^ المبادرة التي أقدمت عليها إحدى الجمعيّات الخيريّة بتخصيص (6) منح دراسية تخليداً لذكرى الفتيات الست اللاتي قضين نحبَهن في أعقاب الحادث المروري المؤلم الذي وقع في سار الشهر الماضي، نقول إن هذه المبادرة تثبت مرةً أخرى قدرة أبناء هذا الوطن الوديع على تجاوز الآلام والصعاب، وتحويل لحظات الحزن والشِّدة إلى ومضات أملٍ وفرحٍ وانتصار على قدر الموت، وذلك بفضل توجههم لإحياء قيم التكافل الاجتماعي، والتراحم والترابط المجتمعي. إن هذه المبادرة أيضاً تستحث كل الغيورين والمخلصين لهذا الوطن على تخليد النجاح، وجعله نبراساً يضيء طريق الأجيال الصاعدة الشابة نحو تحقيق المزيد من الإنجازات الدراسية والعلمية، فالإنسان الناجح في دراسته أو عمله أو في حياته عامةً هو بمثابة الطاقة المتحركة التي يستمد منها الناس الآخرون جسارتهم وعزيمتهم على تحقيق التقدّم والرفاهية في حياتهم، ويستلهمون منه الإرادة الصلبة، والإصرار القوي على مواجهة التحديّات الصعبة والتغلّب عليها. صحيح أن الموت قدرنا جميعاً كبشر، فهو الحقيقة الوحيدة التي لا مفّر من إنكارها، لكن قدر الإنسان أيضاً أن يجتهد في البحث عن أساليب ناجعة للتغلّب على الموت، فإنقاذ أسرة من الجوع، ومساعدة مريض معنوياً على قهر مرضه الفتاك، ومساندة شاب في الابتعاد عن طريق المخدرات، وبث الوعي في صفوف الشباب بالتخلِّي عن أعمال العنف والتوجّه لنشر قيم الخير والطمأنينة والسلم والأمن في ربوع الوطن، كل هذه أمثلة ساطعة تؤكِّد القدرة على دحر الموت. غير أن الموت يتخذ للأسف أشكالاً أخرى أكثر خفيةً ومراوغةً، وقد لا يدركها الكثيرون. فالمرء الذي نذر نفسه أن يقف متفرجاً على وطنٍ يتمزّق أمامه، ويأبى التدخّل بقول كلمة الحق للناس الذين يسعون إلى تشطيره إلى طوائف وفئات متحاربة تتخذ من خطاب الكراهية والبغضاء والانتقام سبيلها الوحيد للاسترزاق والثراء على حساب البسطاء، نقول إن هذا الإنسان وأمثاله حيّ بجسده لكنه ميِّت الضمير، وعاجز عن التأثير في الأحداث، وما يدعو للسخرية حقاً أن ينبري أمثال هؤلاء كي “يحدِّدوا” للآخرين ماذا يكتبون، ويرسمون لهم المواقف التي “يجب” أن يتخذوها؛ يبدو أن ظاهرة الموت تعلِّمنا كيف ينبغي أن نعيش، وفي هذا تكمن برأيي جدليّة الموت والحياة
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}