كتبت - شيخة العسم:

تشير الإحصاءات الرسمية الأخيرة في مملكة البحرين الصادرة العام 2010 إلى أن عدد السكان في البحرين بلغ 1.234.571، ووصول معدل كبار السن ممن بلغت أعمارهم 60 سنة وما فوق إلى 3.49% من إجمالي السكان، كما إنه من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 20.4% بحلول 2025، و24.9% بحلول العام 2050. الأمر الذي يؤكد حاجة المتقاعدين لاهتمام أكبر يوفر لهم متطلبات الحياة الكريمة، ويتغلب على جملة مشكلات تواجههم.

في التحقيق الآتي، يشير المواطنون إلى أن 60% من رواتب المتقاعدين لا تزيد على 200 دينار، مطالبين بتكوين نقابة للمتقاعدين تساهم في حل مشكلاتهم وتخفيف أعبائهم.

كما يشددون على ضرورة تيسير قروض المتقاعدين والمسنين وعدم وضع شروط تعجيزية أمامهم، حيث إن أوضاع المتقاعدين في البحرين لا تقارن بمن هم خارجها، حيث توفر دول أوروبية رحلات ترفيهية وسياحية مجانية لمن يتجاوز الثمانين. ويلفتون إلى أن أهمية صحة المتقاعد كونها أهم قضية تشغل ذهنه ويجب توفيرها له، مؤكدين أن الزيادة في أعداد المسنين ليست مهمة، بل الخروج بمسنين منتجين.

نقابة للمتقاعدين

من جانبه يطالب رئيس العلاقات العامة بدار الرفاعين صالح بن علي بنقابة للمتقاعدين، مشيراً «اقترحت على النواب وكبار الشخصيات عمل نقابة للمتقاعدين، تسهم في تحسين المستوى المعيشي للمتقاعدين وكبار السن، بتحسين المعيشة والدفاع عنهم، ووافقني الجميع وأشادوا بالفكرة، لكني أتمنى تفعيلها على أرض الواقع، فلايزال المتقاعد يصرّ على تخفيض أسعار الأدوية خصوصاً لمرض السكري، فهي مرتفعة الثمن، ونصف راتبه يذهب للأدوية والنصف الآخر للديون، ومن المهم تيسير قروض المتقاعدين والمسنين، وعدم وضع شروط تعجيزية، ومعاملتهم معاملة جيدة، فالحاصل أن المتقاعد عندما يطلب قرضاً يشعرونه بأنه سيموت بعد عامين، ودائماً ما يقولون «أنت عود»! فهل هذه معاملة حسنة تقدم لمن خدم الوطن؟ كما إن الفوائد مرتفعة، والواجب إلغاؤها أو وضعها بنسبة معقولة. ويلفت بن علي إلى الفارق بين حال المتقاعدين في البحرين وأقرانهم في دول الخليج والدول الأوروبية، مشيراً إلى توفير رحلات ترفيهية وسياحية لمن يتجاوز عمره الثمانين، وأن هناك دولة خليجية تمنح راتباً تقاعدياً للمرأة بنسبة 100%، متسائلاً: أين نحن من هذه الامتيازات.

ويواصل: رغم أن سن التقاعد 60 سنة معقول لا يحتاج زيادة، فإن هناك من يقول بأن الإنسان يستطيع العطاء بعد هذا السن، لكني أقول إن الواجب أن يتفرغ الإنسان بعد هذه السن، ويؤدي فروضة الدينية من عمرة وحج، فهذه الأمور تصعّب عليه عندما كان موظفاً. أتمنى على الدولة الاستفادة من خبرات المسن.

صحة المتقاعد

من جهتها ترى رئيسة دار الرفاع لرعاية الوالدين نادية الجار أن أهم قضية يجب التطرق إليها بشأن المسنين والمتقاعدين هي الصحة، مردفة: أن توّقع وصول نسبة المسنين بالمملكة لما يقارب ربع السكان، يدل على توافر ما يساعد على الصحية الجيدة، وأتمنى توفير اهتمام أكبر وتركيز أشمل لمكافحة الأمراض وتجنبها. لقد اهتمت رؤية البحرين 2030 بهذا الجانب حيث توقعت الزيادة، ومن خلال هذه المبادرة سيأخذ موضوع المسن وصحته بعين الاعتبار، ومن المهم توسيع التعاون بين دور الرعاية والمراكز الصحية للمسنين، وإيجاد امتيازات خاصة بالمسنين، كالتخفيضات، ويطيب لي هنا أن أشكر وزارة التنمية الاجتماعية لمتابعتها الدائمة لاحتياجات دور رعاية المسنين.

متقاعد منتج

من ناحيتها تلفت مديرة إدارة تعزيز الصحة د. أمل الجودر إلى أهمية العمل على الخروج بمسنين ومتقاعدين منتجين لا عالة على المجتمع، مبينة أن هذه النسبة المرتفعة لها كثير من الدلالات، مثل وجود خدمات صحية جيدة وبيئة صحية، وتطورات نوعية، تساعد الإنسان على إطالة عمره، شأن الدول المتقدمة والمتطورة. وتضيف: على الدولة تطوير الخدمات الصحية ووضع دراسات وخطط مستقبلية. كما يجب تهيئة المرافق العامة والخاصة لخدمة المسن، لكي يتمكن من الوصول إليها بسهولة وسلاسة وأن لا يمل عند ارتيادها. وتشير الجودر إلى أن من أسباب ارتفاع نسبة المسنين أيضا قلة أعداد الأسرة في الوقت الحالي، فنرى الزوج والزوجة لا ينجبان أكثر من أبناء ثلاثة، فهذه مشكلة تواجهها الدول المتقدمة، وتتسبب بمشكلات منها صعوبة التربية ولا تتعلق بالجانب المادي فحسب.

وتواصل: أريد أن أبين لكل فرد، أنه إذا كانت له حقوق على الدولة بأن تطور من خدماتها الصحية وغيرها، فإن عليه أن يهتم بصحته، خصوصاً من جانب التغذية، وأن يراعي كمية ما يأكل كما يراعي النوعية، فإن تناوله الفواكه والخضار أمر صحي يبعد عنه الأمراض، فكما نعرف فإن الفاكهة فيها نسبة من السكر، وتناولها المفرط سيؤدي لزيادة نسبة السكر في الجسم، وكما قال تعالى في كتابه العزيز (كلوا واشربوا ولا تسرفوا). وأنصح بتناول الشاي الأخضر والحليب بدون سكر.

أيضاً على الفرد أن يعرف كيف يتعامل مع ضغوطات الحياة بطريقة إيجابية، فمرض الشيخوخة يعتبر من الأمراض الذهنية وليست الصحية، كما إن عليه ممارسة الأنشطة الرياضية بشكل مستمر، وأن يتجنب التدخين، وبهذا يكون الفرد قد أدى واجباته بمشاركة الحكومة والجهات المختصة.

افتتاح دار «أكبر»

فيما يشير النائب علي أحمد الزايد إلى أنه سيتم الشهر المقبل افتتاح دار «أكبر لرعاية الوالدين» بالدائرة الثامنة بالرفاع، وهي دار مساحتها كبيرة جداً تستقبل النساء والرجال في قاعتين منفصلتين، وتوفر برامج ونشاطات متنوعة للمسنين، من شأنها أن تتيح الاستفادة من خبرات المسنين اليدوية والحرفية. ويؤكد الزايد أن تحسين المستوى المعيشي للمسن إحدى أهم الأولويات التي يسعى النواب لتحققها.

مضيفاً: نحن لن ننسى عطاء المسن في زهرة شبابه من أجل الوطن، وعلى الوطن مكافأته، وكما أخذ منه صحته عليه رعايته عند عجزه. ونحن في المملكة وبكل صراحة وشفافية نحتاج لأمور شتى لتحسين مستوى معيشة المسنين. ويلفت الزايد إلى أن 60% من رواتب المتقاعدين لا تزيد على 200 دينار، ومع علاوة تحسين المعيشة أصبح الراتب 275 ديناراً بحرينياً، وهو مبلغ لا يغطي تكاليف العيشة، وسط غلاء المعيشة. لقد طالبت قبل شهرين من الآن بإعطاء منحة للمتقاعد 500 دينار بحريني، وآلية الرد على الموافقة هي ستة أشهر، وأنا متفائل برد الجهات الرسمية بالموافقة على هذه المنحة، ورغم أنها ستذهب للديون والأدوية، إلا أنها تعتبر نوعاً من العرفان للمسن نظير ما قدم لهذه البلد من خدمات جلية أوصلتنا لما نحن عليه الآن.

وسبق أن طالب النواب بإنشاء دور رعاية للوالدين، كما قمنا مقترحاً من شأنه الاستفادة من خبرات المسن، كإنشاء مراكز بمناطق مختلفة تقدم من خلالها دورات للمسن في كيفية استغلال خبراته وبالتالي نقلها للأجيال المقبلة.

نسعى أيضاً في مجلس النواب لإنشاء بطاقة تموينية تخفيضية إن لم تكن مجانية للمتقاعد، تلبي جزءاً من احتياجاته. ويتابع الزايد: عندما وقعت أحداث فبراير توجه المتقاعدون لسد ثغرات النقص في جميع الأماكن، وما أريد قوله إن المتقاعد البحريني لا يكتف بتقديم زهرة شبابه للوطن، بل يرغب بمواصلة هذا العطاء حتى آخر رمق من حياته.

ونحن نعقد اجتماعات دورية مع القطاعات الخاصة والأهلية لبحث أمور حول ما يمكن تقديمه للمسن في السنوات المقبلة. وأنصح الشباب باحترام كبار السن، تحقيقاً لما تربينا عليه من قيم وأخلاق وصّانا بها ديننا الحنيف، ولا ننسى أننا سنكون في مكانهم يوماً.