كتبت - هدى عبدالحميد:
أعرب سياسيون عن رفضهم التام للحوار مع المخربين الذين أرادوا اختطاف الوطن وأشعلوا الفتن، ومازالوا ينتهجون أسلوب التأزيم والتصعيد الأمني المسنود بخطاب ديني تحريضي على استخدام العنف وإلحاق الأذى برجال الأمن، وتساءلوا: «على أي أساس يمكن التحاور مع هؤلاء الذين يتحركون وفق أجندة غير وطنية وتبعاً لتعليمات ولاية الفقيه؟»، وشددوا على أنه لا يمكن القبول بأي حوار تحت ألسنة اللهب و»المولوتوف» والتفجيرات والاعتداء على رجال الأمن والمدنين.
وقالوا إن الوفاق تفرض شروطاً قبل الدخول بأي حوار، وكلامها أنها تريد حواراً غير مشروط «كذب ونفاق مكشوف».. والدلائل كثيرة، مؤكدين أن من يطالب بدولة مدنية لا يرتهن بالمرجعيات الدينية ويهدد بالفتاوى الإرهابية، خاصة أن البحرين سبقت دولاً كثيرة في تحقيق الديمقراطية على أرض الواقع، وهناك فصل تام بين السلطات.
وأوضحوا أن التنمية التي حققتها البحرين تشهد لها كل دول العالم، والتي جاءت بجهود أبنائها المخلصين، ولكن المعارضة الراديكالية عطلت التنمية منذ عام ونصف تقريباً ومازالت، وهي تحاول ضرب الاقتصاد في أي فرصة تسنح لها.
وتساءل هؤلاء «هل يستقيم أي حوار بعدما بذلت الدولة كل ما في وسعها ونفذت كافة توصيات حوار التوافق الوطني الذي خرج بـ291 مرئية تم رفعها إلى جلالة الملك وتحويلها إلى توصيات لتنفيذها، ومنها التعديلات الدستورية وهي تعد أكبر بكثير مما تقدمت به جمعية الوفاق في الفصل التشريعي السابق»، أي أن طموحها في التعديلات الدستورية كان أقل بكثير مما تم التوافق عليه في حوار التوافق الوطني لذلك لا نجد مبرراً للحوار الآن.
وأشار السياسيون إلى أن المحرضين مازلوا يعملون ليل نهار على ابتلاع الوطن والسيطرة على مقدراته بالتخريب والقتل، فكيف يمكن التحاور مع القتلة؟ مؤكدين أنه إذا كان هناك حوار مرتقب مع المعارضة فيجب ألا تغفل الحكومة المكون الأكبر من الشعب وهم أنصار تجمع الفاتح الذين يؤكدون رفضهم التام للحوار مع المعارضة.
المناخ غير مناسب
وكان تجمع الوحدة الوطنية أعلن رفضه المشاركة في أي حوار لأنه لا يمكن التحاور مع من ينتهجون العنف والتأزيم.
وقال الأمين العام لجمعية تجمع الوحدة الوطنية عبدالله الحويحي لـ»الوطن» إن سبب موقف التجمع هو أنه لم تتوفر مناخات سياسية تكفل نجاح الحوار وذلك يرجع لمشكلتين: الأُولى أنه لم تصلنا رؤية واضحة حول آليات الحوار من حيث الفترة أو أجندة الحوار، لافتاً إلى أن هناك تواصلاً من أجل الحوار ولكن لم تصل للتجمع دعوة رسمية للمشاركة في الحوار.
وأوضح الحويحي أن المشكلة الثانية تكمن في أنه رغم أن الحوار المتوقع إطلاقه كان بناءً على طلب من المعارضة، إلا أنها اتخذت منحى التصعيد المستمر للعنف الممنهج والخطاب السياسي التحريضي، ومن أمثلة ذلك الخطاب غير اللائق لأمين عام جمعية الوفاق علي سلمان عن اتحاد دول الخليج العربي، إضافة إلى التصعيد الإعلامي، وهذا يعني عدم الاستعداد لتوافقات بين القوى السياسية للوصول إلى حلول تصب في مصلحة الوطن والشعب.
ضمانات نجاح الحوار
وتطرق الأمين العامة لجمعية تجمع الوحدة الوطنية إلى ما سبق أن ذكره رئيس التجمع عبداللطيف آل محمود بأننا لا نقبل الحوار في ظل هذه الظروف التصعيدية من قبل الوفاق، وأن من أهم شروط الحوار إيقاف التأجيج وعدم الاعتداء على المواطنين ووقف التخريب، خاصة أن عمليات تخريب طالت بعض القطاعات الخدمية، مؤكداً رفض تحججهم بأنهم ليس لديهم سلطة على الشارع.
وأكد الحويحي أنه يجب أن يكون للحوار ضمانات حتى لا ينسحبوا كما حدث في حوار التوافق الوطني، ويجب أن تكون هناك ضمانات بأن يكون هناك التزام بما يخرج به الحوار من مرئيات حتى لا يخرجوا مرة أخرى ويؤزموا الشارع.
نرفض الخضوع للمعارضة
ومن جهته، قال رئيس هيئة التحكيم في جمعية الحوار الوطني د.أحمد الدوسري إنه لا يوجد حالياً مبرر للحوار، مؤكداً رفضه أن تمد الحكومة يدها للإرهابيين، لأن إجراء أي حوار تحت هذه الظروف يعتبر خضوعاً من قبل المؤسسات التشريعية والتنفيذية وللسلطة لصالح المعارضة، وأوضح أن كل ما يتوارد من أنباء عن الحوار لم يتم إبلاغ القوى السياسية به رسمياً، فلماذا التكتم وفرض السرية غير المبررة؟، ولضمان نجاح أي حوار يجب أن يتم الإعلان عنه بشكل واضح وصريح وتتم دعوة كافة القوى السياسية للمشاركة فيه.
وأضاف الدوسري «إننا أمة الحوار وسميت جمعيتنا بالحوار الوطني بناء على إيماننا بالحوار ونرحب بأي حوار في ظل أجواء سلمية وتقدم فيه النوايا الحسنة والتأكيد أن مصلحة الوطن هي المصلحة العليا، ولكننا في ظل هذه الأجواء الإرهابية لا نعترف سوى بحوار التوافق الوطني الذي ضم جميع مكونات الشعب البحريني وكان هناك توافق على مرئيات تم رفعها إلى جلالة الملك الذي شرع في تحويلها إلى توصيات، إضافة إلى تنفيذ الحكومة لتوصيات تقرير لجنة تقصى الحقائق، وتساءل: هل يستقيم الحوار بعدما بذلت الدولة كل ما في وسعها ونفذت كافة التوصيات؟.
وقال رئيس هيئة التحكيم: «ولكن في ظل التصعيد الأمني الخطير من قبل الوفاق وأتباعهم وما يقومون به من تخريب في البلد والاعتداء على مقدرات الدولة، يعد ذلك أبلغ دليل على عدم انتمائهم للبحرين وعدم وجود نوايا حسنة للبدء في حوار يهدف إلى مصلحة البلد».
التعتيم يضر بمقاصد الحوار
وانتقد الدوسري عدم الصراحة بشأن إجراء الحوار، فلماذا نلجأ إلى «تويتر» و»فيسبوك» لمعرفة حقيقة ما يجري ولدينا عدد كبير من الصحف اليومية؟، لماذا لا نعرف بشكل رسمي وواضح ماذا يجري في البحرين من أحداث؟، لماذا نلجأ للخارج لمعرفة ماذا يجري في الداخل. فإذا كان هناك حوار يجب أخذ رأي الشعب ومعرفة رغبته وأخذ موافقته على ذلك الحوار، وأكد أنه لا يوجد أي مبرر في الوقت الراهن للحوار، لأن ما تقوم به الوفاق حالياً هو ابتزاز للدولة ويجب عدم الخضوع مطلقاً لأي ابتزاز من هذا القبيل. وأي حوار سيُجرى سنقاطعه فوراً لأننا شعب البحرين الشريف ولا نرضى بإجراء حوار في ظل أجواء تسودها عمليات حرق الإطارات والاعتداءات على رجال الأمن وعمليات عنف ليلية وبصفة يومية. وأكد أن شعب البحرين الذي احتشد نحو 450 ألفاً من أبنائه في ساحة الفاتح يرفض الحوار مع يحاولون خطف الدولة.
الحوار بشرط مشاركة الجميع
وفي السياق ذاته، قال عضو المكتب السياسي بجمعية المنبر الوطني الإسلامي محمود جناحي إن الحوار من تحت الطاولة مرفوض، فالحوار يجب أن يكون وطنياً وشاملاً تشارك فيه كل الأطراف وتعلم عنه، أما الحوار مع جهة التأزيم فهذا مرفوض قطعاً. لافتاً إلى إمكانية الحوار مع جهات التأزيم ولكن بشروط وهي أن تشارك كافة القوى السياسية فيه وأن تستنكر المعارضة أعمال الإرهاب وتوقف الأعمال الإرهابية في الشوارع وتصدر بياناً واضحاً تدين هذه الأعمال.
وشدد جناحي على رفضه الحوار تحت ألسنة اللهب والتفجيرات والاعتداء على رجال الأمن والمدنيين، ووجه نصيحة إلى أولي الأمر أن يراعوا كل مكونات الوطن لأن أكبر درس خرجنا به من الأزمة الماضية أن قوى التأزيم ليست القوى الفاعلة في الساحة، وعليه لضمان نجاح أي حوار لابد أن يتم التعامل مع كافة القوى السياسية، أما أن نترك القوى الوطنية التي تعمل من أجل وحدة واستقرار الوطن جانباً، ونتحاور مع القوى التأزيمية التي تأتمر بأوامر ولاية الفقيه في إيران فهذا مرفوض.
وأكد عضو المكتب السياسي بجمعية المنبر أن القوى التأزيمية تعتمد سياسة لي الذراع والتهديد وفرض المطالب، فهذه القوى عملت على تمزيق الصف الوطني وقتلت وخطفت وأحرقت ودمرت ولاتزال تتعامل بنفس العقلية كما حدث في فبراير 2011، «فالمخربون أرادوا اختطاف الوطن وأشعلوا الفتن، فعلى أي أساس يمكن التحاور معهم؟، خاصة أنهم لم يستوعبوا الدرس، واستغرب أن هذه القوى لم تعترف بعد بأخطائها في حين نجد الدولة أقرّت بالأخطاء التي حدثت من خلال تبنيها لتوصيات تقرير تقصي الحقائق.
وقف العنف والتخريب
كما قال أمين عام جمعية ميثاق العمل الوطني محمد البوعينين إن الحوار كمبدأ شيء إيجابي جداً وطريقة حضارية للوصول إلى حلول إيجابية وتوافقية لا يمكن الوصول إليها من دون ذلك. وأضاف: «الحديث عن حوار في ظل الوضع الراهن غير مجدٍ، ونعلم جيداً أن المؤزمين يعملون وفق أجندات خارجية ويتلقون التعليمات من الخارج بما يخدم مصالح من يأمرهم ولا يخدم المصالح الوطنية أو مصلحة البحرين وشعبها، فمازال المحرضون يعملون ليل نهار على ابتلاع الوطن والسيطرة على مقدراته بالتخريب والقتل فكيف يمكن التحاور مع القتلة؟».
وأوضح البوعينين أنه لو رجعنا إلى الأيام السابقة قليلاً لوجدنا أن نتائج حوار التوافق الوطني خرجت بـ291 مرئية ومعظم هذه المرئيات متقدمة جداً، خصوصاً المتعلقة بالتعديلات الدستورية، فلماذا الحوار الآن؟، مشيراً إلى أن الوفاق مازالت على موقفها وتواصل التأزيم وتدفع وتغرر ببعض صغار السن والنساء والبسطاء لقطع الشوارع والقيام بالتخريب، والوفاق والتابعون لها لم يعتذروا لشعب البحرين عمّا قاموا به من تخريب ومحاولة ضرب الاقتصاد الوطني والاعتداء على رجال الأمن والمواطنين والمقيمين.
وتطرّق إلى أنه إذا كان هناك حوار كما نسمع في هذه الأيام، وليست لدينا معلومات مؤكدة عنه، فإنني أشدد على ضرورة أن يكون حواراً وطنياً خالصاً ويتم بعد تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني، ووقف العنف في الشارع والتحريض والفتاوى التي تصدر من بعض المنابر الدينية، إضافة إلى اعتذار القوى التأزيمية عما تم القيام به من عبث بأمن ومقدرات مملكة البحرين وبعدها ننظر إذ كان هناك حاجة لحوار فعلاً.