يتلقى المديرون في الخليج حالياً رواتب تعادل 7 أضعاف رواتب الموظفين الصغار بصورة عامة، بعدما كان المعدل 5 أضعاف قبل ثلاثة أعوام، وذلك بحسب تقرير أعدته شركة هاي غروب الاستشارية، التي أرجعت أسباب اتساع الفجوة إلى ارتفاع الطلب على مهارات الإدارة المتوسطة وعدم توفر الأعداد الكافية من الموظفين لهذه المناصب.
وحول عوامل اتساع فجوة الأجور، قال مدير الإدارة في شركة هاي غروب الشرق الأوسط فيجاي غاندي في تصريحات لصحيفة "الوطن" السعودية، "شهدت الأعوام الثلاثة الماضية اتساع هذه الفجوة بنسبة 25%، وذلك بسبب تركيز المؤسسات على رواتب الإدارة المتوسطة والعليا دون التركيز على الموظفين الصغار، حيث شهدت كل من عمان والكويت والبحرين أعلى المعدلات لاتساع الفجوة، فيما شهدت دولة قطر أقل هذه المعدلات".
وأضاف "تلقى موظفو الإدارة المتوسطة في السنوات الثلاث الماضية زيادات أجور أعلى من صغار الموظفين بنسبة 5.2%، ما أدى إلى اتساع الفجوة في الأجور، ومن المتوقع أن تستمر الفجوة بالاتساع ما دام هناك ازدياد في الطلب على المواهب وفرص النمو الوظيفي للأفراد".
وبالنسبة للسعودية، أوضح ماجد المعجل، المستشار في مجموعة هاي غروب بالسعودية، أن قطاع البنوك السعودي يشهد أعلى الفروق في الرواتب بين الطبقة الإدارية وطبقة الموظفين، فيما تبقى تلك الفجوة هي الأقل ضمن قطاع البتروكيماويات.
وعزا المعجل ذلك إلى ندرة الكفاءات الإدارية لدى البنوك، الأمر الذي يدفعها إلى استقطاب المهارات عبر دفع رواتب أعلى، أما بالنسبة لقطاع البتروكيماويات، فإن المهندسين والفنيين في المراحل المبتدئة يحصلون على رواتب جيدة، نظراً لحاجة القطاع إلى استقطابهم بحكم أن العمل يتطلب قدراً من الاحترافية في الإنجاز، الأمر الذي يقلص الفجوة في الأجور مع الطبقة الإدارية.
وتستقر معدلات فروق الأجور في بلدان الخليج العربي بين معدلات الدول الغربية من جهة، والدول النامية من جهة أخرى، ففي المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، يتلقى المديرون 4 أضعاف ما يتلقاه مرؤوسوهم، بالمقارنة بمعدل 7 أضعاف في بلدان الخليج العربي، فيما تصل هذه المعدلات إلى 10 أضعاف في مصر والهند.
وقد يعزى سبب اختلاف هذه النسب بين الأسواق الغربية والأسواق النامية إلى اختلاف تكاليف المعيشة بين هذه الأسواق، حيث يتلقى المديرون رواتبهم بحسب التوجهات العالمية، بينما تعتمد رواتب صغار الموظفين على حسابات تكاليف المعيشة، فكلما كانت تكاليف المعيشة أعلى كانت الفجوة أصغر بين رواتب المديرين ومرؤوسيهم.
وتشير أحدث إحصائيات "هاي غروب" المستقاة من بيانات أكثر من نصف مليون موظف في منطقة الخليج العربي إلى وجود زيادة واضحة في الأجور المرتبطة بالتطور الوظيفي كما يوضح فيجاي "تشير بياناتنا إلى توجه المؤسسات إلى دفع أجور أعلى لاستقطاب المواهب النادرة في المستويات الوظيفية الاحترافية والإدارية المتوسطة في منطقة الخليج العربي، كما أنها على استعداد لترقية ومكافأة الموظفين الذين يختارون اغتنام فرص التطور الوظيفي".
ولكن الزيادة في الأجور من أجل استقطاب الإداريين تشوبها محاذير بحسب غاندي، الذي يقول "قد يؤدي ارتفاع الطلب على بعض المناصب المعينة مثل الإدارة المتوسطة إلى رغبة المؤسسات في زيادة الأجور لاستقطاب المواهب المناسبة، ما يؤثر في آخر المطاف سلباً في الأعمال بسبب ارتفاع التكاليف والأجور".
وحول المشكلة الأبرز لدى الشركات في تحديد مستوى أجور الإداريين، أوضح المعجل أن المشكلة الأبرز التي تواجه المؤسسات عند النظر إلى الأجور تكمن في "تقييم الوظائف"، بمعنى أن تستطيع الشركات تحديد الأجر الواجب تقديمه بدقة، وما كان إذا الأجر المقدم يوازي ما ستجنيه المؤسسات في نهاية المطاف من وراء توظيف الإداريين في مواقعهم، فيما يتجه كثير من المؤسسات إلى تقديم رواتب أعلى للاحتفاظ بالإداري، وعدم تسربه، وتلك إشكالية أخرى، إذ لا تستطيع المؤسسات الاستمرار في رفع الرواتب بشكل متواصل.
وبالنسبة للحد من فجوة الرواتب، قدم التقرير بعض الحلول لتقليص الفجوة عبر دعوة الشركات والمؤسسات إلى إعادة موازنة باقات أجور الموظفين عن طريق التركيز على الأجور المرتبطة بالأداء، إلى جانب تقديم منافع مرنة غير مالية، اعتماداً على المجموعة الوظيفية المستهدفة، وكذلك توسيع فوارق الأجور بين أصحاب الأداء العالي وأصحاب الأداء المنخفض لاستغلال الموارد المالية المتاحة بحكمة.
وأوضح غاندي ذلك بقوله "هناك زيادة في عدد المؤسسات التي تستخدم مواردها المالية المحدودة بحكمة أكثر عن طريق استهداف الموظفين المتميزين من أصحاب الأداء العالي، والذين يمتلكون مهارات نادرة، حيث أصبحت شركات القطاع الخاص تبتعد شيئاً فشيئاً عن منهجية منح المكافآت نفسها لجميع الموظفين بالتساوي".