أثارت موجة غلاء تجتاح الأسواق الإيرانية، انتقادات وجّهتها شخصيات دينية وسياسية للحكومة التي عجزت عن كبح جماح ارتفاع الأسعار في شكل مستمر، خصوصاً السلع الأساسية، مثل الحليب والخبز واللحم، ناهيك عن الإيجارات والسكن.
تزامن ذلك مع تطبيق الولايات المتحدة حظراً علي تعامل الشركات مع المصرف المركزي الإيراني، وعشية تنفيذ الاتحاد الأوروبي حظراً علي استيراد نفط من إيران.
وشهدت الأسواق الإيرانية خلال الشهور الأخيرة، ارتفاعاً في سعر الحليب بنسبة 30 في المئة، والخبز بنسبة 25 في المئة، ما اضطر الحكومة إلي زيادة 3 آلاف تومان (3.6 دولارات) للمعونة المالية المقدمة للمواطنين شهرياً، فيما ارتفعت إيجارات الشقق في طهران بنسبة 30 في المئة. لكن السلطات طمأنت المواطنين إلي دعمها بضائع بخاصة في شهر رمضان المبارك.
وسجّلت العملة الإيرانية مزيداً من التراجع، إذ كسرت حاجز ألفي تومان للدولار.
وخصص رئيس مجلس الشوري (البرلمان) علي لاريجاني خطاباً ألقاه الأربعاء، قبل جلسة للمجلس، طالب فيه حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد بمواجهة ارتفاع الأسعار، لافتاً إلي أن هذه الظاهرة تشكّل أولوية للبرلمان، إذ إن «مشكلة غلاء السلع الأساسية، مثل الخبز والحليب، إضافة إلى السكن، تحتاج إدارة وتخطيطاً، ناهيك عما يسبّبه الأعداء في الخارج» من أضرار.
ورأي لاريجاني أن المجلس كان محقاً حين طالب بتخصيص 30 في المئة من الموازنة، لصرفها في مجال الإنتاج، أو التدرج في تنفيذ برنامج رفع الدعم الحكومي عن سلع وخدمات أساسية، «حتي لا يصل المنتجون والمزارعون والصناعيون إلى الظروف الحالية».
واتهم لاريجاني «دول الاستكبار بالسعي إلي زرع اليأس في قلوب الإيرانيين، وتفسير ظاهرة الغلاء في شكل يمكّنها من الضغط علي الحكومة الإيرانية، لإملاء قناعاتها وأهدافها»، مطالباً الحكومة بالواقعية في التعاطي مع هذه الظاهرة ومعالجتها بجدية.
لكنّ مصادر قريبة من حكومة نجاد قلّلت من أهمية العقوبات المفروضة علي المصرف المركزي لإيران ونفطها، معتبرة أنها تدابير «إعلامية تمارَس في إطار حرب نفسية معقدة للتأثير في الرأي العام الداخلي، لتمرير برنامج الاستياء الاقتصادي من النظام». وتعتقد هذه المصادر بأن «الهدف الأساسي للعقوبات هو إيجاد شرخ بين المواطن والنظام»، مؤكدة أن ذلك «سيفشل».
في غضون ذلك، شهدت سوق الأوراق المالية خلال الأيام الأخيرة، تراجعاً لمؤشرات الأسهم، إذ فقدت 200 نقطة، كما يرجّح متعاملون فقدانها مزيداً من النقاط، ما دعا المسؤولين عن السوق إلى عقد اجتماع مع المستثمرين، للجم التدهور.
ويعتقد خبراء ماليون بأن تراجع أسعار الأسهم في البورصة يتزامن مع ارتفاع التضخم في البلاد، إذ تعدى 20 في المئة، وانخفاض سعر صرف الريال الإيراني في مقابل الدولار، إضافة إلي ارتفاع سعر الذهب في السوق المحلية، علي رغم انخفاضه عالمياً.
ويعزو الخبراء أسباب التدهور، إلي عدم اتباع أساليب علمية في تنفيذ برنامج رفع الدعم الحكومي، ما انعكس سلباً علي الأداء المالي للشركات الحكومية والخاصة، وعلي القطاع المصرفي.
وانتقد موقع «بازتاب» القريب من سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، الإعلام الحكومي الذي يركّز علي المشاكل الاقتصادية العالمية، متناسياً المشاكل التي تواجهها إيران. واعتبر أن سياسة المصرف المركزي الإيراني في مجال القروض والاستثمار وأسعار الفوائد، أدت إلي هروب رؤوس الأموال من سوق الإنتاج.
وحمّل الموقع مؤسسات حكومية مسؤولية العجز عن معالجة المشاكل التي تعانيها أسواق الاستثمار والمعامل، كما طالب الحكومة بالإسراع في معالجة وضع البورصة، لمساندة رؤوس الأموال الإيرانية، وعدم انتظار مزيد من التدهور.
ويشير متعاملون في السوق الإيرانية إلى أنها تتأثر في شكل مباشر بأنباء العقوبات الاقتصادية، خصوصاً عشية تطبيق الاتحاد الأوروبي حظراً علي استيراد النفط من إيران.