^  قبل الحديث عن هذه المهمة دعوني أطرح سؤالاً قد يبدو بديهياً؛ متى كان اليوم العالمي للمرأة؟! أنا جاد في هذا السؤال وأتوجه به لمختلف قطاعات المجتمع، أستثني منها طبعاً المعنيين بشؤون المرأة رجالاً ونساء، أعتقد أنني بذلك أستثني فئة قليلة تشكل مسألة نيل المرأة لحقوقها قضية ذات أهمية بالنسبة لهم. ففي اليوم العالمي للمرأة من كل عام نجد الكل يبادر لتكريمها والحديث عن دورها الريادي، ويتم تسليط الضوء على قضاياها، وتقفز إلى واجهة الصفحات الأولى في الصحف والعناوين الرئيسة في نشرات الأخبار مروراً بكل أشكال المجاملات.. جميل؟ لكن ينتهي مولد هذا اليوم دون حمص!! أعني أن تصبح قضاياها لدى المسؤولين والإعلاميين وصناع القرار والزملاء في العمل وواضعي السياسات والرجال في البيوت، قضايا ذات أولوية حقيقية وليست أوراقاً إعلامية وسياسية واجتماعية يتم تحريكها والتلويح بها بين فترة وأخرى لوضع بعض مساحيق التجميل على واقع نظرة المجتمع تجاه نيل المرأة لحقوقها، وعلى رأسها عدالة الفرص في مختلف نواحي الحياة، وهو حال يشمل مختلف دول العالم وحتى ما يعرف بالمتحضر، رغم أن الحراك العالمي فيما يتعلق بقضايا المرأة كان مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، ثم الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة عام 1952، مروراً بالمؤتمر العالمي الأول للمرأة في المكسيك عام 1975، بعدها إعلان اتفاقية السيداو الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979، ثم مؤتمر كوبنهاجن ونيروبي حتى الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة والمؤتمر العالمي حول المرأة بجين 1995 وبجين 2000 الذي يعد من أكثر المؤتمرات تأثيراً. واللافت أن الأدوار التي لعبتها المرأة في المجتمع البحريني تعود إلى تاريخ قديم منذ أن كانت تؤدي دور المرأة والرجل حينما كان يغيب هو في البحر، ثم ظهور التعليم في العشرينات، فبدأت الحركات النسائية المتعلمة التي تمخض عنها إشهار أول جمعية نسائية بحرينية وخليجية عام 1955، ومنذ ذلك التاريخ والمرأة البحرينية تلعب أدواراً مهمة شهدت جهوداً كبيراًً توجت برائدات خلقن التغيير في المجتمع وساهمن بتهيئة الأرضية لكل الإنجازات النسوية التي تحققت لها لاحقاً. لعل العهد الزاهر لجلالة الملك هو بمثابة العصر الذهبي للمرأة البحرينية؛ إذ أكدت البحرين على حقوق المرأة في إطار احترام المملكة لحقوق الإنسان، فانضمت عام 2002 إلى اتفاقية السيداو، كما صدر الأمر الملكي بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، والتي تكللت جهودها الوفيرة بإقرار الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية من قبل المجلس عام 2005، واعتماد خطة العمل المنبثقة عنها، وبدأ العمل على إدماج احتياجات المرأة في التنمية بتخصيص الموارد ووضع الخطط والبرامج وتنفيذ الإجراءات التي من شأنها ضمان مراعاة احتياجات المرأة من خلال عدم التمييز وتعزيز تكافؤ الفرص بين الجنسين كوحدات تكافؤ الفرص وغيرها. ورغم ما تحقق من إنجازات؛ فإن هناك قضايا جوهرية لابد أن يتم معالجتها لتعزيز دور المرأة ومكانتها في المجتمع من خلال تطوير التشريعات وإصدار القوانين، ومنها قانون العنف ضد المرأة والأسرة والقسم الثاني من قانون الأسرة وقانون منح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية المتزوجة من جنسية أخرى وغيرها وهي خطوات في غاية الأهمية والضرورة. بعد كل ذلك لابد من الإشارة إلى أن على عاتق المرأة البحرينية اليوم دوراً وطنياً غاية في الأهمية، وهو دور لا يمكن لأحد غيرها القيام به كمدرسة أولى تنشئ الأجيال خاصة في ظل الانقسام الذي خلفته الأزمة المفتعلة التي شهدتها البحرين والتي خلقت فجوة مجتمعية كبيرة لعل أكثر المتأثرين سلباً بها هم الأطفال الذين شاهدو وسمعوا وتعرضوا للكثير، وكم تخيفني فكرة أن ينشأ جيل كامل على مشاعر الرفض والكراهية والتوجس من الآخر والنفس الطائفي البغيض وهو الذي سيمسك يوماً ما قيادة هذا البلد ومسؤولياته المختلفة، فإلى أين سيأخذنا هذا الانقسام لو ترسخ في قلب الأجيال القادمة؟! وحدها المرأة مربية الأجيال الأم قادرة على التصدي لذلك، لكن لابد من العمل على تجاوز الحاجز النفسي الموجود لديها هي أيضاً نتيجة ما عايشته في تلك الأزمة، والعودة بها ومعها إلى القيم الأصيلة التي يتميز بها هذا الشعب من تعايش ومحبة، وهي لعمري مهمة من أصعب وأقدس المهمات التي يمكن أن يقوم بها المجلس الأعلى للمرأة برئاسة سيدة البحرين الأولى أمنا جميعاً التي نتمنى منها التصدي لهذه المهمة وكلنا ثقة في قدرتها على ذلك من خلال حملة وطنية اجتماعية شاملة، لأن السياسيين على اختلافهم والمسؤولين في الدولة سيجلسون في نهاية المطاف على طاولة الحوار، هكذا علمنا التاريخ في كل مكان، لكن من سيضمد جراح المجتمع, صدقوني ابحثوا عن المرأة. ختاماً للتذكير فقط اليوم العالمي للمرأة يصادف الثامن من مارس من كل عام