تقضي عشرات الأسر الليبية الفقيرة التي لا مأوى لها، أول شهر رمضان بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي وسط أنقاض مجمع باب العزيزية الذي كان مقر قيادة الزعيم الليبي الراحل.
وقالت سرور الرابطي إحدى المقيمات في المجمع “لا أكاد أصدق: لدينا مأوى ونمضي شهر رمضان في مكان كان في الماضي لا يمكن دخوله”.
وكانت ثكنة باب العزيزية تعتبر رسمياً القاعدة الرئيسية لقيادة العمليات في عهد القذافي حتى تمكن ثوار ليبيا مدعومين من قوات الحلف الأطلسي من دخول الثكنة المحصنة في 23 أغسطس 2011. وبدا المجمع حقلاً شاسعاً من الأنقاض وبنايات منهارة ونفايات متناثرة. وتم إعداد أربعين مسكناً فيه بشكل عشوائي.
وفي أكتوبر وبالتزامن مع اعتقال معمر القذافي وقتله بأيدي الثوار استولت أسرة الرابطي على أحد المنازل التي هجرها أصحابها في المجمع.
وتتألف الأسرة من ثمانية أفراد، ثلاثة منهم يحصلون على مرتبات بسيطة وهي من بين الأسر الأفضل حالاً في منطقة باب العزيزية التي تضم بعض المباني اللائقة مازال الطلاء الحديث طرياً لكنه يكاد يحجب آثار المعارك والحرائق عليها.
وبدت شقوق على بعض مربعات بلاط المنزل الذي أصبحت تسكنه أسرة الرابطي بسبب المتفجرات المستخدمة أثناء الهجوم على باب العزيزية. المنزل واسع دون بذخ وكان يؤوي ضابطاً رفيع المستوى كان يعيش بمحاذاة مقر القذافي.
وتم استبدال زجاج النوافذ المكسور بقطع من البلاستيك الأصفر ووضع باب في حين بقيت فتحات أخرى كما هي.
ولا هواء طبيعي ولا من مكيف لتخفيف درجة حرارة الصيف في طرابلس حيث تبلغ الحرارة حوالي الأربعين درجة.
وتكسب الأسرة بالكاد ما يكفي للقمة العيش ومع ذلك تقول الرابطي وهي تعمل موظفة “نحن سعداء لأن دم الشهداء لم يذهب هباء”.
وتقول أمها زهرة التي تهتم ببعض النعناع والطماطم والفلفل الذي زرعته في المنزل “إنها المرة الأولى التي نحيي فيها رمضان براحة وبلا خوف حتى وإن كنا نعيشه ببساطة”.
وأمضى سكان آخرون في باب العزيزية أقل حظاً من أسرة الرابطي، الشتاء عرضة للبرد والريح وهم اليوم يعانون من الحرارة وسوء تزويدهم بالماء والكهرباء. وتقول أم سيف التي تقيم هنا منذ نحو عام “نريد حلاً، مبادرة صغيرة من الحكومة لمنحنا الأمل”.
ويرتبط منزلها بكابل مع شبكة التيار الكهربائي أما الماء فعلى الأسرة جلبه من خارج المجمع وتخزينه في حاويات من البلاستيك.
وتضيف هذه السيدة التي كانت أسرتها تقيم في السابق مع أسرة زوجها “لكن قبل كل شيء أريد الاستقرار سواء نقلتني الحكومة أو تركتني هنا”.
ويتذكر عبدالسلام الصغير الذي يعيش من ممارسة أعمال ترميم وإصلاح مختلفة “حين وصلنا إلى هنا، كان كل شيء مدمراً”.
وأضاف هذا الأب لطفلين “جمعنا الجثث من الأنقاض ودفناها. ثم أقمنا كابلاتنا الكهربائية وخراطيم مياه وطلينا المنازل التي أقمنا فيها. في البداية لم أكن أنام من شدة الفرح بالحصول على أول منزل خاص بي”. لكن في أجزاء أخرى من باب العزيزية يقيم سكان في ثكنات أصابها ضرر كبير ويرافقون الزوار لمشاهدتها وهم يرددون “نريد حلولاً، وليس وسائل الإعلام”.