سيكون الملعب الاولمبي في كييف بعد غد الاحد مسرحا لمعركة العمالقة بين الحارس الايطالي جانلويجي بوفون ونظيره الاسباني ايكر كاسياس، وذلك عندما يتواجه منتخبا بلادهما في نهائي كأس اوروبا 2012.
من المؤكد ان موقعة النهائي بين العملاقين الايطالي والاسباني ستكون قمة بكل ما للكلمة من معنى، نظرا الى المستوى الذي قدمه الطرفان في البطولة القارية ونظرا الى موقعهما على السلم الكروي القاري والعالمي، وما يعطي هذه المواجهة اهمية اضافية هو وجود بوفون وكاسياس بين الخشبات الثلاث لكل من "الازوري" و"لا فوريا روخا" لان الاثنين فرضا نفسهما من افضل الحراس الذين عرفتهم اللعبة الشعبية الاولى في العالم.
هناك الكثير من النقاط المشتركة والتقاطعات بين العملاقين: الاثنان يرتديان شارة القائد في منتخبي بلادهما وفريقيهما يوفنتوس وريال مدريد، والاثنان توجا بلقب كأس العالم عامي 2006 و2010، وكلاهما توجا مع منتخبي بلادهما على صعيد الشباب، حيث احرز بوفون كأس اوروبا لتحت 21 عاما (1996) وكاسياس كأس العالم لتحت 20 عاما (1999)، كما انهما توجا بلقب الدوري المحلي، الاول في ثلاث مناسبات والثاني في 5 مناسبات (اللقبان الاخيران لهما خلال موسم المنصرم).
لكن كاسياس يتفوق على بوفون باحرازه لقب مسابقة دوري ابطال اوروبا مرتين، فيما اكتفى بوفون بلقب كأس الاتحاد الاوروبي حين كان في صفوف بارما، كما ان الحارس الاسباني يتفوق على نظيره الايطالي باحرازه لقب كأس اوروبا مع منتخب بلاده عام 2008 حين مر ببوفون بالذات خلال الدور ربع النهائي بالفوز على "الازوري" بركلات الترجيح 4-2 بعد ان نجح حارس ريال بصد ركلتي دانييلي دي روسي وانتونيو دي ناتالي، فيما صد حارس يوفنتوس ركلة دانيال غويزا.
ولن تكون مواجهة الاحد الثانية فقط بين الحارسين العملاقين اللذين تواجها في الدور الاول من النسخة الحالية، بل انهما لعبا في مواجهة بعضهما مع منتخبي بلادهما في العديد من المناسبات، اولها يعود الى 28 نيسان/ابريل 2004 حين تعادلا وديا 1-1، ثم في 26 اذار/مارس 2008 حين فازت اسبانيا وديا 1-صفر ثم في ربع نهائي كأس اوروبا 2008 وفي العاشر من اب/اغسطس الماضي حين فازت ايطاليا وديا 2-1 وصولا الى الدور الاول من البطولة الحالية حين تعادلا 1-1.
ولم تنحصر مواجهات بوفون-كاسياس بالمباريات الدولية مع منتخبي بلادهما، اذ تواجها مع فريقيهما في الدور نصف النهائي لمسابقة دوري ابطال اوروبا موسم 2002-2003 حين فاز ريال ذهابا 2-1 ويوفنتوس ايابا 3-1 فتأهل الفريق الايطالي الى النهائي حيث خسر امام مواطنه ميلان بركلات الترجيح.
كما تواجه الحارسان مرة اخرى في المسابقة الاوروبية الام خلال الدور الثاني من موسم 2004-2005 حين فاز ريال ذهابا 1-صفر ويوفنتوس ايابا 2-صفر بعد التمديد فتأهل فريق "السيدة العجوز" الى ربع النهائي حيث خرج على يد ليفربول الانكليزي.
ما هو مؤكد، وبغض النظر عن مسألة من يملك الافضلية في المواجهات المباشرة بينهما او في الالقاب، ان بوفون وكاسياس يعتبران من افضل الحراس الى جانب العمالقة الاخرين مثل السوفياتي ليف ياشين والايطالي دينو زوف والالماني سيب ماير والهولندي اروين فان در سار والتشيكي بتر تشيك والدنماركي بيتر شمايكل.
بالنسبة ل"جيجي" بوفون، فانه دخل الى نهائيات كأس اوروبا وهو امام مهمة جديدة متمثلة بارتدائه شارة قائد المنتخب الايطالي بعد اعتزال المدافع فابيو كانافارو، ما وضعه امام مهمة مزدوجة كونه يمثل ايضا ابرز عناصر الخبرة في "سكوادرا ازورا" الى جانب زميله في يوفنتوس اندريا بيرلو.
نجح "جيجي" في تعويض ما فاته في مونديال جنوب افريقيا 2010 حين تعرض لاصابة في ظهره في المباراة الاولى لمنتخب بلاده امام الباراغواي (1-1) ما اضطره للغياب عن المباراتين الاخريين والابتعاد عن الملاعب حتى كانون الثاني/يناير 2011 بعد خضوعه لعملية جراحية.
وقد تكون نهائيات كأس اوروبا المشاركة الاخيرة لبوفون مع "الازوري" كونه يبلغ الرابعة والثلاثين من عمره، وهو يمني النفس بان يضيف لقبها الغالي الى خزائنه التي تضم العديد من الالقاب واخرها الدوري الايطالي حيث ساهم في اعادة فريقه يوفنتوس لمنصة التتويج بقيادته الى ال"سكوديتو" للمرة الاولى منذ 2003.
بوفون يشكل صمام الامان في المنتخب الوطني ليس بسبب مركزه وحسب بل بسبب قدرته القيادية، ولم يأت اختيار حارس يوفنتوس من قبل الاتحاد الدولي للتاريخ والاحصاءات في كرة القدم كافضل حارس مرمى في العالم خلال العقدين الاخيرين من فراغ لان "جيجي" هو ملهم "الازوري".
لعب بوفون دورا اساسيا في قيادة ايطاليا الى لقب مونديال المانيا 2006 حيث حافظ على نظافة شباكه في 5 مباريات خلال النهائيات ولم يتلق مرماه سوى هدفين، الاول بنيران صديقة سجله عن طريقه الخطأ زميله كريستيانو زاكاردو ضد الولايات المتحدة والثاني من ركلة جزاء سجلها زين الدين زيدان خلال المباراة النهائية ضد فرنسا.
ويحلم بوفون في ان يعوض خيبة مونديال جنوب افريقيا 2010 الذي خرج منه الايطاليون من الدور الاول، وان يؤكد انه افضل من وقف في عرين "سكوادرا ازورا" بعد ان تمكن في شباط/فبراير الماضي من ان يزيح الاسطورة دينو زوف عن المركز الثالث في قائمة اكثر اللاعبين مشاركة مع المنتخب بعد ان رفع رصيده الى 113 مباراة (119 حاليا)، ولا يتقدم عليه سوى كانافارو (136 مباراة) وباولو مالديني (126) اللذين اعتزلا اللعب.
من المؤكد ان الجميع يعلم قيمة بوفون ان كان مع المنتخب الوطني او يوفنتوس وبينهم الاتحاد الدولي للتاريخ والاحصاءات في كرة القدم الذي اختاره افضل حارس في العقدين الاخيرين على حساب الدنماركي بيتر شمايكل حارس مانشستر يونايتد الانكليزي سابقا، وكاسياس بالذات.
وشمل الاحصاء افضل حراس المرمى منذ 1990 وضم نادي العشرين الاوائل حراسا كبار مثل السوفياتي رينات داساييف والانكليزي بيتر شيلتون اللذين احتلا المركزين الخامس عشر والثامن عشر، والالماني اوليفر كان الذي جاء في المركز الرابع.
ان المبلغ الذي دفعه يوفنتوس عام 2001 من اجل التعاقد مع بوفون من بارما يعكس اهمية وموهبة هذا الحارس، اذ اضطر فريق "السيدة العجوز" الى ان يجعل "جيجي" اغلى حارس مرمى في العالم بعدما دفع 52 مليون يورو للتعاقد معه.
بدأ بوفون مسيرته مع المنتخب الاول في ال19 من عمره عندما حل بدلا من جانلوكا باليوكا المصاب خلال تصفيات مونديال 1998 امام روسيا ثم فرض نفسه تدريجيا في المنتخب وكان الحارس الاساسي في تصفيات كأس اوروبا 2000 الا ان الاصابة حرمته من المشاركة في النهائيات التي وصلت فيها بلاده الى المباراة النهائية قبل ان تخسر امام فرنسا بالهدف الذهبي.
ولم يغب بوفون عن الاحداث الكبرى مع منتخب بلاده منذ حينها حيث كان اساسيا في مونديال 2002 وكأس اوروبا 2004 ومونديال 2006 وكأس اوروبا 2008 حيث ارتدى شارة القائد بسبب غياب زميله كانافارو بسبب الاصابة.

اما بالنسبة ل"سان ايكر" البالغ من العمر 31 عاما، فهو عرف طعم المجد منذ ان كان في التاسعة عشرة من عمره حين اصبح اصغر حارس يخوض نهائي مسابقة دوري ابطال اوروبا وقد توج هذا الانجاز باحراز اللقب بعد فوز ريال على مواطنه فالنسيا 3-صفر.
كانت تلك بداية الانجازات بالنسبة لكاسياس الذي اصبح بعد 12 عاما اكثر اللاعبين مشاركة مع المنتخب الاسباني (136 مباراة) متوفقا على الحارس الاخر اندوني زوبيزاريتا (126 مباراة).
كما اصبح كاسياس الذي خاض مباراته الاولى بقميص المنتخب الاول في الثالث من حزيران/يونيو 2000 ضد السويد حين كان يبلغ 19 عانا و14 يوما، في 26 نيسان/ابريل الماضي صاحب الرقم القياسي الدولي من حيث عدد المباريات التي خاضها مع المنتخب الوطني دون تهتز شباكه (73)، وكان ذلك في مباراة ودية ضد صربيا، محطما الرقم الذي كان مسجلا باسم الهولندي ادوين فان در سار. وفي اليوم التالي، احتفل كاسياس برقم قياسي جديد من خلال تحقيق فوزه ال95 مع المنتخب وجاء على حساب كوريا الجنوبية (4-1)، وفي حال تمكنت اسبانيا من الفوز على ايطاليا في النهائي في الوقتين الاصلي او الاضافي (لان ركلات الترجيح تعتبر تعادلا)، سيحتفل "سان ايكر" بفوزه رقم 100.
كان كاسياس ضمن التشكيلة التي شاركت في كأس اوروبا 2000 لكنه لم يلعب كما كان من المتوقع ان يكون بديل سانتياغو كانيزاريس لكن تعرض الاخير للاصابة فتح الباب امامه ليكون الحارس الاساسي في الحادية والعشرين من عمره، وهو لعب دورا حاسما في تأهل بلاده الى الدور ربع النهائي بصده ركلتين ترجيحيتين امام ايرلندا لكن المشوار انتهى على يد كوريا الجنوبية المضيفة التي كانت اطاحت في الدور الثاني بايطاليا ايضا.
وحافظ كاسياس على مركزه الاساسي في كأس اوروبا 2004 حين خرجت اسبانيا من الدور الاول، وفي مونديال 2006 حين انتهى مشوار "لا روخا" في الدور الثاني على يد فرنسا ونجمها زين الدين زيدان (1-3).
وبعد استبعاد زميله في ريال راوول غونزاليز عن كأس اوروبا 2008 من قبل المدرب لويس اراغونيس، ورث "سان ايكر" شارة القائد التي جعلته يدخل تاريخ البطولة القارية لانه اصبح اول حارس قائد يتوج باللقب.
تألق كاسياس ليس بالغريب على "سد منيع" مثله اصبح خلال الدور ربع النهائي من مونديال جنوب افريقيا 2010 امام الباراغواي اول حارس يتمكن من صد ركلتي جزاء في دورتين مختلفتين من نهائيات كأس العالم، بعدما تصدى لركلة جزاء ضد جمهورية ايرلندا في ثمن نهائي مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002 ثم صد ركلة الباراغوياني اوسكار كاردوزو في ربع نهائي 2010.
أسكت كاسياس في جنوب افريقيا منتقديه الذين لم يرحموه منذ مسؤوليته في الهدف الذي خسرت به اسبانيا المباراة الاولى امام سويسرا موجهين الاتهام الى صديقته المعلقة في التلفزيون الاسباني التي شتت تركيزه بتواجدها في الملعب واخذها تصريحات منه خلال فترة الاحماء.
لم يعر كاسياس اي اهتمام للانتقادات وواصل تركيزه وابداعه وقاد بلاده للقب العالمي الاول لها، كما فعل في كأس اوروبا عام 2008 عندما ساهم بقيادتها الى احراز اللقب الاول منذ 1964 واختير افضل حارس مرمى في البطولة، وكذلك صفوف ناديه الملكي الذي نشأ في صفوفه وخاض معه حتى الان 625 مباراة منذ 1999 حيث يعتبر اكثر حارس مرمى خوضا للمباريات في تاريخ ريال مدريد وهو توج معه خلالها بلقب مسابقة دوري ابطال اوروبا مرتين عامي 2000 و2002 والكأس السوبر الاوروبية عام 2002 والكأس القارية "انتركونتيننتال" عام 2002 والدوري المحلي اعوام 2001 و2003 و2007 و2008 و2011 والكأس السوبر المحلية اعوام 2001 و2003 و2008 والكأس المحلية عام 2011.