يؤدي عدد المصابين بالسمنة في العالم إلى إحداث ضغط كبير على الموارد العالمية، شأنه في ذلك شأن الزيادة في عدد السكان.
وكشف العلماء هذا الأسبوع أن الأثر العالمي للأشخاص المصابين بالوزن الزائد والبدانة يعادل أثر زيادة نصف مليار شخص على البشر البالغ عددهم سبعة مليارات نسمة على كوكب الأرض.
وحين نظر الباحثون إلى توزيع الكتلة الحيوية البشرية على سطح الكوكب وإلى أثر السمنة، وجدوا أنه في حين أن أمريكا الشمالية هي موطن لنحو 6% من سكان العالم، إلا أنها مسؤولة عن أكثر من ثلث البدانة الموجودة في العالم.
كما أن نحو نصف الطعام الذي يتناوله الإنسان يتم حرقه في النشاط الجسدي. لكن كلما ازدادت الكتلة الموجودة في جسم الشخص، ازدادت الطاقة اللازمة من أجل بذل النشاط الجسدي نفسه، لأن الجسم الأثقل يحتاج إلى طاقة أكبر لتحريكه. وحتى حين لا يكون الجسم في حالة حركة، فإن الجسم الأثقل وزناً يحرق قدراً أكبر من الطاقة.
وطبقا لما ورد في عدد يونيو الحالي من المجلة الإلكترونية BMC Public Health، يقترح باحثون من كلية لندن لطب النظافة الصحية والطب المداري أن التصدي لوزن السكان هو أمر مهم تماماً بالنسبة للأمن الغذائي والاستدامة البيئية، لأن متطلبات الطاقة التي يحتاج إليها النوع الحي لا تعتمد فقط على عدد أفراد النوع وإنما كذلك على كتلتهم.
وكان رئيس الفريق الذي أجرى الدراسة هو إيان روبرتس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض والصحة العامة في الكلية. قال: ''يقبل الجميع الفكرة القائلة إن النمو السكاني يهدد الاستدامة البيئية العالمية. وتشير دراستنا إلى أن عدد المصابين بالسمنة هو كذلك مصدر تهديد لا يستهان به. وما لم نتصد للزيادة في عدد السكان وفي عدد المصابين بالسمنة فإنه لا توجد أمامنا فرصة تذكر".
ومن خلال استخدام بيانات صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، توصل روبرتس وزملاؤه من الباحثين إلى تقديرات تشير إلى أن وزن جميع البشر البالغين على الكوكب يضيف ما مقداره 287 مليون طن، وأن 15 مليون طن من هذه الكتلة سببها الوزن الزائد، إلى جانب 3.5 مليون طن سببها البدانة.
وكذلك حسب الباحثون كيفية توزيع كتلة البشر بحسب المناطق في مختلف أنحاء العالم، وحسبوا كذلك النسبة التي تعود إلى الوزن الزائد والبدانة.
وتبين لهم أن المتوسط الإجمالي لكتلة الشخص البالغ على كوكب الأرض هي 62 كيلو جراماً. لكن في أمريكا الشمالية، يصل متوسط كتلة الجسم إلى 80.7 كيلو جرام. في حين أن أمريكا الشمالية لا تشتمل إلا على 6%من سكان العالم، إلا أن لديها 34% من إجمالي الكتلة الحيوية البشرية التي تعود إلى البدانة.
وكانت المفارقة الصارخة هي بين أمريكا الشمالية وقارة آسيا، التي هي موطن لنحو 61% من سكان العالم، لكنها مسؤولة عن 13% فقط من إجمالي الكتلة الحيوية البشرية التي تعود إلى البدانة.
ويقول المؤلفون: ''إن كل طن من الكتلة البشرية الحيوية يعادل تقريباً 12 شخصاَ بالغاً في أمريكا الشمالية و17 شخصاً بالغاً في آسيا".
ويتناول التقرير المقارنة الخاصة بما يعرف باسم ''مؤشر الكتلة الحيوية''، الذي يقيس نسبة الوزن بالكيلو جرام إلى مربع الطول بالأمتار، والشخص الذي تزيد نسبته على 30 يعتبر بديناً من الناحية الرسمية. ويقول التقرير: ''لو أن جميع البلدان كان لديها مؤشر الكتلة الحيوية للولايات المتحدة، فإن الزيادة في الكتلة الحيوية بمقدار 58 مليون طن ستكون بمثابة زيادة في الكتلة يضيفها 935 مليون شخص إضافي إلى متوسط الكتلة الحيوية على الكوكب، وستكون لديهم متطلبات طاقة تعادل المتطلبات التي يحتاجها 473 مليون شخص من البالغين".
ويختتم التقرير بالقول إن ''ازدياد السمنة بين السكان يمكن أن تكون له المضامين نفسها على متطلبات الطاقة الغذائية المترتبة على وجود نصف مليار شخص إضافي يعيشون على كوكب الأرض".
وقالت الدكتورة سارة والبول، وهي طبيبة عملت مع فريق كلية لندن لطب النظافة الصحية والطب المداري، إن النتائج تبرز ''أهمية النظر في الكتلة الحيوية بدلاً من الاكتفاء بالنظر إلى أعداد السكان عند دراسة الأثر البيئي على أحد الأنواع الحيوية، خصوصاً بالنسبة للجنس البشري".
ويشير الباحثون إلى أن تقديراتهم يمكن أن تكون أدنى من الأرقام الفعلية، لأنهم استخدموا الأرقام الواردة في تقرير لمنظمة الصحة العالمية يعود إلى عام 2005. يشار إلى أن الأمم المتحدة تتوقع أن عدد البشر على كوكب الأرض يمكن أن يصل إلى 8.9 مليار شخص بحلول عام 2050.