أكد مراقبون في تصريحات لوكالة أنباء البحرين “بنا” أن التوصية رقم 1722 (ز) ضمن توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ستساهم في توثيق التحقيقات مع الأشخاص الموقوفين بالصوت والصورة حتى يتم اللجوء أو الاستناد إليها لتكون خير معين لتطوير إجراءات الاستجواب والاستدلال، وأوضحوا أن التوصية ستعزز من حقوق الموقوفين وتدحض بنفس الوقت ادعاءات بوجود تعذيب أو إكراه للحصول على اعترافات. وأفضت التوصية رقم 1722 (ز) إلى ضرورة إيجاد تسجيل سمعي ومرئي لكل المقابلات الرسمية مع الأشخاص الموقوفين، حيث تسعى الحكومة جاهدة إلى تنفيذها مع استكمال طلب وتركيب المعدات المتطورة المتخصصة بالتسجيلات السمعية والبصرية لجميع المقابلات الرسمية مع المشتبه بهم والشهود أو الأشخاص المحتجزين. الجدير بالذكر أن الحكومة باشرت فورا في تنفيذ هذه التوصية، حيث أصدر وزير الداخلية أمراً يقضي بضرورة اتخاذ جميع الخطوات اللازمة (طلب وتركيب المعدات) للتسجيلات السمعية والبصرية لجميع المقابلات الرسمية مع المشتبه بهم والشهود أو الأشخاص المحتجزين. وفي 22 ديسمبر 2011 أصدر وزير الداخلية أمراً باتخاذ كافة الخطوات (بما في ذلك طلب شراء المعدات اللازمة) لتمكين إجراء التسجيلات السمعية والبصرية للمقابلات الرسمية مع المشتبه بهم أو الشهود أو الأشخاص المحتجزين. وفي 5 يناير 2012 وافقت وزارة الداخلية على مخطط تفصيلي لتركيب المعدات السمعية والبصرية، بما في ذلك الرسومات الهندسية والشركات الألمانية التي ستقوم بتزويد المعدات التقنية. كما تطرح وزارة الداخلية حالياً مناقصة لاختيار المقاولين لتركيب هذه المعدات الجديدة. علماً بأنه سيتم طلب جميع المعدات اللازمة من جمهورية ألمانيا الاتحادية حال اختيار المقاول المسؤول لعملية التركيب. وسيكون مركز شرطة منطقة الحورة هو أول مركز سيحظى بهذا التغيير. كما تم طلب 60 كاميرا من جمهورية ألمانيا الاتحادية، وتم استلام 20 منها، وتم بدء العمل في مركز الحورة ويتوقع أن يتم الانتهاء منه في الوقت المحدد، أما فيما يتعلق بالمعدات السمعية والمرئية، فسيتم تركيبها في 33 غرفة تحقيق خلال الشهرين المقبلين. وسيتم تصميم غرف التحقيق بـ (زجاج جديد، جدران، أثاث وغيره) بمعدل 5 غرف كل شهر ونصف بهدف إنهاء المشروع في غضون 8 أشهر كحد أقصى. وبالنسبة للتحقيقات في النيابة العامة، أكد النائب العام في 28 فبراير الماضي أن مقر النيابة العامة سيتم تزويده بالأجهزة الفنية اللازمة للتسجيل الصوتي والمرئي من قبل نفس الشركة التي تعاقدت معها وزارة الداخلية. وتم شراء معدات لـ 60 غرفة تحقيق والتي ستكون مزودة بعوازل، ومن المرجح أن يتم إنجاز تلك الأعمال في غضون الشهرين القادمين. وكانت اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة تنفيذ التوصيات حصلت على تفاصيل بالإجراءات التي تمت وبالإجراءات التي ستتخذ مستقبلاً لتنفيذ هذه التوصية. وأكدت اللجنة ضرورة اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتطبيق التوصية بشأن التحقيقات التي تتم في النيابة العامة للموقوفين والمحتجزين، كما وجهت اللجنة سؤالاً إلى الحكومة بشأن التاريخ المتوقع للانتهاء من تركيب جميع الأجهزة، في كل من وزارة الداخلية والنيابة العامة. ضمانة أفضل ومن جهتها، قالت عضو مجلس الشورى والمحامية، رباب العريض إن الغرض من هذه التوصية توثيق الحقائق وتوفير ضمانة أفضل للمتهمين أو الموقوفين. وأضافت: “ستهيئ التوصية الأرضية لتوفير ضمانة قانونية جيدة للمتهمين وتمنح سير التحقيق حيادية أكبر والابتعاد عن أشكال الطعن بالتحقيق ودحض أساليب الضغط والإكراه. وترى العريض أن تقنيات التسجيل السمعي والمرئي للمقابلات مع الموقوفين مستخدمة في الكثير من دول العالم الأخرى وأثبتت جدواها لما توفره من ضمانات لكلا الطرفين النيابة العامة والمتهمين، وبينت أن التوصية لن يعتد فيها أمام القضاء إلا بصدور قانون يحكم عملها وتكون وجوبية. ووصفت عضو الشورى تجاوب الحكومة مع التوصيات بشكل عام ومع هذه التوصية تحديداً بـ “السليم والسريع” في نفس الوقت، ويوحي للآخرين بأن الحكومة والوزارات المعنية تسعى جاهدة بالدفع باتجاه التوجيهات السليمة والتشريعات الشفافة حتى لا يكون هناك أية ضغوطات على الأشخاص الموقوفين لدى النيابة العامة أو الشرطة. دحض الافتراءات وبدوره، قال عضو مجلس النواب، والرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بالمجلس، خميس الرميحي إن التوصية من شأنها أن تعزز من أساليب متابعة التحقيقات أولا بأول منذ لحظة القبض على أي متهم ولغاية الوصول إلى الإجراءات النيابية، كما ستساهم في دحض أي ادعاءات بوجود ممارسات تعذيب أو إكراه للمتهمين لانتزاع اعترافات. وبين الرميحي أن القبول الحكومي للتوصية وتجاوب وزارة الداخلية لها رغم تكلفتها المالية المرتفعة يمثل بحد ذاته دليلاً قاطعاً على عدم وجود ما يمكن أن تخفيه الأجهزة الأمنية أو النيابة العامة، كما يضع حداً لكل إشاعة مغرضة قد تشوه سمعة عمل التحقيقات. وأعرب عن أمله في أن تعزز هذه التوصية حال تطبيقها من شفافية وسلامة التحقيقات التي تجرى مع الأشخاص الموقوفين، وتدعم عمل المحققين بتوافر معدات سمعية ومرئية متطورة في قاعات التحقيق وغرفها الخاصة. وذكر النائب أن هذه التوصية ستعزز من عرى المصداقية في عمل المحققين وتقوي من قرائن الإثبات على الموقوفين دون أن يلجأوا إلى إنكار الأقوال أو الاعترافات، والعكس صحيح. توثيق الجرائم ومن جهته، قال رئيس جمعية الحقوقيين البحرينية، عبدالجبار الطيب إن فكرة التصوير الجنائي مطبقة على نطاق واسع عالمياً كما هو الحال بالولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة وقابلة للتطبيق على مستوى مملكة البحرين، لافتاً إلى أن التصوير عن بعد معتمد بحرينياً مع استجواب الأحداث. ورأى الطيب سلامة أن تطبيق التسجيل السمعي والمرئي بالمملكة يضمن أن يقوم عضو النيابة العامة بإجراء الاستجواب وفق الأصول وحسب ما هو معتمد بقانون الإجراءات الجنائية. وبين أن القيام بتصوير حالات الاستجواب (نيابياً) أو الاستدلال (شرطياً) سيؤدي إلى إضفاء نوع من الشفافية والضمانة القانونية لحقوق المتهمين والتدليل على مدى نزاهة إجراءات الاستجواب، على اعتبار أن التصوير الجنائي سيمنح دليلاً آخر بأن الاستجواب قام وفق الأسس الحقوقية والمعايير الدولية. وذكر الناشط أن التصوير الجنائي يجب أن يتركز بصورة أكبر في حالات الاستدلال بمراكز الشرطة مقارنة مع إجراءات الاستجواب النيابية وذلك مخافة وقوع انتهاكات لحقوق الأفراد. وأوضح الطيب أن هذا النوع من التقنيات أو التسجيل بات ضرورياً في هذا التوقيت بالذات، خاصة فيما يتعلق بتوثيق الجرائم من جنايات وجنح ولضمان حقوق وحريات الموقوفين. وحول سير العمل بتطبيق التوصيات، قال الطيب: “إن الإرادة الملكية الخالصة كانت وما تزال واعية وراغبة بتطبيق توصيات لجنة تقصي الحقائق، والتنفيذ الحكومي جاد جدا في تطبيق التوصيات بحذافيرها وحرفية نصوصها كما هو الحال بتوصيات حوار التوافق الوطني”. ووصف خطوات وزارة الداخلية فيما يخص هذه التوصية بـ “الاتجاه المحمود وليؤكد سرعة التحول إلى مفهوم جديد للديمقراطية وتوثيق حقوق الجميع لمستقبل أفضل”. معالجة الخلل ومن جانبه، قال رئيس جمعية العلاقات العامة فهد الشهابي إن تنفيذ التوصية سيعالج أية مواطن للخلل بإجراءات التحقيق النيابية دون اللجوء إلى حذف بعض الاعترافات أو أية أدلة جنائية. وبين أن تركيب أجهزة التسجيل السمعي والمرئي سيغلق الباب أمام الادعاءات الباطلة بحق النيابة العامة أو مراكز الشرطة، مؤكداً أن النيابة العامة جزء أصيل من القضاء وتتسم بالنزاهة الكاملة. كما ستساهم التوصية، بحسب الشهابي، في تعزيز الصورة المرسومة عن نزاهة القضاء البحريني مع الوصول إلى إجراءات تحقيق نيابية وشرطية دقيقة وموثقة سمعياً ومرئياً. ورأى رئيس جمعية العلاقات العامة أن هنالك رغبة جادة من قبل الحكومة واللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لإصدار تقرير شمولي بالتوصيات منفذة بالكامل، مؤكداً أن الدولة بكل سلطاتها تعمل جاهدة لتنفيذ التوصيات السامية بما ينسجم مع المشروع الإصلاحي وخطى الديمقراطية التي بناها عاهل البلاد المفدى.