قال تقرير اقتصادي متخصص إن دول مجلس التعاون الخليجي عملت منذ سبعينيات القرن الماضي على تخفيف اعتمادها على الصادرات النفطية، لكن وخلافا لذلك، ازداد اعتماد تلك الدول على النفط خلال السنوات الـ20 الماضية، حيث ارتفعت نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي من 35 إلى 50%.وأضاف تقرير الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية الصادر اليوم الأحد أن النموذج الاقتصادي هذا والمعتمد على الصادرات النفطية أدى إلى رفع مستويات المعيشة بشكل كبير في دول التعاون، لكن مخاطر عدم استدامة هذا النموذج دفع الحكومات إلى البدء بتنويع مصادر الدخل منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي.وأوضح أن الدول الخليجية استثمرت مبالغ كبيرة في تطوير قطاع صناعات الطاقة الثقيلة مثل شركة (سابك) السعودية التي تأسست في عام 1976 لمعالجة المنتجات النفطية وشركة (ألمنيوم دبي) التي تأسست عام 1975.وذكر أن بعض البرامج توجهت نحو تطوير قطاع الخدمات، فروجت البحرين لنفسها كمركز مصرفي منذ عام 1975 بينما بدأت دبي منتصف الثمانينيات بإيجاد مناطقها التجارية الحرة.وبين التقرير أن هذه التجارب كانت ناجحة، إلا أنها فشلت في اجتذاب القوى العاملة المحلية بعيدا عن القطاع العام، كما أوجدت بعض الاضطراب في قطاعات مثل القطاع العقاري بسبب سرعة تطور العملية.وأشار إلى إطلاق حكومات التعاون موجة ثانية من مبادرات التنويع هدفت هذه المرة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد من خلال تحسين بيئة العمل مثل قوانين سوق العمل وفك القيود المالية وعبر فتح الأبواب للاستثمارات الأجنبية المباشرة.وقال تقرير الشركة الصينية الاستثمارية إنه تم فعلا إيجاد قطاعات غير نفطية قادرة على المنافسة وخصوصا في دبي، لكن في الوقت الراهن تسير كثير من دول التعاون "في الاتجاه المعاكس" حيث تقيد قوانين سوق العمل وتفرض على القطاع الخاص توظيف العمالة الوطنية في محاولة لوقف ضغط مصروفات الرواتب على الميزان المالي للدولة.وذكر أن نسبة الناتج المحلي الإجمالي الذي تنتجه الأنشطة النفطية في دول التعاون والمنطقة ازداد ككل، حيث ارتفع اعتماد الدول الخليجية على النفط خلال الـ20 عاما الماضية ونما الناتج المحلي الإجمالي النفطي لديها أكثر من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.وأشار إلى أن دول التعاون تملك كثافة سكانية تبلغ 47 مليون نسمة وناتج محلي اجمالي سنوي يقارب 5ر1 تريلون دولار أمريكي مماثل لحجم كندا في وقت ينشأ التأثير الجيوسياسي لدول التعاون من كونها تملك ما يقارب نصف احتياطي النفط العالمي المؤكد.وأفاد تقرير الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية بأن هذه الدول اختارت نماذج اقتصادية واجتماعية تمنح المواطنين جزءا من الثروة الناتجة عن تصدير النفط من خلال رواتب القطاع العام والدعم المالي، ورأى أن هذه النماذج فشلت في إيجاد أي قطاع منافس قادر على قيادة النمو في غياب الإيرادات النقدية المستقرة الناتجة من النفط.وقال التقرير إنه على الأجل الطويل لا تمكن استدامة هذا النموذج لعدة أسباب، أولها أن زيادة الرواتب تترافق بتزايد مستوى المصروفات الحكومية باستمرار بينما تواجه الإيرادات تذبذبا "فالصادرات النفطية تشكل ما يقارب ثلاثة أرباع الدخل الحكومي بينما تكاد الضرائب أن تكون معدومة".والسبب الثاني بحسب التقرير يكمن في أن جميع مصادر النمو الأخرى من الاستهلاك والانفاق الحكومي وإلى حد ما الاستثمار الخاص، تعتمد على الإيرادات النفطية، ورأى أن "الانخفاض الممتد لهذه الإيرادات قد يؤدي لانهيار الاقتصاد بأكمله"، بينما يكمن السبب الثالث في أن القطاع النفطي ينتج مستويات منخفضة من التوظيف فيما تملك دول التعاون مجموعة كبرى ومتزايدة من الشباب العاطل عن العمل ما يعني ضغوطا مالية واجتماعية.وعن السبب الرابع أشار التقرير إلى أن نموذج النمو المعتمد يعيق تصدير الموارد الطبيعية على تطوير القطاع الصناعي المحلي القادر على المنافسة أو ما يعرف اقتصاديا بالمرض الهولندي، معتبرا أن النظام الاقتصادي المعتمد على إيرادات الصادرات النفطية فقط لن يتمكن من استدامة مستوى دخل عال مع مرور الوقت.واشار التقرير إلى القلق تجاه "قلة التنويع التي تنطبق على جوانب أخرى في المنطقة كنوع من التأمين في وقت تتجه المحافظ السيادية الخليجية والمستثمرين لاستثمار جزء من دخلها في الخارج كنوع من الحماية من الانخفاض المتوقع في الإيرادات النفطية".وأشار إلى أن هذه الاستثمارات تتجه فقط إلى مجموعة صغيرة من الدول غالبا الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وفي أنواع محددة من الاستثمارات فقط كالشركات الكبرى القوية ماليا والقطاع العقاري.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90