أكد خبراء نفط أن قرار الاتحاد الأوروبى بحظر استيراد النفط الإيرانى والذي سيدخل حيز التنفيذ الأحد المقبل، ستكون له تأثيرات سلبية هائلة على الاقتصاد الإيراني، الذي يعتمد على الصادرات النفطية في توفير نحو 80 بالمئة من احتياجاته من العملة الصعبة، وهو ما يؤكد أن إيران ستواجه ظروفاً اقتصادية صعبة بعد تنفيذ الحظر الأوربي، في ظل قيود هائلة وعقوبات كبيرة ستواجه أي دولة تحاول اختراق هذا الحظر.
وقال الخبراء لـ"العربية.نت"، إن غياب النفط الإيراني لن يؤثر كثيراً في السوق العالمي، في ظل الإنتاج الكبير لدول "أوبك" والذي يزيد على 30 مليون برميل يومياً، وهو ما يرجح عدم تأثر الأسعار كثيراً بعد فرض الحظر الشامل.
وأكد الخبراء أن إيران فقدت نحو 40 بالمئة من إجمالي صادراتها النفطية أو ما يزيد على 800 ألف برميل يومياً من إجمالي صادراتها التي تبلغ نحو 2.2 مليون برميل، منذ بدأ الحظر التدريجي قبل 5 أشهر، وتوقعوا ارتفاع معدل التراجع في يوليو المقبل إلى 60 بالمئة من إجمالي الصادرات، أو ما يزيد عن 1.2 مليون برميل يومياً، خاصة بعد إعلان كوريا الجنوبية عن وقف وارداتها النفطية من إيران والتي تصل إلى 240 ألف برميل يومياً.
وكانت حكومات الاتحاد الأوروبي قد وافقت رسميا أول أمس الاثنين، على تطبيق الحظر على استيراد النفط الإيرانى ابتداء من أول يوليو المقبل بحسب ما هو مقرر، وحذرت إيران من مزيد من الضغوط إن هي استمرت في تجاهلها المطالب الدولية بشأن برنامجها النووي، وتشمل العقوبات الأوروبية المفروضة على إيران، حظر تعامل الشركات الأوروبية للتأمين وإعادة التأمين مع التأمين على شركات الشحن التي تنقل النفط الإيراني.
خسائر هائلة
وقال المستشار الاقتصادي وعضو "جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية"، الدكتور فهد بن جمعة، "إن إيران فقدت بالفعل نحو 40 بالمئة من صادراتها النفطية أو ما يعادل 800 ألف برميل يومياً، قبل بدء تطبيق العقوبات الأوروبية مطلع يوليو المقبل، وبعد قرار كوريا الجنوبية بوقف وارداتها النفطية من إيران يرتفع معدل التراجع إلى ما يقارب نصف الصادرات الإيرانية، وهو ما يعني أن الاقتصاد الإيراني يتكبد في المتوسط نحو 80 مليون دولار يومياً، وهي خسارة هائلة في ظل اعتماد إيران على النفط في توفير 80 بالمئة من احتياجاتها من العملة الصعبة".
وتوقع بن جمعة أن يرتفع معدل التراجع إلى 60 بالمئة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية، لتنخفض إلى واحد مليون برميل يومياً فقط، مع تطبيق الحظر الأوروبي خلال يوليو المقبل، مشيراً إلى أن إنتاج إيران تراجع بنحو 400 ألف برميل يومياً خلال الشهر الماضي، مشيراً إلى أن الحظر سيضر إيران كثيراً، وفي حالة استمراره لفترة طويلة سينهك اقتصادها بالكامل".
وقال، "إن العامل الاساسي الذي يضغط على إيران في هذا المجال، هو ارتفاع إنتاج دول الـ"أوبك"، وانخفاض أسعار الخام"، مؤكداً أن غياب النفط الإيراني لن يؤثر كثيراً على السوق، خاصة في الفترة الحالية التي لا تشهد نمواً في الطلب على النفط".
الطرق الملتوية
وأكد بن جمعة أن إيران لو لجأت إلى طرق ملتوية –وهي قليلة جداً- لتبيع نفطها في السوق السوداء، فلن يكون مجدياً، لأنها لن تجد زبائن، لأن المستهلكين معروفي، وهناك رقابة شديدة على تحركات الناقلات والسفن، تجعل جميع التحركات مكشوفة، مضيفاً، "وحتى في حالة توافرهم فستضطر للبيع بأسعار منخفضة جداً، وبكميات هائلة، في ظل توافر كميات كبيرة من النفط في السوق العالمي من دول "أوبك".
وأشار إلى أن إيران قد تلجأ إلى أسلوب مقايضة النفط الخام باحتياجات أخرى، من دول مثل الصين والعراق وبعض دول أمريكا اللاتينية، ولكن كل ذلك لن يستمر طويلاً في ظل الضغوط الامريكية التي ستواجهها الدول المخالفة للحظر".
وتوقع بن جمعة ارتفاع نسبي لأسعار النفط مع بدء العقوبات الأوروبية على إيران، ليصل سعر خام "نايمكس" إلى نحو 100 دولار، على أن يعود إلى الاستقرار حول الـ90 دولار في مرحلة لاحقة".
الدول المستثناة من العقوبات
وأشار بن جمعة إلى أن الدول المستثناة من العقوبات، لن تجد بداً من توفير مصادر أخرى للصول على احتياجاتها النفطية بعيداً عن إيران، متوقعاً أن تخفض الصين التي وارداتها من إيران التي تبلغ نحو 500 ألف برميل يومياً، لأن مصالحها الاقتصادية ترتبط بأمريكا وأوروبا أكثر من إيران، مدللاً على ذلك، بأن "الصين زادت بالفعل واردتها النفطية من السعودية خلال الشهر الماضي".
وأكد أن تركيا أيضا ستتجه إلى دول الخليج لتوفير احتياجاتها النفطية، وتعويض وارداتها من إيران التي تبلغ نحو 182 ألف برميل يومياً.
حظر المعاملات المالية
وقال الخبير في شؤون النفط، حجاج بو خضور، "إن العقوبات التي سيبدأ تطبيقها مطلع يوليو، ستحرم إيران من أهم مصادر النقد الاجنبي، وهو ما سيؤثر سلبياً وبشكل كبير على الاقتصاد الإيراني، مشيراً إلى أن الحظر الاوروبي يشمل المعاملات المالية كافة للجمهورية الإيرانية، وهو ما يزيد الضغط على حركة التجارة الخارجية لطهران فيما يتعلق بجميع الصادرات والواردات، ويزيد الضغط الداخلية على الحكومة الإيرانية".
وتوقع أن تلجأ إيران إلى محاولة تصدير الضغوط الداخلية إلى الخارج، بأعمال تساهم في اضطراب سوق النفط، ومن ذلك التحرك في ملفات سوريا ولبنان والعراق، ومحاولة إيجاد مجال في مصر أيضاً، وهو ما قد يتسبب في توتير سوق النفط العالمي، الذي سيفقد الإنتاج الإيراني، ولكن دول "أوبك" استبقت ذلك بقرارها رفع مستويات الإنتاج إلى 30 مليون برميل يومياً، وهو ما يعوض النقص الإيراني من إنتاج الدول الأخرى.
وقال، "إن هناك نقطة مهمة جداً في هذا المجال، وهي أن هناك تحولا كبيرا في أقطاب التأثير على تجارة النفط عالمياً، مشيراً إلى انه خلال السنوات الـ15 الماضية، كان النمو في الصين والهند هو المحرك الاول لسوق النفط، أما في الوقت الحالي فهناك تحولات في أوروبا ستنعكس بشكل كبير في حركتها التجارية الخارجية وهو ما سينعكس على اقتصاد الصين، ليؤدي في النهاية إلى تراجع وارداتها النفطية، بالغضافة إلى التحولات في الأنظمة السياسية في الشرق الاوسط، وهو ما قد يكون له تأثير مباشر على تجارة النفط العالمية".
وأضاف أن السنوات الثلاث المقبلة حتى عام 2015 تمثل مرحلة جديدة في سوق النفط، تختلف تماماً عن المراحل السابقة، وتتسم بمعطيات جديدة تختلف في تأثيرها عن العوامل السابقة.
عمليات التهريب
وأكد أن إيران قد تلجأ إلى عمليات تهريب للنفط عن طريق الحدود مع أفغانستان ودول شرق آسيا، بالتعاون مع الصبن التي مدت خط أنابيب نفط مع هذه الدول، وهو ما يمثل أحد الطرق المحتملة للتحايل على الحظر والعقوبات.
وأوضح أن الدول المستثناة من العقوبات، منحت فرصة لحين إيجاد بديل لتوفير وارداتها، وحتى يكون هناك توزان في سوق النفط حتى لا يتأثر المجتمع الدولي بالعقوبات، مشيراً إلى أن زيادة إنتاج "أوبك" يعد أهم عوامل مواجهة الحظر فيما يتعلق بتعويض الدول التي تعتمد على النفط الإيراني.