حسن الستري
الزميل الظريف في “الوطن” سلمان طربوش يتندر دائماً بعبارته المشهورة وهو يتجول في أرجاء الصحيفة قائلاً: وهكذا أيها الضمير؟! أجبته، ألا تتفق معي أنه لا يوجد من يراعي ضميره في شهر رمضان، فقال لي بالتأكيد أوافقك.
ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك، جشع التجار خلال موسم الاستعداد للشهر الفضيل، إذ يقومون بإجراء عروض على بعض السلع الغذائية، ورفع أسعار أغلبها على المواطنين بنحو لافت، كما ترتفع أسعار ملابس العيد، مستغلين بذلك حاجة المواطنين للشراء في هذه الفترة الحرجة من العام.
وليت الأمر يقتصر على ذلك فحسب، بل تجد بعض الشركات تطلق إعلانات ترويجية وعروضاً لبضائعها، متضمنة تخفيضات هائلة، ولكنها في الواقع ليست إلا مجرد دعاية، ويذهب المواطن ولا يرى أي تخفيض على الأسعار.
ومن الأمور التي ينعدم فيها الضمير، الإسراف في الطبخ لدى الأُسر، بدرجة تزيد عن الحاجة، ورمي الأكل في سلة المهملات في وقت لا يجد آخرون ما يأكلونه، ناهيكم عن الفقراء في البلدان الأخرى التي دمرتها الحروب والمجاعات، والتي يجب توجيه المساعدات إليهم بدلاً من الإسراف في إعداد وجبات يرمى أكثرها في سلة المهملات.
لكن كل ما ذكرناه جزء يسير أمام اعتبار شهر الطاعة موسماً للتنافس في إعداد الأعمال التلفزيونية، وكأن هناك مخططاً لإبعاد المسلمين عن طاعة الله فيه، وإلا ماذا يفهم من هذا الأمر غير ذلك؟!.
ومن الأمور التي تلاحظ في الشهر الفضيل انتشار غيبة المؤمنين والانشغال بالطرب والسمر بالخيام الرمضانية، وكلها أمور تتنافى مع حرمة شهر رمضان.. شهر الله، وورد النهي عن قول رمضان لوحده، بل يجب قول شهر رمضان، لأن رمضان اسم من أسماء الله.
ومن بركات شهر الله المعظم، أن جعل الله أنفاس الصائمين فيه تسبيحاً، ونومهم فيه عبادة، وقراءة آية من القرآن فيه كمن ختم القرآن في غيره من الشهور، وقد ورد أن الشقي من حُرم غفران الذنوب في هذا الشهر.
وبطبيعة الحال، فإن غفران الذنوب لن يتأتى للصائم إلا إذا كان ورعاً عن المحارم، وهذا أفضل عمل في شهر رمضان كما ورد عن رسولنا الأعظم “ص”.
مراعاة المرء لضميره يجب أن تكون حاضرة في شهر رمضان، لا أن يكون صائماً لا ينال من صيامه إلا الجوع والعطش.
ولسوف يبقى سلمان طربوش يردد كلما التقيته: وهكذا أيها الضمير، مادام الناس هم الناس والأيام هي الأيام، ومادام جشع بعضهم لن ينتهي.