^ الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام عن فساد وإهدار للمال العام يبلغ عشرات ملايين الدنانير تصيب شريحة كبيرة من المجتمع بالإحباط، وتشعر القراء والمتابعين بأن هناك خطراً جسيماً يجب استئصاله ومحاسبة المسؤولين عنه والكشف عنهم، حتى لا يتضخم هذا الفساد الذي يلتهم ثروات الوطن والمواطنين. وسواء تعلق الأمر بقضية مستشفى الملك حمد أو قضية (ناقلة الطيران الوطنية) فإن ضرورة الكشف عن الإجراءات التي تمت في معالجة قضية إهدار المال العام لها العديد من الإيجابيات، ومنها: أولاً: تشعر المواطن أن الحكومة حريصة على اجتثاث الفساد والضرب على يد المفسدين، وأنها لا تفرق في هذا السياق بين صغير وكبير، لأن الفساد مهلكة للأمم ومعوق رئيس من معوقات نهضتها وتنميتها. ثانياً: عدم محاسبة المفسدين تعطي انطباعاً عاماً أن الفساد هي اللغة الرائجة والبضاعة الرابحة، وأن من أراد أن يكون ثرياً أو صاحب مكانة مرموقة لا بد أن يكون فاسداً مفسداً ولصاً إذا اقتضت الأحوال، وتلك إشارة سلبية وخطيرة تعمل على تقويض القيم في المجتمعات. ثالثاً: عدم الأخذ على يد المفسدين وعدم تطهير المؤسسات الحكومية منهم يعطي الذريعة لصغار اللصوص أن يعيثوا فساداً دونما وخز لضمائرهم، ودون شعور بانتهاك أخلاقيات المجتمع، بحيث يقول الواحد منهم؛ فليحاسبوا اللصوص الكبار أولاً ليتفرغوا للصغار بعد ذلك! رابعاً: بمحاسبة المسؤولين عن الفساد تقيم الدولة المعادلة الكبرى لاستقرار المجتمع واستقرار النظام، فالعدل دائماً أساس الملك، ولعلنا نتذكر في هذا السياق مقولة الرجل الذي رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه نائماً يتوسد نعليه تحت شجرة في الهواء الطلق دون حراسة مفزعة أو حصون منيعة، فلم يصدق أن هذا الرجل أمير المؤمنين في بداية الأمر، ولما تيقن من المعلومة قال مقولته الخالدة “حكمت فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر”. خامساً: إن محاصرة المفسدين واستبدالهم بالشرفاء هو استكمال لمسيرة جلالة الملك الإصلاحية التي أطلق شرارتها منذ عقد من الزمان، ولا يمكن أن يترافق الإصلاح والفساد، فهما متضادان يعمل أحدهما على إعاقة طريق الآخر، وصحيح أنه لا يخلو مجتمع من المفسدين، لأننا في النهاية نتحدث عن مجتمع إنساني لا ملائكي مثالي، إلا أن إجراءات معاقبة هؤلاء المفسدين تستأصل الفساد من جذوره وتعمل على محاصرته في أضيق نطاق. سادساً: إن إصلاح المؤسسات الحكومية من الفساد يعطي إشارات سياسية هامة لكل طوائف المجتمع البحريني ويحد من جذوة الغضب، خصوصاً في تلك الفترة التي تمر بها مملكة البحرين والتي تحتاج إلى مبادرات وعمليات إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع أكثر من أي وقت مضى. ^ اقتراح.. ما المانع أن تقوم الحكومة بعد أحداث الفساد التي تم الكشف عنها مؤخراً باستحداث هيئة مكافحة الفساد، كما هو الحال في كل من المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية، ويكون لها صلاحيات المراقبة وكشف المفسدين للرأي العام بعد التثبت من إدانتهم، أعتقد أنه إذا أنشئت هذه الهيئة فسيكون لها دور كبير في القضاء على كثير من مظاهر الفساد.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}