^ لم تترك أبواق الدعاية الإيرانية مناسبة دينية أو وطنية إلا واستغلتها للترويج للادعاء بإسلامية نظام الملالي الشعوبي، والذي تعددت وسائل دعايته وابتداعه المناسبات التي يستغلها لهذه الغاية. فرغم كثرة المناسبات الدينية (الطائفية) التي ابتدعها الصفويون ونسبوها لأهل البيت، واتخذوها حجة لمحاربة العرب وشق وحدة الأمة الإسلامية، فقد لجأ نظام ولاية الفقيه إلى ابتداع مناسبات طائفية جديدة لاستغلالها في تحقيق غاياته السياسية، ولا نريد هنا ذكر هذه المناسبات والتي أغلبها معروفة للجميع، حتى لا نتهم بالطائفية وازدراء العقائد، فهناك مناسبات يتخطى الاحتفال بها حدود المبالغة لكثرة ما يتم فيها من البذخ المادي والشحن الطائفي بأبشع صوره، في الوقت الذي يوجد داخل إيران وخارجها ملايين الفقراء من المسلمين هم بأشد الحاجة لهذه الأموال التي تصرف على هكذا مناسبات تزرع العداوة والبغضاء بين المسلمين. كل ذلك يتم تحت ستار إحياء ذكرى أهل البيت، ولا ندري هل إحياء ذكرى أهل البيت والحث على محبتهم يتطلب كل هذا الشحن الطائفي؟ ثم ما هي الفائدة التي سوف يجنيها الإسلام والمسلمون من وراء هذه الاحتفالات والممارسات إذا كانت كلها قائمة على التفرقة وتمزيق الصف الإسلامي؟ ولماذا لا نشاهد نظام الولي الفقيه المتشدق بالإسلام، ولو لمرة واحدة فقط، يقيم احتفالاً بمناسبة دينية متفق عليها من قبل المسلمين سنة وشيعة؟ ناهيك عن انتهاكاته لحقوق المواطنين السنة ورفضه الاستجابة لأدنى مطالبهم المشروعة التي يمكن أن تكون أساساً للوئام والتقارب المذهبي الذي ينادي به زبانية نظام الملالي. مثال على كل ما تقدم زيادة عطلة عيدي الفطر والأضحى إلى ثلاثة أيام بدلاً من يوم واحد كما هو معمول به حالياً، والذي ترفض الحكومة الإيرانية تلبية هذا المطلب من قبل عرب الأحواز وعموم أهل السنة الإيرانيين، بحجة أن كثرة العطل الرسمية تضر باقتصاد البلد، لكنها بالمقابل تعتبر العطل الطويلة التي تعطى للمناسبات الطائفية والوطنية، كعيد النيروز وغيرها، عطلاً مشروعة وبعضها واجبة!! يضاف إلى ذلك أن وزارة الإرشاد والثقافة الإيرانية اعتادت كل عام الاحتفال بذكرى الشاعر الشعوبي «الفردوسي» صاحب ملحمة «الشاهنامة»، الذي تخلو ملحمته من بيت واحد فيه مديح للنبي وأهل بيته، بل إن جل ملحمة الفردوسي وضعت في سب العرب والمسلمين، ومع ذلك تقام الاحتفالات السنوية لتخليد ذكرى هذا الشعوبي الذي يساوي في شعره بين الرجل العربي والكلب الفارسي. وفي سابقة جديدة أقام النظام الإيراني العام الماضي احتفالاً بمناسبة تسجيل عيد النيروز (عيد بلاد فارس قبل الإسلام) على لائحة المنظمة الدولية للثقافة والتراث (اليونسكو)، وقد دعي لهذا الاحتفال أربعة رؤساء دول؛ أفغانستان، طاجكستان، تركمنستان، العراق ومندوب عن رئيس جمهورية أذربيجان، وقد تحدث مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي في هذا الحفل قائلاً: «إن التسجيل الدولي لعيد النيروز يشكل فرصة لنقل وتصدير القيم الثقافية الشرقية السامية إلى الشعوب الغربية»، ولا ندري كيف يحق لرجل دين ومرشد ثورة تزعم أنها إسلامية أن يصنف الأمم والشعوب على أساس عنصري «سامٍ وغير سامٍ»؟ وثم متى كان عيد النار يمثل ثقافة الشعوب الشرقية؟. أعتقد أن هناك مناسبة واحدة ورغم أهميتها فإن نظام الملالي يتجاهلها ولا يتطرق لها، وهي ذكرى الفتح الإسلامي لإيران، الفتح الذي أخرج بلاد فارس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وحررها من قيود ظلم الكسروية وإدخالها في الإسلام ومنحها قيمة إنسانية وحضارية عظيمة، وجعلها عنصراً فعالاً في أمة كبيرة هي الأمة الإسلامية. سؤالنا هو؛ لماذا يتجاهل نظام الملالي هذه المناسبة العظيمة التي تضم تحت خيمتها جميع المواطنين الإيرانيين بمختلف قومياتهم ومذاهبهم، والتي إذا ما تم إحياؤها فإنها ستكون وسيلة لرفع الاحتقان الناجم عن سياسة التمييز العنصري والطائفي، وتكون نموذجاً صادقاً لدعاوى التقريب بين المذاهب الإسلامية؟. فماذا يعيق نظام الولي الفقيه، الذي يقيم كل عام الاحتفالات بعيد النيروز الوثني، الاحتفال بإحياء ذكرى الفتح الإسلامي لبلاد فارس إن كان نظاماً إسلامياً كما يزعم وليس نظاماً محكوماً بقيود الشعوبية الفارسية والطائفية الصفوية؟