أكد مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية مايكل بوسنر أن مملكة البحرين باتت اليوم أكثر استقرارا عما كانت عليه قبل عام ونصف، مشيدا بما أبدته حكومة البحرين من شجاعة تحسب لها وتستحق الإشادة بدعوتها الخبير الدولي البروفسور بسيوني وإنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
ووصف بوسنر في كلمة ألقاها خلال جلسة استماع أمام لجنة "توم لانتوس" لحقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي مبادرة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين في هذا الصدد، بأنها كانت مبادرة "رائدة وغير مسبوقة من حيث الصلاحيات المطلقة الممنوحة للجنة التحقيق واستقلاليتها، ولهذا يستحق الملك الثناء والإشادة على مبادرته بإنشاء هذه اللجنة والسماح لهيئة مستقلة بالتدقيق والتحقيق في سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان على نطاق واسع، وتقديم تقرير مفصل بما توصلت إلية من نتائج واستنتاجات".
وأشاد كذلك بقبول ملك البحرين والتزامه بتنفيذ التوصيات الواردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق، وقد بدا ملحوظا أثر تلك المبادرات، حيث شهدت أعمال العنف في البحرين انحسارا ملحوظا هذا الصيف.
ونوه بالخطوات التي اتخذتها الحكومة في سبيل تنفيذ توصيات لجنة بسيوني، خصوصا في الفترة التي سبقت إصدار تقرير اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات في مارس 2012.
وقال إن "الولايات المتحدة تعول على وفاء البحرين بالتزامها بالتطبيق الكلي لجميع التوصيات، وتدرك أن تنفيذ هذه التوصيات سيستغرق وقتا".
وقال إن الحكومة اتخذت عددا من الخطوات المهمة نحو إصلاحات مؤسساتية على المدى الطويل كان من بينها إلغاء سلطة القبض والاعتقال لجهاز الأمن الوطني، صياغة تشريعات تتعلق بالتحقيق والملاحقة القضائية لادعاءات التعذيب، إعداد مسودة مدونة سلوك الشرطة بناء على معايير أفضل الممارسات الدولية.
وأشار إلى أن الحكومة سمحت أيضا لمنظمة الصليب الأحمر بزيارة مراكز الاعتقال، وعملت على إعادة بناء دور العبادة، والعمل مع فريق من الخبراء المؤهلين لتقديم استشارات قانونية حول إصلاح الشرطة والقضاء، وكل هذه بوادر تشير إلى التزام الحكومة بمعالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمة التي شهدتها البحرين.
وتابع قائلا: "إننا نعول على قيام البحرين باتخاذ المزيد من الإجراءات حيال جميع توصيات اللجنة البحرينية المستقلة، التي ستساعد في التأسيس للإصلاح وللمصالحة على المدى الطويل، وأن تضمن للمتهمين في القضايا الجنائية خلال الأزمة محاكمات عادلة وسلسة في محكمة الاستئناف، كما لايزال هناك الكثير مما يمكن عمله للمعالجة من أجل أن تستعيد البحرين مكانتها كدولة رائدة إقليميا في مجال الخدمات الطبية".
وقال إنه لا يمكن النظر إلى وضع البحرين في سياق الربيع العربي، أو المقارنة بالتحولات التي شهدتها أماكن أخرى مثل مصر وتونس وليبيا، لأنه من المهم جدا التعرف على الخصائص التاريخية، والسياسية والتنمية الاقتصادية الفريدة والمميزة لكل بلد من هذه البلدان، ورسم السياسات وفقا ذلك.
وأشار في هذا السياق إلى مقولة للرئيس الأمريكي باراك أوباما يؤكد فيها "أن المجتمعات المستقرة التي تتمتع بالديمقراطية تمثل أفضل الشركاء وأنسب الحلفاء للولايات المتحدة الأمريكية"، للدلالة على أنه لا يوجد مسار واحد أو جدول زمني لإقامة ديمقراطية حقيقية، لكن هناك مجموعة أساسية من المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية، مشيرا كذلك إلى ما قالته وزيرة الخارجية كلينتون مؤخرا "إن الديمقراطية ليست نصوصا دستورية فقط، أو مؤسسات حكومية، ولكن هي عبارة عن مبادئ يجب أن ترسخ في قلوب وعقول الناس".
وأكد مساعد وزيرة الخارجية مايكل بوسنر على أهمية الشراكة مع مملكة البحرين بالنسبة لبلاده وشدد على أن العلاقات الأمريكية البحرينية تكتسب أهمية خاصة في مواجهة التهديدات الإيرانية المتزايدة.
وقال إن البحرين تعد شريكا مهما للولايات المتحدة في منطقة الخليج منذ أمد طويل. فلأكثر من 60 عاما، وطدت الولايات المتحدة علاقات عسكرية وثيقة مع البحرين حيث يتمركز الأسطول الخامس الآن هناك كما تمثل البحرين أحد دعائم استراتيجية الولايات المتحدة للأمن الإقليمي في منطقة الخليج.
وأضاف أن تحالفنا مع البحرين منذ فترة طويلة يستند على تبادل المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية المشتركة. وبسبب هذه العلاقة الاستراتيجية المهمة والمميزة بالذات فقد بذلنا الكثير من الجهد والاهتمام بالبحرين خلال الثمانية عشر شهرا الماضية.
وقال أن المظاهرات العنيفة التي شهدتها البحرين خلال العام الماضي مثلت صدمة للمجتمع البحريني، ومع تضاؤل العنف مؤخرا تسعى البحرين حاليا لاستعادة توازنها، مشيرا إلى أنه يجب على الشركاء والأصدقاء الأوفياء الذين يهمهم مستقبل البحرين، أن يكونوا صادقين وموضوعين في تقييم الأوضاع في البحرين.
وأشار إلى أنه سافر إلى البحرين خمس مرات في الأشهر الـ 18 الماضية، كان آخرها في يونيو، وعقد في كل مرة العديد من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الحكوميين والمحامين والصحفيين وأصحاب المهن الطبية، ومنظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، والعديد من الجمعيات السياسية.
وقال مساعد وزيرة الخارجية مايكل بوسنر إنه على الرغم من الإنجازات الإيجابية التى شهدتها البحرين، إلا أنه خلال زيارته الأخيرة لاحظ وجود مواجهات يومية، غالبا ما تنتهي بأعمال عنف من جانب المتظاهرين، مشيرا إلى أنه تم مؤخرا اكتشاف مواد لصنع قنابل متطورة في منطقة سلماباد ومدينة حمد.
وأكد على الحق في التظاهر الذى تكفله البحرين، لكنه حث في الوقت نفسه جماعة الوفاق وغيرها من الجهات التي تنظم المسيرات أن تضمن أن تبقى هذه المسيرات سلمية، مشيرا في هذا الصدد الى أن حكومة البحرين أعلنت عن دراسة تخصيص أماكن معينة مناسبة لإقامة المظاهرات بعيدا عن وسط العاصمة.
وفيما يتعلق بالحوار في البحرين، نوه بدعوة ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة الى الحوار منذ بدء الأزمة، مشيرا إلى أن أي حوار أو مفاوضات لا يمكن أن تجري إلا بين البحرينيين أنفسهم، وأن الولايات المتحدة الأمريكية، كصديق وشريك لمملكة البحرين، تشجع مختلف مساعي الحوار في البحرين.
ولفت إلى وجود مؤشرات بشأن تقدم البحرين نحو توافق سياسي حول عدد من المسائل كتوزيع الدوائر الانتخابية وسلطات البرلمان، وقال إن بلاده تدعم أي حوار ومفاوضات مجدية لبناء توافق وطني حول مستقبل البحرين السياسي وتقوية وضعها الاقتصادي بما يجعلها دولة مزدهرة وحليفا مستقرا للولايات المتحدة.
وقال إننا ندعم توجه الحكومة، وجميع الجمعيات المدنية والسياسية للجلوس إلى طاولة الحوار من أجل حوار مفتوح وشامل حول المستقبل السياسي، دون أي اشتراطات مسبقة، وفى مناخ من الثقة بين كافة الأطراف.
وأشاد بنجاح التعاون بين اللجنة الثلاثية من أصحاب الأعمال البحرينيين، واتحاد نقابات العمال، ووزارة العمل البحرينية لحل مشكلة إعادة توظيف أكثر من ألفي عامل كانوا قد تركوا أعمالهم وهو ما يعد نموذجا إيجابيا للتعاون البناء وما يمكن ان تستفيد منه البحرين من الحوار.
وقال إنه لمن المشجع أن نشهد نجاح هذه المساعي سواءً على صعيد المخرجات الإيجابية التي حظي بها العمال، وعلى صعيد النهج المتبع للوصول إلى مثل هذه النتائج، من خلال العمل مع مختلف الأطراف على مدى أسابيع من المفاوضات للتوافق على نهج شامل لتقييم الوضع واتخاذ قرارات بشأن هؤلاء الموظفين.
وقال ان الأمن العام وممارسات قوات الأمن هي مسألة أخرى مهيأة لمثل هذا الحوار والتفاوض حيث اتخذت وزارة الداخلية خطوات مشجعة للبدء بإصلاحات مؤسساتية لفتح أبواب المساءلة ودعم مزيد من الاحترافية في الوزارة والتغيير في القيادة الشرطية الذى يقوده رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، الذي تدرج في السلك الأمني، هو أمر مشجع جدا، منوها في هذا الصدد كذلك بخطة وزارة الداخلية لتوظيف 500 شرطي يمثلون كل طوائف المجتمع البحريني، وقال ان بلاده ترحب كذلك بإعلان وزير الداخلية بالبدء في التحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان التى وردت في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
وفي الوقت الذي نوه فيه بقيام حكومة البحرين بفرض معالجات للعمل الشرطي، قال إن بلاده تدين في الوقت ذاته استخدام قنابل المولوتوف الحارقة وأساليب بعض المتظاهرين العنيفة تجاه رجال الشرطة.
وقال إنه من أجل بناء الثقة بين الشرطة والمجتمع هناك حاجة إلى حوار صادق بين قوات الأمن والمجتمعات التي يحافظون على أمنها، ونحن نقترح على حكومة البحرين المبادرة لبناء منتدى أو آلية – قد تستدعي خبرة تقنية خارجية- للحديث حول الأمن العام و الممارسات الشرطية، مشيرا إلى أن مثل هذا الحوار يستلزم تعاون المواطنين، القادة الدينين، ومنظمات المجتمع المدني وأن يبدوا استعدادهم للانخراط في حوار مع الحكومة والشرطة من أجل البدء في إعادة بناء الثقة، التي ستقود إلى استقرار وسلام حقيقيين في المجتمع البحريني.
واختتم مساعد وزيرة الخارجية مايكل بوسنر كلمته بالتأكيد على أن بلاده من منطلق الصداقة مع مملكة البحرين تعمل على تشجيع جميع الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإجراء حوار هادف لتستمر المفاوضات في جو صحي من شأنه أن يرأب الصدع، ويضع البحرين على مسار يؤدي نحو المزيد من الحرية والرخاء لجميع البحرينيين.
وأكد على أن الولايات المتحدة كشريك وصديق للبحرين، على استعداد تام لدعم حكومة وشعب البحرين في سعيهما نحو انطلاق مسارات حوار جاد مثمر وبناء حول مستقبل البلاد.