أكد مصدر مسؤول في قطاع التأمين في السعودية أن الأزمة المالية العالمية كانت سببا وراء تأجيل دراسة مقترح بإنشاء شركة خليجية موحدة، تضم شركات التأمين العاملة في منطقة الخليج، وتعمل في مجال إعادة التأمين للحد من ظاهرة هروب الأموال الخليجية خارج المنطقة لشركات عالمية تعمل في مجال التأمين.
وقال المصدر إن عددا من شركات التأمين كان لديها توجه بإنشاء شركة تأمين عملاقة قادرة على تغطية الخدمات التأمينية في منطقة الخليج، ومحاولة الاستفادة من المكاسب التي تحققها شركات التأمين العالمية من وراء سياسة إعادة التأمين، خاصة أن بعض شركات التأمين العاملة في الخليج تقوم بدور الوكيل فقط عن هذه الشركات العالمية الكبرى في مجال إعادة التأمين والتي تذهب عوائدها للشركات العالمية، وفقاً لصحيفة "الاقتصادية" السعودية.
وكشف المصدر أن الأزمة المالية العالمية أفرزت تحديات جديدة أمام شركات التأمين قد تستمر تداعياتها وانعكاساتها لسنوات مقبلة، حيث إن هنالك خسائر لحقت بشركات التأمين على المستوى العالمي مما نتج عنه إفلاس العديد منها وخروجها من السوق، وتعرضت بعضها إلى هزات عنيفة.
كما أن الأزمة الاقتصادية أدت إلى تغييرات جوهرية على صناعة التأمين في نواح عديدة أبرزها السياسة الاكتتابية لمعيدي التأمين، وفرض شروط إضافية بهدف زيادة حدود الاحتفاظ للشركات المسندة وإلزام شركات التأمين المباشر بالاحتفاظ بحدود معينة، وتخفيض العمولات والسعي إلى ربطها بالنتائج الفعلية، زيادة حدود التحمل ولا سيما بالنسبة للأخطار الطبيعية، واشتراط تسديد الأرصدة خلال فترة معينة وربطه باستمرارية سريان اتفاقيات إعادة التأمين.
وأضاف أن الأزمة المالية قد تعمل على إعادة رسم خريطة توزيع محافظ إعادة التأمين العالمية فبعض الشركات مرشحة للاندثار أو الاندماج مع بعض الشركات الأخرى لأنها لن تتمكن من الصمود - في ظل الظروف الحالية - إلا الشركات ذات الملاءة العالية القادرة على احتواء حجم مماثل من الخسائر.
وتابع المصدر أن شركات التأمين في دول المجلس تعتمد بشكل كبير على إعادة التأمين لدى شركات التأمين العالمية، فقد عمدت هذه الشركات إلى اتباع سياسات رفعت بموجبها أسعار أقساط التأمين المباشر على عملائها في وقت تواجه فيه الأسواق التأمينية الخليجية ظروفا اقتصادية ذات تأثير سلبي في القدرات الشرائية للمواطنين وبالتالي في الإنفاق التأميني. كما أن شركات التأمين العاملة في المنطقة تتسم بالضعف والمنافسة الحادة بينها وبين الشركات الأجنبية.
وبين أن ارتفاع ظاهرة نسب إعادة التأمين في دول المجلس تأتي لرغبة شركات التأمين العالمية في تقاسم مخاطر التأمين نتيجة لعدة عوامل منها ارتفاع المخاطر التأمينية غير الاقتصادية في المنطقة والقلاقل السياسية في المنطقة وعوامل أخرى تلعب دورها في هذا المجال، منها صغر سوق التأمين في المنطقة وصغر حجم شركات التأمين العاملة فيها ومحدودية رأسمالها مقارنة بالعدد الكبير لهذه الشركات مما أفضى إلى احتدام المنافسة فيما بينها وعدم استقرار أقساط التأمين وضعف المقدرة الاستيعابية للشركات التأمينية التي ما زالت تلعب دورا محدودا في اقتصاديات المنطقة.
ويؤكد المصدر أن شركات التأمين في دول المجلس لديها ارتباط وثيق بأسواق التأمين العالمية ليس فقط من خلال التواجد الكبير لشركات التأمين الأجنبية في السوق المحلية، بل من خلال التدفقات الخارجية الكبيرة لأقساط إعادة التأمين.
وأضاف أنه قبل الشروع في إنشاء شركة التأمين الخليجية لا بد من إعادة النظر في التشريعات والقوانين التي تنظم قطاع التأمين في دول مجلس التعاون, حتى تتواكب مع المتطلبات والمتغيرات الدولية, بهدف خلق بيئة استثمارية واعدة في هذا القطاع، مبينا أن هذه التشريعات والقوانين يجب تتضمن معالجة جذرية لمسألة الملاءة المالية لشركات التأمين من خلال زيادة الحد الأدنى لرأسمال هذه الشركات.
وتتمتع هذه التشريعات بالوضوح والشفافية فيما يتعلق بالمبادئ والتطبيقات، والعمل على توحيد الأحكام في دول المجلس في مجال عمل الأطر التنظيمية وتوفير إمكانيات فنية عالية لها تمكنها من القيام بمهامها بكفاءة عالية. إضافة إلى إعادة النظر في العلاقة بين شركات التأمين وعملائها بحيث يسمح بإعطاء مزيد من الحماية لحاملي بوالص التأمين في ظل الأخطار الكبيرة التي تعمل فيها هذه الشركات.