كتبت ـ هدى عبدالحميد: قال خبراء ومحللون إن مغازلة الولايات المتحدة لأتباع إيران في البحرين والعراق لن يحول دون انقلاب هؤلاء الأتباع عليها حال موفقتها على ضربة عسكرية إسرائيلية أو غربية لإيران، موضحين أن تصريحات سلطنة عمان على لسان الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي، حول مواجهة أمريكية وغربية مع إيران يشير إلى احتمالات متزايدة خصوصاً بعد تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو الذي توقع أن تكون هناك ضربة قبل نهاية العام الجاري. وأضاف الخبراء أن الضربة المتوقع توجيهها من إسرائيل لإيران تحظى بموافقة أمريكا رغم أنها تغازل إيران بشكل غير معلن، مشيرين إلى أن غياب الموقف الواضح لأمريكا من أحداث سوريا وعدم لعبها دوراً لإنهاء مأساة الشعب السوري على غرار ما فعلت في مصر وتونس كان لإرضاء طهران، إذ لم تتحدث عما يجري بسوريا بقدر ما تحدثت عن البحرين رغم أنه لا توجد مقارنة. وأكد الخبراء أنه حال توجيه ضربة لطهران سينقلب أتباعها على واشنطن التي ستخسر حينها كل شيء جراء سياستها المنافقة حيال قضايا المنطقة. وكانت تقارير إعلامية قالت إن إسرائيل تدق طبول الحرب لضرب المواقع النووية الإيرانية، دون موافقة واشنطن، بعد فشل إيران في التوصل إلى تسوية مع القوى الكبرى بخصوص ملفها النووي ما ينذر بمواجهة عسكرية أخرى بين الغرب وطهران”. وتشير المعلومات المتواترة في وسائل الإعلام إلى أن البحرية الأمريكية ضاعفت عدد البوارج والمروحيات لمكافحة الألغام الموجودة في الخليج بهدف الرد على تحرك محتمل لإيران غايته إغلاق مضيق هرمز، في وقت تحلق طائرات أمريكية دون طيار تحلق فوق منشآت إيرانية سرية لرصدها. الهدف التآمري المشترك وقال الكاتب طارق العامر إنه لا يثق في السياسات الأمريكية، مضيفاً “أستشعر أن هناك هدفاً تآمرياً دائماً على الدول العربية من قبل أمريكا وإسرائيل وإيران، يسعون لتحقيق الهدف نفسه والمخططات ذاتها، فهم متفقون في عدائهم للعروبة والخليج وغير متفقين في عداء بعضهم لبعض. ولفت إلى أن تهديدات تل أبيب بضرب أهداف إيرانية سمعناها منذ سنوات، ولم تُسفر سوى عن حالة استنفار في المنطقة، أثرت سلباً على اقتصادها وهزّت أسواقها المالية، وقال “منذ 10 سنوات والأمريكان والإسرائيليون لا يجرؤون على تنفيذ أي تهديد ضد طهران، ما يثبت تلاقي المصالح على زعزعة استقرار الخليج”. وأضاف أن أي أذى يطال منطقة الخليج، نجد أصابع إيران وأمريكا واضحة فيه، مشيراً إلى أن سياسة النفاق الأمريكية غير خافية في تعاطيها مع شؤون المنطقة، فهي لا تحترم تعهداتها ورهينة مصالحها الضيقة. واستشهد العامر بموقف أمريكا من الثورة الليبية، حين قادت حملة الناتو للإطاحة بالقذافي، مع أن جرائم القذافي لم تصل إلى 40% مما يمارسه الأسد ضد شعبه، لافتاً إلى أن الموقف الأمريكي من الثورة السورية، دليل تحالف تآمري أمريكي إسرائيلي إيراني للإبقاء على نظام الأسد الديكتاتوري. وأضاف “من مصلحة إيران وأمريكا أن يظل الأسد حاكماً لسوريا حفظاً لأمن إسرائيل ومصالحها الحيوية”، مشيراً إلى أن وصول نظام آخر قوي، يهدد أمن إسرائيل ومصالح إيران وبالتالي يهدد مصالح أمريكا. وأكد أن الإعلام الأمريكي مزدوج المعايير بشأن قضايا المنطقة، في محاولة لقلب الحقائق وتشويه صورة البحرين في الخارج، بمساندة قنوات الفتنة الإيرانية. تشابك العلاقات الدولية وقال عضو مجلس الشورى الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، إن السياسة متحركة وليست ثابتة، وإن التحولات السياسية تتبدل يوماً بعد يوم، لافتاً إلى أن ما يربط سوريا وإيران وإسرائيل شبكة معقدة من العلاقات والمصالح المتبادلة. وأضاف “مسألة شل مشروع إيران النووي مطروحة على الطاولة، والولايات المتحدة تساوم إيران على عدة أوراق، وكذا حال روسيا في مساومتها للولايات المتحدة”. ولفت إلى أن التهديد بضرب إيران عسكرياً ووقف مشروعها النووي، من ضمن الأوراق المطروحة على الطاولة، وليس من مصلحة إسرائيل أن يسقط نظام الأسد ويُستبدل بنظام إسلامي راديكالي قد يؤثر على أمن إسرائيل ووجودها. وقال إن إسرائيل تعلّمت من التطورات السياسية في مصر، ومحاولات قطع إمدادات الغاز إليها رغم اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين. وتابع “ تأثير سوريا أكبر بكثير لو استبدل نظامها الحالي بآخر إسلامي، فيما ترى روسيا أن تحالفها مع سوريا واستخدامها كورقة مساومة ضد الغرب يؤثر على علاقاتها بإيران”. وأضاف أن إيران لاعب إقليمي مدرك للحراك السياسي بالمنطقة، ولا مانع لديها من استبدال الأسد بنظام عسكري آخر يحفظ علاقاتها الاستراتيجية المتبادلة، على غرار ما حدث في مصر، ومقابل ضمان عدم تعرض منشآتها النووية لضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية. اللاعب الخليجي وأشار عضو الشورى إلى أن الطرف العربي الخليجي في هذه اللعبة الاستراتيجية تحول إلى لاعب أساسي ومحرك للسياسة الإقليمية، بارتباطه بعلاقات مع القوى الكبرى الدولية ومنها الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، ولم يعد مجلس التعاون ورقة مساومة مماثلة للورقة السورية التي ليست محركاً في السياسة الإقليمية، عندما تحولت لورقة تلعب بها كل الأطراف والقوى الإقليمية والدولية. ورد السبب في ذلك إلى أن النظام السوري توقف عن التطور ومتابعة الأحداث العالمية والإقليمية، واعتمد على مبدأ أن السياسة استراتيجية جامدة، ولم يطور النظام سياساته منذ ثمانينات القرن الماضي، وعند اندلاع الأزمة السورية تعامل معها النظام بعقلية الثمانينات دون أن يحسب حساباً للتطورات الدولية التي غيرت مفاهيم اللعبة السياسية والإقليمية، وتحولت المفاهيم العدائية إلى مفاهيم صداقات ومصالح سريعة التغير. وأضاف “كل هذه المعطيات تؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بحرب مقبلة في المنطقة إلا بعد حدوثها”، مشيراً إلى أن إيران لاعب أساس بالمنطقة، ولكنها تتصرف بهستيريا وخوف حيال احتمالات نشوب حرب حقيقية، وتدرك أن من مصلحتها الحفاظ على الوضع القائم دون تغيير، خاصة أن لها تحالفات عربية قوية في سوريا ولبنان والعراق. ولفت إلى أن الهلال الإيراني لن يستمر طويلاً، وإيران تحاول قدر الإمكان أن تبقي الوضع الراهن كما هو عليه، ولكن استمرار الاستفادة من عدم خوض إيران لحرب طيلة 20 عاماً الماضية لن يطول. وقال “يبدو أن إيران تنتقل من مرحلة تحريك خيوط التأثير على الدول العربية الحليفة، إلى التدخل المباشرة في شؤون تلك الدول، ضماناً لاستمرار السيطرة على العراق وسوريا ولبنان”، مشيراً إلى أن التدخل عسكرياً بشؤون هذه الدول يجر إيران إلى أتون صراع إقليمي، وهو ما لا ترغب فيه إيران، على الأقل في مرحلة ما قبل امتلاك السلاح النووي. ودعا دول الخليج إلى التحسب لأي تغيرات استراتيجية في تحالفاتها الدولية، والتعامل مع الاحتمالات الطارئة كلها، ودراسة ممرات تصدير بديلة لمضيق هرمز، مثل البحر الأحمر وخليج العقبة. وأكد ضرورة زيادة الاعتماد على النفط في تطوير البنية العسكرية الخليجية وزيادة فاعلية قوات درع الجزيرة، وتعزيز التعاون العسكري بين دول الخليج العربي في مواجهة إيران، وتفعيل تحالفات مماثلة مع دول إسلامية وعربية تشمل تركيا وباكستان ومصر والأردن ودول أخرى. إيران النووية ورقة ضغط وقال المحلل السياسي الشيخ أحمد حماد الأسعد، إن إسرائيل وأمريكا تهددان بضرب إيران منذ سنوات، لافتاً إلى أن أمريكا والدول الأوربية سهلتا لإيران بناء مفاعل نووي للضغط على دول الخليج. وأكد أن تهديد إسرائيل بضرب إيران ادّعاء فارغ لا أساس له، مضيفاً “لو كانوا جادّين وصادقين لفعلوها منذ سنوات، حين بدأت إيران ببناء مفاعلها النووي”، مثلما فعل الطيران الإسرائيلي بالمفاعل النووي العراقي عام 1981. وأوضح الأسعد أن إحجام إسرائيل عن ضرب إيران ليس خوفاً ورهبة، بل هي لعبة سياسية في المقام الأول، في ظل امتلاك إسرائيل لأحدث صنوف الأسلحة وأكثر فتكاً وتدميراً، والبون الشاسع بين تسليح قواتها وتلك الموجودة لدى الجيش الإيراني، لافتاً إلى أن السبب في صبر الغرب وأمريكا على إيران هو إيجاد ركائز لقوى إقليمية تهدد أمن المنطقة، وإخضاع دولها لقرار واشنطن وسياساتها بعيدة المدى بالتهديد بالعصا الإيرانية. وقال إن إيران لا تستطيع تحمل حرب طويلة الأمد مع قوى عظمى، لأن اقتصادها غير متماسك ويعتمد على النفط اعتماداً كلياً، وتهديد إسرائيل بضربة استباقية لإيران، تحويل لأنظار العالم عمّا يحصل في سوريا. وأضاف أن إسرائيل تبعد عن إيران آلاف الكيلومترات، ولكن سوريا محاذية لها، وأي حكم ديمقراطي في سوريا سيكون ضرره على إسرائيل كبيراً، والحملة الإعلامية الإسرائيلية لضرب أهداف إيرانية نووية خطة صهيونية محكمة للفت الأنظار عن ربيع الثورة السورية، والإبقاء على حكم الأسد أطول فترة ممكنة. وتطرق الأسعد إلى تجاهل أمريكا للوضع السوري، فيما تسعى للتركيز على أحداث البحرين، رافضاً التدخل في شؤونها الداخلية. وأضاف أن قانون المواطنة البحريني جيد بكل المقاييس، ويستند إلى أسس العدالة والمساواة، وتابع “هناك خطة إيرانية تحت غطاء المظلومية الطائفية والدينية لقلب نظام الحكم في البحرين وإتباعها بالقوة إلى إيران، بدليل إعلان أطراف بالمعارضة البحرينية ولاءهم المطلق لإيران”. واعتبر الأسعد الشأن البحريني شأناً خاصاً، وعروبة البحرين لا جدال فيها، والذين يحاولون زعزعة واستقرار البحرين هم أيادٍ للأخطبوط الإيراني.