^ طرف يؤكد أهمية الحوار في المصالحة الوطنية والخروج من نفق الأزمة السياسية التي تجاوزت العام ورغم ذلك يتمسك بخيار الشارع والإرهاب كوسيلة ضغط لتحقيق أجندته. أما الطرف الآخر فيرى أن فكرة الحوار لا بأس بها من حيث المبدأ، لكن الأجواء التي خلقها الطرف الآخر من استمرار العنف والإرهاب كأداة ضغط سياسية أدى إلى إنهاء الأجواء والمناخ السياسي لإطلاق حوار جديد بين مكونات المجتمع. الطرف الأول هو المعارضة الراديكالية بقيادة الوفاق، أما الطرف الآخر فهو تجمع الوحدة الوطنية باعتباره رئيساً حالياً لائتلاف الجمعيات السياسية الأخرى غير الراديكالية. نلاحظ من هذين الموقفين المتناقضين أن الحديث لم يعد مهماً حول جدوى الحوار وأهميته، بل وحتى طبيعة الأطراف التي يمكن أن تشارك فيه باعتبار هذه النقاط عناصر خلافية سابقاً، ولكن الحديث الآن عن أطراف تقدم الشروط مقابل الحوار. فالطرف الأول الراديكالي يعتمد في شروطه على مجموعة من المبادئ يزعم أنه قدمها في مرات سابقة، في حين أن الطرف الثاني لم يقدم شروطاً ـ بحسب المعلن ـ تتعلق بالحوار، ولكنه يتحفظ على الحوار نفسه نتيجة عدم ملائمة الأجواء السياسية لمثل هذا الحدث الهام، وبالتالي هو يقدم شرطاً أساسياً للقبول بمبادرة الحوار تتعلق بإيقاف أعمال العنف السياسي وأجواء عدم الاستقرار الأمني التي خلقها جمهور المعارضة الراديكالية، لأنه حينها ستكون الأجواء مناسبة لمثل هذا الحوار. بحسب المعطيات الأولية هذه، فإنه من المتوقع أن تكون فكرة الحوار خلال الفترة المقبلة مرحلة عسيرة بها صراعات ومحكات متعددة بين القوى الرئيسة داخل النظام السياسي البحريني (العائلة المالكة، والمعارضة الراديكالية، وائتلاف الجمعيات السياسية). السيناريو هنا مقلوب وغير مألوف إلى حد ما، إذ اعتاد المتابعون للشأن السياسي المحلي أن يروا المعارضة الراديكالية هي التي تعترض على المبادرات تلو المبادرات في سبيل تمسكها بمطالبها وفي سعيها للحفاظ على مصالحها. ولكنهم لم يعتادوا أن يروا التنظيمات السياسية الأخرى غير الراديكالية تتحفظ على مثل هذه المبادرات وإن كانت في مصلحتها. وبالتالي فإن مخرجات حوار تشارك فيه المعارضة الراديكالية فقط مع الحكم هي مخرجات غير شرعية مادامت هناك مكونات في المجتمع غير ممثلة في الحوار نفسه، بخلاف حوار التوافق الوطني الذي تم خلال الصيف الماضي والذي كانت مخرجاته شرعية بسبب مشاركة كافة مكونات المجتمع، وإن انسحب بعضها في وقت لاحق. قرار تجمع الوحدة الوطنية بعدم المشاركة في الحوار يشير إلى نقطة مهمة هنا، وقد تكون تحولاً مهماً، عندما يتم الحديث بأن الصراع السياسي الدائر منذ بداية الأزمة هو صراع حول الجمهور، فإذا كان الجمهور قابلاً لفكرة الحوار، فإن مزاجه العام هذه الفترة بالذات يختلف عن ذلك تماماً. وحوار ثنائي لن يكون مجدياً إلا إذا تم ترتيب آلياته لإضفاء الشرعية لاحقاً عليه من خلال السلطة التشريعية.