً أنه لو توجهت جميع العاطلات للتخصص في التمريض لاستطاعت وزارة العمل توظيفهن جميعاً في مدة قياسية، مضيفاً أن هناك حاجة عالمية على التمريض ورواتبهم مميزة ونواجه صعوبات في الحصول على كوادر التمريض حتى من الخارج”. وأضاف أن” هناك العديد من التخصصات الهندسية تلح في طلب خريجي برامج الميكانيكا وغيرها من القطاعات الصناعية والهندسية وبرواتب تصل 400 دينار، وهي متاحة حتى لغير الجامعيين، لكن لا تتوافر الأعداد المطلوبة بين البحرينيين، والسوق يستوعب أية أعداد من تلك التخصصات فور تخرج وتأهل أصحابها”. ودعا في حديثه لـ«الوطن” إلى ضرورة إلزام الجامعات بتطبيق اختبارات للقدرات وبرامج لشرح وتوضيح التخصصات التي يرغب الطلبة الالتحاق بها، منوها إلى أن” خريجات تخصص التسويق والإعلام على سبيل المثال يفاجأن بعد التخرج بطبيعة العمل التي تتطلب كثيرا من الحركة والاحتكاك وهو ما قد لا يناسب الكثيرين”. وأكد ضرورة تطوير التخصصات في الجامعات، لتلائم واقع سوق العمل، موضحا أن وزارة العمل تجري العديد من الزيارات، للمدارس الثانوية لتعريفهم بسوق العمل، ونشعر بأن علينا المزيد لعمله في هذا الخصوص، وسيتم تفعيل هذا الدور من خلال وحدة الإرشاد والتوجيه التي أنشئت حديثا”. وقال الأنصاري، إن :« وزارة العمل، تمكنت رغم الظروف الاستثنائية التي مرت بالمملكة إطلاق عدد من المشاريع الداعمة لجهود التوظيف أهمها المشروع التكملي لتوظيف الجامعيين ، ومشروعي رفع الأجور في فئة الجامعيين ومن هم دون الجامعيين، مؤكداً أن سياسات الوزارة في اعتماد حد أدنى للتوظيف فرض واقعاً جديداً في سوق العمل، كما إننا لم نكن لننجح دون مساعدة أصحاب العمل”. وأوضح الأنصاري أن” هناك ثلاثة مؤثرات تساهم في تشكيل نظرة الشباب البحريني تجاه العمل، الأول يتعلق بالمنزل والمدرسة واكتساب سلوك احترام وتقدير المهنة، وهو ما أفرز مجتمعات تعزف عن العمل باليد وتدفع نحو العمل في المكاتب فقط”. ونفى أن يكون السبب في عزوف الشباب عن الالتحاق بالحرف اليدوية هو تدني الأجور، وقال : إن أرباب بعض المهن من ذوي الخبرة يتجاوز دخلهم أضعاف أجر رئيس قسم في القطاع الحكومي. وأشار إلى تأثير بيئة العمل بمفهومها الواسع، الملقى على عاتق وزارة العمل، من أجل توفير احتياجات العمل من أجور معقولة وخطط للتدريب والتطوير، وأضاف أن الأطر المهنية والقوانين تلعب دوراً مهماً في التأثير على ثقافة العمل لدى المواطن، وما تشمله من دور لجهات مثل العمل والتأمينات والتربية والتعليم وسواها تحتاج إلى تفكير مبدع لخلق إطار عام في الدولة يدعم ثقافة عمل سليمة”. وأضاف أن” هناك عوائل استمدت اسمها من بعض المهن والحرف، وهي الثقافة التي تحتاج إلى إعادة إحياء، حيث يعد العمل المهني أكثر أمانا، فلو اهتز سوق العقار أو الأسهم مثلا فسيكون تأثر الحرف طفيفا، لذلك يجب إيجاد ودعم أسس بقاء هذه المهن”. وبين أن” هناك مشروعات تمثل ضمانة مساندة للمهن، مثل تمكين والتسهيلات التي يقدمها سوق العمل والتأمين ضد التعطل، إضافة إلى نظام التأمين الاختياري الذي أضيف مؤخراً”. وقال إن :« على المجتمع مسؤولية إقناع الشباب بقبول العمل اليدوي والمهنة التي يتعلم بها حرفة، موضحاً أن لدينا معاهد التدريب المهني، التي بها تدريب مهني وفني على مستوى عال، يضمن تخريج عامل لديه الحد الأدنى من القدرة على ممارسة عمل نوعي بأجور تصل إلى 400 دينار، خصوصاً في المجالات الصناعية والميكانيكا وصباغة السيارات”. وأوضح أن” كلفة المتدرب في مجال اللحام بشهر واحد، تتجاوز كلفة تدريب لمدة سنتين في التخصصات الإنسانية إلا أن الدولة توفر التمويل اللازم للتدريب الذي يحظى بإشراف دولي وفق المواصفات البريطانية، وتدعو إلى الانخراط في القطاعات التي لا تشهد الإقبال المطلوب رغم أنها مطلوبة بإلحاح في سوق العمل، ويتجاوز راتبه أجر أستاذه الذي دربه بعد عامين من التحاقه بالعمل”. وأضاف أن” نظام تثبيت العمالة الوطنية، يمثل ضمانة أخرى للعاملين، وقال إنه مع بداية 2007 بالتزامن مع بداية هيئة تنظيم سوق العمل اكتشفنا فاعلية نظام تثبيت العمالة الوطنية، وأصبحنا ندخل في قانونية العقود، وأصبحت كافة عقود القطاع الخاص تمر من خلال وزارة العمل، ليتم التوظيف بعقود مفتوحة فيما عدا المشاريع المؤقتة، أو الأسباب التي نص عليها القانون، مشيراً إلى أن القانون الجديد المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ قريباً، يحمل ضمانات لجميع الأطراف”. وقال إن :« هذا الإجراء مكننا من الاطلاع الكامل على ما يحدث في سوق العمل، مشيراً إلى أن الوزارة، تضمن أن العقود ليست وهمية، وتتأكد من مدة وراتب العقد، كما يستطيع من تم توظيفهم قبل ذلك اللجوء للوزارة لتعديل أوضاعهم”. وأهاب بالشباب الاهتمام بسلوكيات وأخلاقيات العمل، مؤكدا أنها عامل رئيس في نجاح العمالة الوطنية في تعزيز موقعها في سوق العمل. وقال:« التحدي أصبح عالميا في سوق عمل مفتوحة، وذلك بسبب وجود عامل أجنبي معتاد على تقديس العمل واتباع القانون بتفاصيله، عامل يجنب التزامه بأداء عمله عن الحياة السياسية والاجتماعية، وهو ما يشكل عامل جذب في العمالة الأجنبية، متسائلا: لماذا على سبيل المثال يضرب المثل بغير العرب في التزام المواعيد؟ وشدد على أن” من المهم أن نعيد السمعة الممتازة للعامل البحريني، ونبقيه في الصدارة، حيث صنع الآباء والأجداد هذه السمعة بعرقهم وجهدهم والتزامهم، وإن لم نعى ذلك سنخسر مواقعنا لصالح العمالة الوافدة”. وأكد الوكيل المساعد أن المرحلة المقبلة ستشهد تفاهمات أوسع بين أطراف العمل الثلاثة، وانتظام اللقاءات بينها، مشيراً إلى أن الفترة الحالية تشهد جهوداً حثيثة لإنهاء ملف المفصولين في ثلاث شركات. وأضاف” لدي تفاؤل بأن صيف هذا العام أضفى بحرارته على علاقتنا بأصحاب العمل، وستشهد الفترة المقبلة مشاريع مشتركة لاستعادة الثقة وعودة الأوضاع العمالية إلى طبيعتها، وهو ما يتيح للوزارة الالتفات إلى مشروعاتها في دعم العمالة الوطنية والتوظيف وطي صفحة الملفات الاستثنائية”. وأكد أن” البحرين تتميز بوجود غرفة تجارة وصناعة قوية وحركة عمالية مميزة ووزارة تعمل على مواكبة التجارب والخبرات العالمية، والأهم هو ما لمسناه من وجود النية الصادقة من جميع الأطراف للتوصل لحل لجميع التحديات التي تواجهنا”.