كتب - محمد لوري:

مخالفات الأوقاف الجعفرية

قالت مصادر بلدية إن الأوقاف الجعفرية تتبع أسلوب الفوضى المنظمة لتخالف اللوائح وتستغل عدم وجود وثائق ملكية لبعض العقارات وضعف الرقابة البلدية لتمضي في بناء دور العبادة المخالفة دون وثائق ملكية وفي عقارات غير مخصصة للخدمات الدينية في تعدٍ على الأملاك الخاصة والعامة، مشيرة إلى أنها تستغل لتوظيف الحساسية المذهبية للحصول على امتيازات ومكاسب لفرض الأمر الواقع.

وأضافت المصادر البلدية لـ»الوطن» أن «هناك عدداً من المخالفات تقتضي الإزالة كالمساجد غير المرخصة خارج حدود الملك والتعدي على أملاك خاصة وعامة، وأخرى تم بناؤها في مناطق غير مخططة ما يتعارض مع المخطط العام، إضافة إلى مساجد غير مرخصة تم بناؤها في عقارات غير مسجلة ومساجد تم بناؤها في طرق عامة بدون ترخيص وعدد من المآتم غير المرخصة في منازل وبيوت إسكان».

وأكدت أن «الأوقاف الجعفرية تسير على خطوات محددة للاستيلاء على أملاك خاصة وعامة بوضع اليد وفرض الأمر الواقع على نهج سياسة التدرج في بناء المساجد غير المرخصة واستغلال صعوبة الإزالة وغض طرف بعض موظفي البلديات والمسؤولين عن هذه المخالفات وصعوبة تحديد تاريخ إنشائها، ما يعقد الأمر ويصبح من المستحيل إزالة هذه المخالفات باعتبارها قائمة وقديمة»، مشيرة إلى أن «انتشار المساجد غير المرخصة في المناطق المفتوحة وغير المخططة يفرض على وزارة البلديات والتخطيط تعويض إدارة الأوقاف الجعفرية عن هذه العقارات».

خطوات السيطرة على أي منطقة

وأوضحت المصادر أن «الأوقاف الجعفرية تتبع التدرج في البناء والتعديات إذ يتم بداية تحديد الأرض المراد الاستيلاء عليها بصخور على شكل مستطيل صغير ثم يتم وضع كومة من الرمل لتشكيل تل صغير على شكل قبر ووضع أعلام ورايات على التل، ثم يبدأ الشروع في تطويق الأرض بارتفاع طابوقتين»، مشيرة إلى أنه «يتم استغلال العطل الرسمية في عملية تكملة البناء لتمديد خدمات كهرباء بطرق فنية غير رسمية بمساعدة من بعض موظفي الكهرباء».

مخالفات في أراضي الوقف النفعي

من جهتها، كشفت مصادر مطلعة أن «إدارة الأوقاف تقوم بتأجير العقارات الواقعة في مناطق غير مخططة وغير مصنفة، ما يدفع المستأجر إلى تحويطها واستغلالها لأنشطة تجارية مختلفة والبناء فيها دون ترخيص مع معرفة الإدارة التامة بعدم إمكانية الترخيص لها من قبل البلدية لعدم وجود ملكية العقار وشهادة المسح وكل ذلك بهدف حجز هذه الأراضي وفرض الأمر الواقع والمطالبة بالتعويض عنها في أي عملية إعادة تخطيط للمنطقة من وزارة التخطيط العمراني والتخطيط وتقوم الوزارة المذكورة بتعويضها بكل سهولة».

وأضافت المصادر أن الأوقاف الجعفرية «تمتلك ما يقارب 650 مسجداً ضمن سجلاتها وما تعرض للهدم خلال فترة السلامة الوطنية معظمه لم يكن مرخصاً كما أثبت تقرير بسيوني»، مشيرة إلى أنه «أعيد بناء المساجد المرخصة بصورة أفضل مما كانت عليه».

وذهبت المصادر إلى أن «تعهد رئيس الأوقاف الجعفرية في إحدى الصحف المحلية بإعادة بناء كل ما تم هدمه حتى وإن كان ضمن الأماكن المخالفة خلال أسبوع يشكل تحدياً سافراً غير صحيح».

وتابعت أن «الأوقاف الجعفرية هي من خلق الأزمة لعدم استكمالها إجراءات بناء المساجد إذ تم وضعها في السجلات دون الالتزام بالضوابط الشرعية والقانونية في تراخيص البناء ما أدى لبناء مساجد بشكل عشوائي ناقصة للشروط الشرعية ولا تتحقق فيها المسجدية الشرعية حيث يشترط لبناء أي مسجد أن تكون الأرض مملوكة وصاحبها قد أوقفها لبناء مسجد، إضافة لعدم إكمالها الإجراءات القانونية.»

وأشارت المصادر إلى أن «هناك كابينات ومحلات بنيت بشكل غير مرخص أدرجتها الأوقاف تحت إشرافها ما يؤكد التسيب الإداري».

قانون بلا هيبة

وحول أسباب انتشار ظاهرة مخالفات البناء، قالت المصادر البلدية إن «ضعف القانون وعدم كفاءة الجهاز التنفيذي والسلوكيات اللامسؤولة لفئات من المجتمع البحريني تتصدر الأسباب»، مشيرة إلى أن «هذه المخالفات تسبب العديد من المشكلات بينها تشويه المنظر الجمالي والعمراني لمملكة البحرين إضافة إلى تعدي البعض على الأملاك الخاصة والعامة المصونة قانوناً ودستوراً».

وأضافت أن «فقدان الناس لهيبة القانون والسلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة البلديات وعدم احترام القانون وقلة الوعي الاجتماعي والإفلات من العقوبة ساهم في انتشار المخالفات»، موضحة أن «عدم صرامة القانون البلدي ومبلغ الغرامة المالية البخس (20 ديناراً)، إضافة إلى عدم وجود نيابة بلدية مختصة بالمخالفات البلدية يساهم في تأخر صدور الأحكام المتعقلة بالمخالفات وعدم إعطائها أولوية في تفاقم المشكلة».

وأشارت المصادر البلدية إلى أن «هناك أسباباً بينها ضعف التوجهات في الإدارة العليا وعدم وجود خطة استراتيجية وعدم قدرة الجهاز التنفيذي على ضبط المخالفة مبكراً بسبب قلة الكادر الوظيفي وتأخر التوظيف»، مؤكدين «تهاون عدد من الموظفين في أحيان كثيرة مع المخالفات».

خارج سلطان الدولة

وفي السياق ذاته، قال خبير التنمية البشرية عبدالله المقابي إن عدد المساجد المهدومة محدود جداً وقد بنت الدولة أكثر من 5 مساجد بأفضل ما كانت عليه، وبمتابعة مباشرة»، مشيراً إلى أنه «لن يختلف عقلان ينظران إلى المنطقية ويمارسان السوية حول وجود أيادٍ خفية تدير الأوقاف الجعفرية، إذ إنه ليس لإدارة الأوقاف الحالية ولا قبلها يد في تنصيف الواجب وتحديد الأوجب».

وأضاف: «الموظف في الأوقاف مشروعه الوجاهة وسلاحه الثراء، ولتسلم كل القضايا المتعلقة بالأوقاف الجعفرية إلى تلك الأيادي الخفية بوضع يدها على كل شاردة وواردة من دون تحديد سقف لتطاولها»، مشيراً إلى أن «الأيادي الخفية تريد الأوقاف الجعفرية خارج نطاق تصرف الدولة، ولصعوبة الأمر بسبب تسجيل الأوقاف تحت سقف وزارة العدل والشؤون الإسلامية، عمدت تلك الأيادي على كسب موظفين في وزارات الدولة والتابعة أو المباشرة لمعاملات مع الأوقاف الجعفرية بتسهيل شرعيتها في استملاك وبيع وتأجير الأراضي والشقق والعمارات وغيرها من الأملاك الوقفية».

وأشار إلى أن «القانون يراعي كثيراً خصوصيات الطائفة الشيعية، ويراعي في الوقت ذاته استقلالية الأوقاف في الإدارة الشأنية معللاً بوجود مراقبين ومحققين ومدققين للحسابات، وعملية جرد شبه معدومة تبعاً للاستقلالية، ما أدى إلى تمادي الجهات في ترتيب الأثر الضامن لمصالحها وتعميمه، ووجه آخر للثقة في مقومات المجتمع الدينية بدور العبادة والمساجد والمآتم فلا يتدخل أحد في فرض عقوبة أو وضع تطبيق لقانون تساهلاً في الحد المفضي إلى مصلحة المجتمع، ما يتم من خلاله استغلال حدين من عدم تجرؤ جهة للتصدي قانونياً وعدم تجرؤ جهة لفرض عقوبة ما على التعديات بهذه الدائرة، ولكونها جهة مستقلة تمتد سيطرة الأيادي الخفية من ورائها».

وتابع المقابي أن الأوقاف الجعفرية «باتت في فوضى عارمة وتم السيطرة على كل مقدراتها تحت أمرة الجهة الخازنة والدولة في سبات عميق»، مؤكداً وجود «خطوات ممنهجة للاستيلاء على مقدرات الأوقاف الجعفرية لفرض طوق يخنق الحكومة في وقت لاحق بعد أن تتم السيطرة التامة على كل ما يخص الطائفة الشيعية».

وأردف: «لا يقتصر الفساد على خطط ممنهجة باستيلاء الدائرة على أراضٍ وأوقاف معينة بل تعدى إلى الاستيلاء على أراضٍ غير مملوكة، وتطويق الأراضي باسم المسجدية ووضع اليد عليها تحت غفلة المتابعة والموافقة الرسمية».