كتب - جعفر الديري:

الملاحظ على كثير من الشباب أن حياتهم في شهر رمضان، لا تختلف عن سواها من أيام، سوى في نزر يسير، يتمثل في الصلاة في المسجد، والتحلق حول مائدة شهر رمضان. هذا لا يعني طبعاً أن هناك من الشباب من لا يتخذ شهر رمضان فرصة للإنابة إلى الله تعالى، بالصلاة والدعاء، ويحيي أيامه ولياليه، لكن هؤلاء كانوا قبل شهر رمضان على هذا المنوال، وجاءهم الشهر الفضيل فزادوا فيه. أما أولائك الذين لم يعنوا بالصلاة والدعاء، فنجدهم في شهر رمضان على حالتهم تلك إلا فيما ندر.

رمضان للسمر

إن كثيراً من الشباب، يجدون في ليالي شهر رمضان، فرصة لا تعوّض للسهر والسمر حتى مطلع الفجر. ولا يجدون غضاضة في ذلك، طالما أنهم يحفظون لشهر رمضان حقه. أحد هؤلاء الشباب محمد موسى، الذي يؤكد أن شهر رمضان فرصة للسهر والتجمع مع الشباب، مشيراً إلى أنه ورغم الطقس الحار والكثيف، يجد الشباب من أمثاله الوقت متاحاً للتجمع في مضامير المشي والمتنزهات.

نفس راضية

موسى، لا يجد حرجاً، في السهر طوال الليل، والنوم حتى مطلع الفجر، والسبب أن شهر رمضان يمثل بالنسبة له “فرصة لا تعوض، يتيح لك الالتقاء بالأصدقاء الذين ربما لا تلتقي بهم إلا قليلاً طوال العام، لذلك لا يمكن إضاعة فرصة مثل هذه”. لكن موسى ينفي أيضاً أن يكون مقصراً في إحياء شهر رمضان، فهو يصوم وهذا هو الأهم، كما إنه يمتنع عن أي شيء يخدش صيامه، ويحرص على الصلاة في المسجد، بل إنه يحاول ما أمكنه تجنب غيبة الناس، أو الغلط على أحدهم، وذلك في رأيه يفي بحق الشهر الفضيل، ما يجعله يستمتع بالليل مطمئن البال.

ليال رائعة

ما يذكره موسى، يؤمن به الكثيرون، فإن أجواء رمضان، أجواء خاصة، أمّا لياليه فأجمل ما فيه، خصوصاً متى هبت نسمات عليلة. عندها -وبحسب علي أحمد- تكون ليلة رائعة، يوقف عندها أحمد سيارته، ويقوم بغسلها، بمساعدة أصدقائه.

يؤكد أحمد أن الجلوس ممتع بصحبة الأصدقاء في ليالي شهر رمضان “ثمة شعور رائع لا يمكن وصفه. إنني أتحرق شوقاً، للسهر مع أصدقائي. فما إن أؤدي الصلاة وأتناول فطوري، مع والدي ووالدتي، حتى أهرع إلى الأصدقاء. ولا أبالغ إذ أقول إن هذه الساعات مع الأصدقاء هي أجمل لحظات عمري”.

من المؤكد أن هذا النوع من الشباب، لا يلقى احتراماً من قبل الكثيرين من كبار السن، فشهر رمضان بحسب ما تربوا عليه، هو شهر للعبادة والطاعة وليس للسهر والسمر. وبحسبهم فإن هؤلاء الشباب، يعبرون عن تسيب آبائهم، وعدم إحساسهم بالمسؤولية، وهم أي كبار السن، لا يقبلون بأي عذر للآباء، كالقول بأنهم شباب ومن حقهم الاستمتاع، بحياتهم، فإن أمامهم العام بطوله، وليس معقولاً -في تصورهم- أن تجد المساجد مفتوحة حتى وقت متأخر من الليل، تشكو قلة من يفد إليها، فيما تمتلئ المقاهي والمتنزهات بالشباب؟!.

ذلك ما يجعل الحاج حسن محمود، يضرب كفاً بكف، مقارناً بين الأمس واليوم، حيث كان شهر رمضان شكلاً آخر، منحياً باللائمة على آباء الشباب، مرجعاً عدم اهتمامهم بالشهر الفضيل إلى ضعف آبائهم، لافتاً إلى أن للشدة جانباً إيجابياً أيضاً.

يقول محمود: الشدّة ليست جيدة دائماً، لكنها ضرورية مع مثل هؤلاء، لقد قسى علينا آباؤنا، بلى، لكنهم علمونا الالتزام أيضاً. لم نكن نستطيع مخالفتهم، لذلك كنت تجدنا حريصين على الذهاب إلى المساجد، كما كنا نحرص على زيارة البيوت التي يتلى فيها كتاب الله. بذلك كنا نقضي ليالينا، وليس في السهر والسمر أمام شاشة التلفاز أو لعب “الكيرم” و«البتة”!.