كتب- حسن الستري:

مأساة إنسانية تلك التي تعيشها أسرتان بحرينيتان بمنطقة جدحفص، أصحاب بيت آيل للسقوط هو في الواقع إرث للعائلة، عاشتا فيه جل عمرهما يحتميان بجدرانه المتساقطة، ليستيقظوا على معاناة رحيل أبويهم تاركين المنزل دون أورواق ثبوتية، ليصبح بيتاً في خيال أصحابه فقط، وتصبح العائلتان بلا مأوى. معاناة عائلتا عبدالله القلاف ومكي القلاف، تبدأ من ذاك المنزل الذي تسكنه العائلتان، ويحتوي جداراً يقسمه إلى قسمين قسم يحوي عائلة عبدالله القلاف المكونة من أرملة عبدالله القلاف واثنين من أبنائها المعاقين عقلياً وجسدياً وابنتها المطلقة مع ولدها وابنتها، والقسم الثاني يحوي أرملة مكي القلاف وابنتها.

وبدأنا الحوار مع زهرة القلاف التي قالت “منذ رحيل كفيل الأسرتين، علمنا أن البيت الذي نقطنه بلا أوراق تضمن لنا حقنا في بيتنا، فأصبح المنزل ملك ورثة، ولكن ماذا تستطيع النساء أن تفعل بلا والي ؟!!، حاولنا حينها إخراج وثيقة للمنزل، لكن محاولتنا باءت للفشل، فإمكانياتنا المادية والمعنوية حينها بسيطة، ومعلوماتنا عما تتطلبه هذه القضية سطحية، لا تتناسب وهذه القضية التي تحتاج متابعة في أروقة المحاكم بشكل جدي ومستمر، ناهيك عما تحتاجه من مصاريف لضرورة توكيل محام، وغيرها من أعباء لم يكن في مقدرتنا متابعتها.

وتابعت “في بادئ الأمر، تسلحنا بالصبر والأمل والقناعة للسكن في مثل هذا المنزل الآيل للسقوط، آملين بالفرج القريب، فلم نكن نتخيل أن المدة اللازمة لخروج وثيقة ملكية يمكن أن تصل لـ 10 سنوات، لكن مع مرور السنين، لم نستطع التكيف أكثر للبقاء في هذا المنزل الذي تساقطت حجارته علينا، فلم يعد يوفر لنا الأمن والأمان، لكن ما باليد حيلة، فإمكانياتنا المادية البسيطة التي كانت بالكاد تكفي لسد احتياجاتنا اليومية لا تؤهلنا لا لترميم المنزل، ولا لاستئجار منزل آخر، ورفعنا قضيتنا وأوصلنا رسالتنا لجميع الجهات، حتى الجرائد كتبت معاناتنا، لكن لم نلقى نتيجة غير الألم ومرارة الانتظار”

وأضافت “ساءت حالتنا كثيراً، واستدعتنا الحاجة الملحة إلى هجرانه تنفيذاً لتوجيهات أحد أعضاء المجلس البلدي الشمالي حينما كان في زيارة تفقدية للمساكن المتضررة من الأمطار الغزيرة التي سقطت على ديارنا، إذ أن بيتنا أصبح حاله مماثلاً لحال الشوارع الفائضة من مياه الأمطار، وكان ذلك في ديسمبر 2006، فأرشدنا العضو البلدي إلى ضرورة الخروج الفوري من هذا البيت، ولأننا أفراد عائلة لا نقوى على قيمة الإيجارات الباهظة انتظرنا قليلاً وتريثنا في الأمر حتى اضطرتنا الحاجة والظروف القاهرة إلى النزول ضيوفاً في أحد الفنادق مدة أسبوع، بمساعدة العضو البلدي الذي لم يأل جهداً في مساعدتنا، لكننا رجعنا مجدداً إلى هذا البيت”. واستطردت “ وفي يناير2007، وبسبب الظروف الجوية القارصة التي كانت أقوى منا ومن صبرنا، أقدمت عائلة عبدالله القلاف على استئجار منزل يقع في منطقة الديه، بينما استأجرت عائلة مكي القلاف شقة في جدحفص في شهر أغسطس 2007، وحينها، أبلغنا عضو مجلس البلدي الشمالي أنه لكوننا لا نملك وثيقة ملكية للبيت فإنه يتعذر تقديم أي مساعدة سوى معونة دفع الإيجار مدة أشهر قليلة، في الوقت الذي ما زلنا نحاول فيه استخراج الوثيقة من أروقة المحاكم عن طريق محام تم توكيله من جانب الصندوق الخيري الممثل لمنطقتنا، الذي يتابع القضية بشكل متواصل مع المحامي في المحكمة، لكن الجواب الوحيد الذي نحصل عليه من المحامي هو “أن الجلسة أرجئت”، والمحامي يحضر جلسات المحاكم والجواب الوحيد “ القاضي المعني أرجأ الجلسة إلى جلسة أخرى”، وهكذا ظلت القضية مراوحة محلها ومحفوظة في أدراج التأجيل، كانت أول جلسة على أمل إصدار الوثيقة في شهر فبراير 2008 ثم أرجئت إلى أبريل وبعد ذلك إلى يونيو ثم أكتوبر، ثم يناير 2009 وأبريل 2009 ثم أرجئت الجلسة مرة أخرى حتى بتنا لا نعلم متى أخر موعد للجلسة، وبعد انتهاء الأشهر القليلة التي ساعدنا فيها المجلس البلدي لدفع قيمة الإيجار، أصبح الحال لا يطاق، وإمكانياتنا المادية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم”.

وأردفت “وبسبب عدم وجود وثيقة للمنزل لم نستطع إدراج منزلنا (الآيل) ضمن مشروع البيوت الآيلة وإعادة بنائه بدلاً من تركه هكذا يحتضن قطاع الطرق، إذا تعرض المنزل في شهر نوفمبر 2007 لحادث حريق أتى على جزء كبير من أركانه، ناهيك عن حوادث السرقة التي طالت الأنابيب والأثاث، والآن وبعد مرور 6 سنوات من هجرتنا لمنزلنا؛ استطعنا توكيل محامية على نفقتنا الخاصة حيث عملت جاهدةً على استخراج وثيقة للمنزل والتي ينتظر الحصول عليها قريباً ونعيش الآن على أمل إدراج منزلنا ضمن مشروع البيوت الآيلة للسقوط وإعادة بنائه لتنتهي معاناتنا، إلا أن أمالنا قد خابت بعد معرفتنا أن مشروع بناء البيوت الآيلة السقوط قد انتهى وحل محله قروض بناء، الأمر الذي لا نستطيع معه تحمل هذه القروض بسبب ضعف حالتنا المادية”.

وأشارت زهرة القلاف أن أسرة عبدالله القلاف تتكون من أرملته واثنين من أبنائها المعاقين عقلياً وجسدياً، وابنتها المطلقة مع ولديها، اللذان يسكنان في منزل للإيجار بمنطقة الديه بمبلغ 180 دينار على الرغم أن العائلة لديها طلب في وزارة الإسكان يحمل رقم 517 حيث قامت ابنة عبدالله القلاف بتحويل الطلب من بيت إلى شقة سنة 2003 على أمل الحصول على شقة في فترة قصيرة، كما تم وعدها بذلك بعد ما ساءت أوضاع العائلة، إلا أنه مرت السنوات دون جدوى من الانتظار وتقدمت مؤخراً برسالة لاستعجال الطلب إلا أن شيئاً لم يحدث، بينما تتكون أسرة مكي القلاف من أرملته وابنتها ويسكنان منزل بالإيجار في مدينة جدحفص بمبلغ 150 دينار، بعد انتهاء الأشهر القليلة التي ساعدها فيه المجلس البلدي لدفع قيمة الإيجار، وعلقت أرملة القلاف قائلة: “أصبح الحال لا يطاق، وإمكانياتنا المادية تنتقل من سيئ إلى أسوأ، فإيجار المنزل يستهلك الجزء الأكبر من القدرة المادية لكلا الأسرتين والجزء الأخر يذهب لتكاليف العلاج من الأمراض المزمنة التي يعاني منها كبار السن في كلا الأسرتين حيث أن تكاليف الدواء لأرملة مكي القلاف تتجاوز 150 دينار شهرياً في حين أن معاش ابنة مكي القلاف يبلغ 200 دينار شهرياً، ناهيك عن ضعف الموارد المالية لكلا الأسرتين اللتان تعتمدان بالإساس على إعانة الشؤون والأرامل، والآن زيادة على هذه المصاريف هناك تكاليف المحامية “150 دينار” المكلفة باستخراج وثيقة المنزل، وإضافات أخرى، لقد أوصلنا رسالتنا إلى وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني لمساعدتنا وها نحن نعيش في دوامة الانتظار فقد ضاقت بنا السبل، وأصبحنا نعيش في ضيق مادي ونفسي شديد لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وها نحن برسالتنا هذه نناشد القيادة والمسؤولين وأصحاب الأيادي البيضاء لمساعدتنا واستخراجنا مما نحن فيه من ضيق وألم وكرب”.