كتب - أحمد عبدالله:

توافق عدد من الجمعيات السياسية على مبادئ الحوار والمصالحة الوطنية التي دعا إليها رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية د.عبداللطيف آل محمود، معتبرين أنها “انتقيت بعناية تامة ولم تغمط أي من الأطراف حقه”، ودعوا إلى “أن يكون الحوار داخلياً صرفاً”، وأن يبنى على نتائج حوار التوافق الوطني. وفي نفس الوقت انتقد قادة جمعيات سياسية أخرى المبادرة ووصفوها بأنها “مجرد كلام نظري، ولم تتضمن آليات عمل محددة، ورأوا أن الوقت غير مناسب الآن للحديث عن الحوار قبل استتباب الأمن ووقف كافة أعمال العنف، وقالوا إن الحوار يجب أن يبنى على دعائم صحيحة وثقة متبادلة.

تغليب المصلحة العليا

وأكد أمين عام جمعية الصف الإسلامي عبدالله بوغمار أن التمسك بالنقاط الـ11 التي طرحها آل محمود للمصالحة الوطنية يمثل أفضل طريقة لحل المشكلة في البحرين، مشيراً إلى أن تلك النقاط “انتقيت بعناية تامة ولم تغمط أي من الأطراف حقه”، وأوضح أنها لا تحمل أي انحياز ضد أي فئة من فئات وشرائح الشعب البحريني، وهي الطريق الوحيد لحفظ الأمن والاستقرار لاتصافها بالإنصاف.

وقال بوغمار إن كل من يسعى لصالح البحرين حقيقة وليس ادعاء مطالب بالموافقة على النقاط والدخول إلى حوار شامل يخرج البلد من ثنائية التجاذب التي تضرر منها، وأضاف أن الكرة الآن في مرمى المعارضة وأن أي مبادرة خارج دائرة هذه النقاط الـ11 غير مقبولة، رافضاً أي حوار منفرد مع مكون واحد من مكونات الشعب، وأشار إلى أنه سبق الاتفاق بين عدد من الجمعيات على مبادرة آل محمود، منوهاً إلى أن البلد يمر بمنعطف يحتم على جميع الوطنيين تغليب المصلحة العليا.

وقف العنف

وأبدى الأمين العام لجمعية الميثاق محمد البوعينين تأييده لمبادرة آل محمود، مشدداً على أهمية اعتراف الطرف الآخر بالخطأ واعتذاره للشعب البحريني عن الأعمال التي قام بها، ودعا لضرورة القصاص لمن سقطوا جراء العنف والأعمال الإرهابية، موضحاً أن “الحل يجب أن يتم عن طريق وقف الأعمال الإرهابية والاعتراف بالخطأ، إضافة لتطبيق القانون على الجميع بدون استثناء ولا مواربة”، وأكد ضرورة وقف الخطابات التحريضية التي تهيئ للتأزيم وتشرع ممارسة العنف.

الحل بالعقول لا السيوف

ورحب عضو جمعية التجمع الوطني الدستوري د.أكبر جعفري بمبادرة المصالحة التي أطلقها آل محمود والنقاط التي تضمنتها قائلاً: “مبادرة مباركة ومحل ترحيب وتأييد من قبلنا”، وأضاف أن الحوار يعد المدخل الطبيعي لحل المشكلات الداخلية، ولا خيار أفضل من النقاط التي تضمنتها الخطة. معتبراً أن “البديل عن الجلوس إلى الحوار سيكون العنف الذي يتضرر منه الجميع”، ودعا لإزاحة المعضلات والعوائق التي تعرقل المصالحة، محذراً من وضع الشروط المسبقة، ومبدياً تأييده للحوار في أسرع وقت، لأن المشكلات تحل بالعقول وليس بالسيوف، وبين أن آل محمود من رموز المجتمع المحترمة من لدن الطائفتين ومواقفه في المصالحة ورأب الصدع معروفة، ما يجعل مبادرته محل ترحيب من جميع الأطراف الحريصة على مصلحة الوطن.

وأكد عضو جمعية العدالة الوطنية عارف الملا أنه يؤيد كل مبادرة يطرحها أي من العقلاء أو أي مواطن يتألم للوضع الذي يمر به البلد. مضيفاً أن جميع المواطنين يدعون للتهدئة وعودة الألفة والمحبة وإيقاف فتيل الطائفية الذي أصبح يتقد ويزداد يوماً بعد يوم، ودعا إلى “أن تكون المبادرة داخلية صرفة”، مشيراً إلى أن آل المحمود قاد أكثر من مبادرة لكن الطرف الآخر دائماً لا يبدي التجاوب الكافي.

معارضة أقلية

وأبدى رئيس جمعية الشورى الإسلامية عبدالرحمن عبدالسلام موافقته على المبادرة، وقال: “لابد من الحوار والدولة لم تغلق الباب كما أكده جلالة الملك أكثر من مرة”، وأضاف: الحوار يجب أن يتم من دون شروط واقتصاره على فئة واحدة مرفوض شعبياً ومقطوع بفشله، لأنه يمثل إلغاء لصوت الغالبية من الشعب البحريني، فالمعارضة لا تشكل أكثر من 15% من الطائفة الشيعية وحدها، وشدد على ضرورة أن يبنى الحوار المستقبلي على نتائج حوار التوافق الوطني، مضيفاً: حوار التوافق يجب أن يكون أساساً للحوار المرتقب، لأن جميع فئات المجتمع وطوائفه شاركت فيه.

مبادرة نظرية

واعتبر أمين عام جمعية الوسط العربي الإسلامي أحمد البنعلي أن المبادرة مجرد كلام نظري ولم تتضمن آلية محددة للدخول للحوار، وما جاء فيها كلام مرسل وغير مدعمة برؤية واضحة أو إجراءات عملية تضع النقاط على الحروف وتعالج جميع القضايا الشائكة، وأشار إلى أن جمعيته سبق وأن طرحت مبادرة متكاملة تناقش كافة القضايا الشائكة، وتحمل آلية عملية لتحقيق المصالحة الوطنية، لكنها لم تلقَ الاهتمام اللازم.

لا للحوار

واعتبر رئيس جمعية الأصالة الإسلامية النائب عبدالحليم مراد أن المجتمع هو الذي يقرر الحوار من عدمه وأنه الآن رافض سياسة الغرور والاستكبار التي تتعامل بها المعارضة، ووصفها بأنها التي لاتزال تعيش في وهم امتلاك القوة وتعتمد على الدعم الخارجي، وقال إن كل من يفرط في مكتسبات الوطن وأهمها الأمن، ويستقوي بالخارج ويتسبب في شق الصف والإضرار بالاقتصاد الوطني ويضرب بكل المصالح الوطنية عرض الحائض، لا يمكن الحوار معه، وأضاف: “من يعتمد ثقافة السحق والارتماء في أحضان الغرب لا نستطيع أن نثق فيهم خصوصاً أن صور استخدام المدارس والمستشفيات في ممارسة الإرهاب، لاتزال ماثلة في الأذهان”، وتابع: “إلى الأمس علي سلمان يقول إن المظاهرات سلمية وللتو رجعنا من جنازة الشاب الظفيري الذي لا ذنب له. متسائلاً: أين هي السلمية والمناداة بحقوق الشعب كيف تقرأ هذه المفارقة!؟”، وشدد على أن “الحوار يجب أن يبنى على دعائم صحيحة وثقة متبادلة” مؤكداً أن “المجتمع البحريني أصبح فاقداً للثقة في ما يسمى المعارضة، كما إن كل الشرفاء يمقتون هذه الجمعيات وعلى رأسها الوفاق التي لاتزال تصر على الممارسات الإجرامية وتشرف على الإرهاب وتمارس سياسة الكذب الممنهج، فالمجتمع بكل تكويناته رافض للحوار بشكل كلي مع هؤلاء ما لم يعتذروا ويعترفوا بخطئهم”.

المبادرة خطبة جمعة

وقال المتحدث باسم جمعية المنبر الإسلامي ناصر الفضالة إن ما تم الحديث عنه على اعتبار أنه مبادرة للمصالحة الوطنية “لا يعدو كونه خطبة جمعة بين فيها آل محمود تصوره الشخصي للخروج من الأزمة ولم تعرض على ائتلاف الجمعيات الذي يرأسه المحمود”.

وأضاف: “الحديث عن الحوار والمصالحة ليس وقته المناسب الآن قبل استتباب الأمن ووقف كافة أعمال العنف”، وتابع: “جميع مبادرات الحوار الآن، رغم صدق نيات أصحابها، تأتي في الوقت غير المناسب وتصطدم بمزاج المجتمع الذي يعاني الأمرّين”، وتساءل: “كيف نتصالح مع من لا يرغب في المصالحة الوطنية ولايزال يتهمنا بالبلطجية”؟، وتحدث عن الخطوات التي يراها لازمة قبل الدخول لحوار والتي أولها تطبيق القانون ومحاسبة كل المخطئين، وبعدها يمكن الدعوة للمصالحة الوطنية التي ينبثق عنها الحوار من أجل التوافق على قرار جامع يحفظ مصالح الوطن.

واعتبر رئيس جمعية الرابطة الإسلامية شفيق خلف أن مبادرة آل محمود “واحدة من المبادرات التي تطلق في الهواء وليست لها أهمية على أرض الواقع”. مضيفاً: “لا أرى في الموضوع جدية حتى أبدي فيه رأيي، فجميع الأطراف لا تسعى للحوار بشكل جدي”.

مبادئ مبادرة آل محمود

ودعا رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف آل محمود يوم الجمعة إلى العمل على إنهاء الأزمة التي تمر بها البحرين انطلاقاً من مجموعة من المبادئ حددها في 11 نقطة من أهمها؛ أخذ القيادات الدينية والسياسية من جميع الأطراف بزمام المبادرة والعمل على الإصلاح، وإيقاف جميع أعمال العنف وإدانتها، والتأكيد على المحافظة على الانتماء العربي والإسلامي للوطن على اعتباره أصلاً ثابتاً لا تتزحزح عنه ولا تفريط فيه. وأكدت المبادرة أنه لا يجوز بأي حال أن يكون الحوار على حساب الوطن والمواطنين أو على حساب الأمن، وطالبت بتطبيق القانون على جميع الأطراف من غير تمييز، مع رفض تقديم أي مكافأة لمن قاموا بأعمال التخريب والتآمر على الوطن وبث الحقد والكراهية في النفوس دون المساس بحق كل مواطن في إبداء رأيه السياسي دون أن يتعرض لأي عقوبة.

ودعت المبادرة إلى اعتراف كل طرف بالطرف الآخر على أساس المشاركة في الوطن للوصول للحل، مؤكدة أن محاولة التمييز بين المواطنين على أساس المذهب تؤكد أن الهدف منها إقامة دولة دينية مفصلة على مقاس من يسعون لها، وشددت على أن يكون الحل بأيدي المواطنين البحرينيين دون تدخل أي من القوى الخارجية مهما كان انتماؤها، وأكدت أهمية الوصول لحل دائم يبحث جميع القضايا السياسية والدينية والاجتماعية، ودعت للأخذ بضمانات لعدم العودة لمثل هذا التأزيم بعد كل فترة من الفترات من أجل مصلحة الأجيال الحاضرة والمستقبلية من أبناء هذا الوطن، وكشفت المبادرة أن الأطراف إذا امتنعت عن القبول بالحلول المطروحة فخسارتها ستكون أكبر بعد أن تتضح كثير من الأمور الخافية.